تخوض السعودية، القوة السنية في منطقة الشرق الأوسط، حرباً ضروساً ضد نفوذ إيران الشيعية، خاصة في سوريا واليمن. ففي سوريا، يدعم النظام الحاكم في الرياض حركة التمرد ضد الرئيس السوري بشار الأسد، وأكدت السعودية مراراً أن الأسد هو أساس الصراع السوري، وأنه لا يمكن تخيل أي دور مستقبلي له في سوريا، في الوقت الذي تدعم فيه إيران الأسد بكل ما أوتيت من قوة بشكل مباشر وأيضاً عن طريق حزب الله اللبناني الشيعي. وفي اليمن، وبعد أن انقلب الحوثيون على السلطة الشرعية واستولوا على العاصمة صنعاء وميناء عدن الجنوبي، قادت السعودية تحالفاً عربياً مناهضاً للحوثيين المدعومين من إيران، وشنّ التحالف حملة جوية على الحوثيين منذ مارس الماضي، وبدأت الحرب تؤتي ثمارها أخيراً للتحالف، حيث استعاد عدن من الحوثيين وعاد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إلى الجنوب اليمني، ولكن لا يزال الصراع قائماً، حيث يتم التمهيد حالياً للمعركة الأكبر وهي صنعاء. وبعيداً عن الحرب بالوكالة الدائرة حالياً في الشرق الأوسط بين السعودية وإيران، فإن الطرفين تبادلا التراشق حول الحادث الدموي المأساوي الأخير في جسر الجمرات بمنى، والذي تسبب في مقتل 770 حاجاً وإصابة المئات. وفقاً لنظرية المؤامرة، فقد شنّت الحكومة السعودية هجوماً عنيفاً على إيران، خاصة بعد التصريحات الصادرة عن طهران والتي حمّلت فيها الرياض مسئولية وفاة الحجاج، ومن بينهم أكثر من 170 حاجاً إيرانياً. فقد أبرزت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية تصريحات لمسئول سعودي مكلف بتنظيم تحركات الأفواج الإيرانية، والتي قال فيها إن 300 حاجاً إيرانياً تسببوا في حادث التدافع. وقال المسئول إن الحجاج الإيرانيين تحركوا في اتجاه جسر الجمرات قبل الموعد المحدد لهم، وعادوا في الاتجاه العكسي، مما تسبب في تدافع الحجاج وأسقط هذا العدد الكبير من الضحايا. ورداً على الاتهامات الإيرانية، فإن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير وجّه رسالة شديدة اللهجة إلى القيادة الإيرانية، وقال في مؤتمر صحفي مع نظيره الأمريكي جون كيري في نيويورك،:أعتقد أن إيران يجب أن تتوقف عن لعبة إقحام السياسة في المأساة التي تعرض لها الناس الذين كانوا يؤدون أقدس مهمة دينية، وهي الحج. على الجانب الآخر، وبعيداً عن نظرية المؤامرة، فإن الجانب الإيراني لجأ إلى سياسة الصيد في الماء العكر، وقال المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية على موقعه الرسمي إن السعودية يجب أن تعتذر للأمة الإسلامية وللعائلات المنكوبة وتتحمل المسئولية الكاملة عن الحادث. من جانبه، طالب الرئيس الإيراني حسن روحاني السعودية بالتحقيق في الحادث، ومحاكمة المسئولين عنه. وأشارت تقارير إعلامية إيرانية إلى أن طهران هددت الرياض بملاحقتها أمام المحاكم الدولية، بزعم أن الرياض عاجزة عن تنظيم المشاعر المقدسة التي تجتذب أكثر من مليوني حاج سنوياً.