تعاني نسبة كبيرة من أفراد المجتمع من الحساسية عامة وحساسية الجهاز التنفسي خاصة، وهذه النسبة في تزايد مستمر ليس على مستوى مصر فقط بل على مستوى العالم، فالتغيرات المناخية حول العالم بسبب زيادة حرارة كوكب الأرض واتساع ثقب الأوزون وزيادة التلوث البيئي بسبب الإفراط في استخدام المحروقات، بالإضافة لتغير نمط الحياة بالبعد عن كل ما هو طبيعي واللجوء إلى كل ما هو صناعي، كل هذه العوامل تؤدي إلى زيادة عدد مرضى الحساسية، أما في مصر فيزداد الأمر سوءاً بالتلوث العام من أول حرق قش الأرز إلى أكوام القمامة التي تحاصرنا في كل جانب. يقول الدكتور أحمد الموصلي، استشاري الأنف والأذن والحنجرة: حساسية الأنف ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحساسية الصدر لأنهما جزء من جهاز تنفسي واحد نصفه العلوي هو الأنف والحلق والحنجرة ونصفه السفلي الُشعب والحويصلات الهوائية بالرئة، كما ترتبط حساسية الأنف بحساسية العين بسبب قرب كل منهما للآخر وسهولة تعرض كل منهما لنفس المواد المهيجة والمسببة للحساسية، ومسببات الحساسية في الحقيقة لا حصر لها ويمكن لأي مادة أن تسبب حساسية لأي شخص ولكن بالطبع توجد بعض الأشياء المشهور عنها أن تسبب الحساسية مثل حشرة الفراش (العتة) وهي حشرة لا ترى بالعين المجردة وتوجد في أغطية الأسرة والموكيت والسجاجيد، كما تشكل الحيوانات المنزلية وما يتطاير منها من شعر سبب مهم مثل القطط والكلاب وكذلك العصافير، ومن البديهي التأثير الضار لشرب السجائر والدخان سواء التدخين الإيجابي للشخص نفسه أو التدخين السلبي لأفراد العائلة المحيطين به، كما توجد بعض المأكولات التي قد تسبب الحساسية مثل الموز والمانجو والفراولة ومنتجات الألبان مثل البيض. ويضيف الدكتور أحمد الموصلي: تختلف أعراض الحساسية من شخص لآخر حسب شدة الحساسية وحسب الفصول، فالبعض يعاني بسبب تقلبات الجو في شهور الربيع والخريف، خاصة أثناء الربيع بسبب انتشار حبوب اللقاح الخاصة بالأزهار والبعض يعاني في الشتاء أو الصيف والبعض يعاني طوال العام بغض النظر عن حالة الجو ويشعر المريض بالحكة داخل الأنف وسقف الحلق ونوبات من العطس ورشح وإفرازات مخاطية من خلف الأنف للحلق، أما أسوأ الأعراض فهي انسداد الأنف وما يصاحبه من صداع شديد. ويوضح الدكتور أحمد الموصلي: لا يوجد علاج يقضي على الحساسية حتى يتخلص منها المريض بصفة نهائية ولكن العلاج يمكن السيطرة على أعراض الحساسية والتخلص من مشاكلها، كما أن الالتزام بتناول العلاج لفترة طويلة نسبيا من 1 إلي 3 شهور يمنح المريض راحة عدة شهور إضافية، ويعتمد العلاج على مضادات الهيستامين وهي المادة الأساسية في مشاكل الأنف، بالإضافة لبخاخات الكورتيزون وهي آمنة لدرجة كبيرة لأنها تعمل على الغشاء المبطن للأنف فقط ولا يصل تأثيرها لباقي الجسم ويتوفر الآن أنواع أخرى من البخاخات، وهي عبارة عن محلول من ماء البحر بتركيزات مختلفة وهي أساسية في علاج الحوامل والأطفال. وفي الحقيقة تفاعل الجسم مع مسببات الحساسية لا يختلف في الصغار عن الكبار ولكن توجد اختلافات مهمة في التشخيص والعلاج في صغار السن قد يكون الجهاز المناعي لم يكتمل نموه بعد، خاصة مع الرضاعة الصناعية وسوء التغذية بسبب كثرة المأكولات غير الصحية والمصنعة، ويعاني كثير من الأطفال من تضخم اللوزتين واللحمية، ويلاحظ أن تضخم اللحمية بصفة خاصة يؤدي إلى أعراض تتشابه مع أعراض الحساسية مثل انسداد الأنف والرشح المائي أو المخاطي من الأنف ويكثر في الأطفال الإصابة بنزلات البرد وما يصاحبها من كحة وإفرازات مخاطية بالرئة، وفي هذه الحالة يجب على الطبيب المختص التفرقة بين أعراض اللحمية وأعراض الكحة العادية وبين حساسية الأنف أو حساسية الصدر، أما بالنسبة للعلاج فقد يهمل المريض في تناول علاجه، ولكن بالنسبة للأطفال فيجب تناول العلاج بانتظام كي لا تحدث مضاعفات وتمتد الحساسية من الأنف للصدر. ويضيف الدكتور أحمد الموصلي: توجد بعض أنواع العلاج التي تستخدم أكثر في الصغار عن الكبار والعكس صحيح، فمثلاً الأنواع القديمة من مضادات الحساسية قد تسبب النعاس وهو غير مطلوب في فترة الطفولة ونمو العقل وكذلك بخاخات الكورتيزون لا نلجأ إليها إلا في الضرورة القصوى بالنسبة للأطفال ويوجد بدلاً منها بخاخات ماء البحر وأنواع أخرى من الأقراص التي يمكن مضغها بدلاً من أقراص أو شراب ضد الحساسية، وتشير التقارير الطبية إلي أن نسبة الإصابة بأمراض الحساسية المختلفة تصل إلى 20% وتتوقع الدراسات الطبية أن تصل هذه النسبة إلى 30% عام 2050 وتشكل الحساسية في الأطفال النسبة الأكبر منها، وقد يكون ذلك بسبب الزيادة المطردة في نسبة الملوثات وسهولة تأثر الأطفال بها.