أصبحت ظاهرة التحرش الجنسي فى مصر من المشكلات الاجتماعية المستعصية، وكابوسًا يحيط بالفتيات، ويسبب لهن العديد من الأضرار النفسية والجسدية، فقد أصبحت زيادة انتشارها بصورة مفزعة بين فئة الشباب، وصغار السن أمرًا فى غاية الخطورة، ومسلسلاً يتابع المصريون حلقاته كل يوم، وصارت مادة دسمة للتناول الإعلامي خاصة خلال أيام العيد نظرًا لزيادتها بصورة كبيرة بشوارع العاصمة. وبات من اللافت للنظر أن أغلب من يتم إلقاء القبض عليهم من المتحرشين يكونوا من أهل الأقاليم أو من قاطني العشوائيات ذوي الثقافة المتدنية والحالة الاجتماعية السيئة الأمر، الذى أثار اهتمام العديد من علماء النفس والاجتماع لدراسة الدوافع والأسباب التى تقف وراء هذه الفئة بالتحديد وتجعلهم يقومون بهذه الأفعال دون رادع. فى هذا السياق قالت إجلال حلمى "أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس" إن الفساد الموجود فى المجتمع المصرى انعكس بصورة سلبية على الأخلاق داخل المجتمع وخاصة بين فئة الشباب، مشيرةً إلى أن ظاهرة التحرش الجنسي، التى انتشرت بصورة مفزعة فى الفترة الأخيرة هى من نتاج هذا الفساد المجتمعي والانحلال الأخلاقى. وأضافت "حلمى" ل"بوابة الوفد"، أن بعض الشباب وصل بتفاهة عقله أن يأتى من بعض الأقاليم ليفعل هذه الأفعال المشينة بالأماكن المزدحمة داخل القاهرة مستغلًا الزحام، الذى تمتاز به شوارع وأسواق العاصمة، ومتخذا إياها كنوع من التسلية والترفيه. وأكدت "أستاذ علم الاجتماع" أنه يفعل ذلك بدون خوف من لوم يلحق به من أهله أو أقاربه أوفضيحة تلاحقه، كما يمكن أن يحدث داخل قريته أو منطقته فهو فى القاهرة المترامية الأطراف والتى لايعرفه بها أحد. وأكد جمال فرويز" استشاري الطب النفسي" أن المستوى الثقافي المتدني، وقلة الوعي الفكري لأهل الأقاليم وقاطني العشوائيات، هو السبب وراء ذلك، مضيفًا أن هؤلاء الشباب يستقون ثقافتهم ويكونون بنيتهم الفكرية مما يشاهدونه من الأفلام والمسلسلات، والتى أصبح للبلطجة والعنف الجنسي منها نصيب الأسد. وأشار "فرويز " إلى أن مايقارب من 95% ممن يتم إلقاء القبض عليهم يقومون بهذه الأفعال إما من أهالي الأقاليم، أو من سكان العشوائيات وغيرها من الأماكن التى يتفشى بها الجهل ومدمنو المخدرات. وشدد "استشارى الطب النفسى "على ضرورة نشر الثقافة الجماهيرية والوعى المجتمعى فى هذه المناطق واستعادة الدولة لدورها المفقود فى نشر الثقافة والقيم الغائبة عن المجتمع المصرى منذ فترة كبيرة. وأرجعت أميرة بدران "استشارى علم النفس" السبب الرئيسى والدافع الحقيقى وراء صدور أعمال العنف من قاطنى العشوائيات والأقاليم إلى الشعور بالحرمان، والتهميش والغضب المتزايد تجاه الدولة لشعورهم أنهم مواطنون "درجة تانية". وأضافت "بدران" إلى أن قلة الوعى لدى ساكنى هذه المناطق هو مايولد هذه الأفعال السيئة والتى تؤثر سلبًا على باقى المجتمع ويدفع ثمنها العديد من المواطنين الأبرياء وخاصة المرأة باعتبارها الحلقة الأضعف داخل المجتمع المصرى . وأكدت "استشارى علم النفس" على التأثير السيء التى تضيفه المواد السينمائية ونوعية الأفلام التى انتشرت فى الفترة الأخيرة على سلوك هذه الفئة باعتبارها متنفسهم الوحيد. فيما أكد إبراهيم مجدى "استشارى الطب النفسى" أن أماكن التجمع والزحام داخل القاهرة هى التى تجذب من يقومون بهذه الأفعال نظرًا لسهولة القيام بذلك، وسط الزحام، مشيرًا إلى أن ظاهرة التحرش الجماعى أصبحت ظاهرة تمثل خطرًا حقيقيًا على سلامة شريحة واسعة من المجتمع وهى السيدات. وأعرب "مجدى" عن استيائه من التأثير السلبى الذى تحدثه أفلام البلطجة، والعنف فى الشارع المصرى عمومًا، وخاصة على فئة الشباب مؤكدًا أنها السبب الرئيسى والعامل الأكبر فى انتشار الفساد الأخلاقى والانحلال السلوكى داخل المجتمع المصرى.