فى الوقت الذى تطالب فيه الحكومة الشعب بالصبر على الأزمة الاقتصادية والتقشف واتباع سياسة ترشيد النفقات، نجدها تفعل غير ذلك، فبينما يعانى الاقتصاد المصرى من عثراته تقوم الحكومة بزيادة بدل الجلسات لأعضاء البرلمان القادم بما يحمل ميزانية الدولة المتعثرة مبلغا وقدره 349 مليون جنيه، خاصة بعد زيادة عدد أعضاء المجلس إلى 596 عضواً، ففى حين تدعى الدولة أنها لا تستطيع زيادة أجور العاملين بها لمواجهة ارتفاع الأسعار، ولا تستطيع تطوير قطاعات الصحة والتعليم والمرافق نظراً لضيق ذات اليد، بل تهدد بعدم قدرتها على دفع المعاشات للملايين من أصحاب المعاشات والعجائز، نجدها تقر قانوناً بزيادة مكافآت نواب البرلمان القادم لتصل إلى 5 آلاف جنيها شهرياً بالإضافة إلى بدلات حضور الجلسات وبدلات السفر ليحصل النائب على ما لا يقل عن 13 ألف جنيه شهرياً. فى صحة النواب بينما تدور رحى العملية الانتخابية فى مصر بمراحلها المختلفة، نجد أن المرشحين ينفقون آلاف الجنيهات على الدعاية وشراء الأصوات، وهنا يأتى السؤال ماذا سيستفيد هؤلاء من إنفاق الآلاف لشراء مقعد فى البرلمان؟ أول الفوائد التى ستعود على المرشح يضمنها له قانون مجلس النواب رقم 46 لسنة 2014 والذى حدد مكافأة شهرية لعضو البرلمان تقدر ب5 آلاف جنيه شهرياً، وأكد القانون أن اجمالى ما يتقاضاه النائب يجب ألا يزيد على 4 أضعاف هذا المبلغ أى 20 ألف جنيه شهرياً، فى حين أن مكافأة عضو مجلس الشعب السابق كانت 1000 جنيه ومع البدلات والمخصصات الأخرى كان الدخل الشهرى يقدر ب12 ألف جنيه، ومع زيادة أعضاء مجلس النواب إلى 596 بدلاً من 508 أعضاء للمجلس السابق، فمن المتوقع أن تزيد المخصصات المالية لمجلس الشعب بحوالى 349 مليون جنيه توفرها الدولة من خزانتها التى تعانى من العجز المزمن، خاصة ان المشكلة ليست فى المكافأة الشهرية فقط وإنما فى بدلات حضور الجلسات التى كانت تتراوح بين 150 إلى 200 جنيه للجلسة العامة، و100 جنيه لجلسات اللجان الفرعية، والتى قد ترفع دخل العضو لأكثر من ذلك، لكن القانون الجديد ترك للمجلس أمر تحديد قيمة بدل الجلسات، كما حدد القانون مكافأة رئيس المجلس بمجموع ما يتقاضاه رئيس الوزراء، أما راتب الوكيلين فيتساوى مع راتب الوزراء الذى يقدر وفقا لتصريحات المتحد الرسمى باسم مجلس الوزراء ب32 ألف جنيه. واشترط القانون أن يكون عضو المجلس متفرغاً بشكل تام لأداء المهام المخول له القيام بها فى المجلس، حيث يتطلب تمثيل الناخبين بعض الأعباء المالية لذا منحه القانون مكافأة شهرية بالاضافة لبعض الامتيازات الأخرى، حيث كان يحصل النواب سابقا على 10 تأشيرات للحج والعمرة، وتسهيلات فى الحصول على شقق وأراض من وزارة الإسكان وتعيين 5 من أقاربه فى الوظائف العامة، كما نص القانون على منح النائب بدل انتقال كان يحصل عليه النواب نقداً من قبل أو يحصل النائب على تذاكر سفر مجانية بالدرجة الأولى الممتازة بسكك حديد مصر ورحلات الطيران الداخلية مجانا، أما القانون الجديد فقد نص على أن بدل الانتقال يكون من خلال عمل اشتراك للنائب بالدرجة الأولى الممتازة بسكك حديد مصر أو باحدى وسائل المواصلات العامة، أو رحلات الطيران الداخلية دون الحصول على بدل انتقال نقدى، كما نص القانون على حق النائب فى الإقامة بأى فندق على أن يقوم المجلس بسداد قيمة الفواتير، وكل هذه التسهيلات غير محسوبة ضمن الحد الأقصى للمكافأة الشهرية الذى حدده القانون ب20 ألف جنيه. انفصام وقد كان هذا الإجراء من جانب حكومة تطالب شعبها بالتقشف مثاراً للحيرة، فكيف تعانى من عجز الموازنة وتقوم بزيادة مكافأة أعضاء البرلمان الذين زاد عددهم على البرلمانات السابقة، مع منحهم نفس التسهيلات والبدلات والامتيازات التى كان يحصل عليها سابقوهم، وهو ما وصفه البدرى فرغلى عضو مجلس الشعب الأسبق بانفصام فى شخصية الحكومة التى تمارس التقشف والتجويع على الملايين من أبناء الشعب المصرى، لكنها تنفق بسخاء على فئات أخرى، ففى حين ترفض الحكومة تطبيق الحد الأدنى للأجور لأصحاب المعاشات ومنح علاوة ال10% للعاملين فى قطاع الأعمال العام، وترفض تحسين أحوال المصريين المعيشية نجدها تنفق من الخزانة الخاوية على الأغنياء، وأضاف فرغلى أن البرلمانيين الجدد ليسوا فى حاجة إلى المكافآت البرلمانية لأنهم من الأغنياء الذين يملكون الملايين، وهؤلاء فى حاجة للحصانة فقط وليس لعدة آلاف شهريا، فكان على الدولة توفير هذه الملايين لتحسين أحوال الفقراء المعيشية بدلا من توجيهها لمن لا يحتاجونها. جدير بالذكر أن مرشحة مجلس النواب عن دائرة المنتزه أول بالاسكندرية لبنى محمد كانت طالبت بمنع الحصانة وبدل الجلسات عن أعضاء مجلس الشعب، مشيرة إلى أن النائب من المفترض أن يكون خادما للشعب، مع إلغاء المميزات الأخرى كالقروض وغيرها، واكدت أن هذا من شأنه خلق برلمان ناجح يهدف إلى خدمة مصر والمصريين فقط ويحقق العدالة الاجتماعية التى قامت من أجلها ثورتان، ويضمن أن يكون هدف عضو البرلمان هو خدمة الوطن ويمنع التلاعب والتزوير للحصول على تسهيلات بالاستيلاء على الأراضى أو تعيين البعض.