حين تعجز العين التى تري ما يؤذيها عن ذكر كل الكلمات القذرة التى يمكن أن يعبر عنها اللسان يكون الأسي والحزن أعمق! ربما أتى عمقه من كونك غاضب من شىء قد يسعد غيرك للأسف.. من كونك مكتوف الأيدى.. من كونك مهموم بجيل من الأبرياء سيفقدوا كثيراً من القيم والأخلاق التى تربينا عليها فلم يعد العيب عيباً ولا المرفوض مرفوضا بل أصبح الإسفاف والإنحلال هو السمة السائدة والعرف الجارى! كليب ساقط هاجمه الجميع ووصفوه بالدعارة الفنية لكونه خليع.. والحقيقة هى أن مخرجه "وائل صديقي" ظل يبحث طويلاً عن تلك " الخلطة السحرية " التى ستجعله يشتهر بين الجماهير العريضة وأخيراً وجدها! تلك الفكرة التى سبق وأن حققت نجاحاً مزهلاً.. تلك الفكرة التى لاقت أستحسانً من غالبية الشعب المصرى.. تلك الفكرة التى جذبت أنتباه الرأى عام.. تلك الفكرة التى حققت أعلى نسب المشاهدة.. هى ذاتها التى حققت ملايين الجنيهات لفيلم "شارع الهرم" و"حلاوة روح".. هى التى أشتهرت من أجلها قناة "فلول".. هى التى جعلت من صافيناز الراقصة الأولى في مصر ومن "علياء المهدي" شخصية عامة بعد أيام من ظهورها عارية.. هى الإسفاف! فهذا هو الذوق العام وهذه هى أسهل الطرق للشهرة في بلد تحتل مواقعه الإباحية رقم واحد في نسب المشاهدة ليصبح "الفجور" هو أسهل الطرق وأقصرها للنجومية والنجاح – كما يسموه أصحابه وكما يسمونا نحن أعداء النجاح!- وشئت أم أبيت هذا هو وطنك الذي تعيش فيه - والذي نتمني له جميعاً النجاح والتقدم لا أعرف صراحةً كيف- وهذا هو الشعب الذي سيحقق التقدم السابق ذكره لا أعرف كذلك كيف!! لم يخطىء حين قالها الفنان العظيم محمد صبحى والكوميديا الحزينة تملأ قلبه "أنا بطالب رئيس الوزراء بتعيين محمد السبكي وزيرً للثقافة!"٬ قالها مكلوم منذ عدة أشهر حزين علي التدنى والإنحطاط الأخلاقي الذي أصابنا٬ قالها بعد أن ربى جيل على يوميات ونيس وفارس بلا جواد ليعلم الأب كيف يكون القدوة والنموذج الحسن لأبناءه ويذكر الوطنى كيف كان مواجهة العدو المحتل! ولكن الفرق شاسع بين هذا وذاك كفرق الحائر بين طريقين أحدهما مضىء والاَخر مظلم! والاَن إلى من فى رأيك ستتوجه باللوم ؟ إلى تلك الساقطة منة كانت أم سلمى والمتهمة بالأساس في عدد من قضايا ممارسة الدعارة والسرقة هل ستتوقع منها أن تتفهم كم كانت مؤذية للنظر – أعتقد أنه كان من باب أدعي ألا تؤذي نفسها "بالمشي البطال" – فإن لم تتردد في أذية نفسها أتطلب منها أن تكون رحيمة بالاَخرين؟! أم إلى ذلك المخرج الذي قالها صريحة "عملت كده عشان أتشهر" بعد أن قضي ثلاثة عشر عاماً يعمل فيهم مخرج مغمور لا يعرفه أحد فبحث عن وسيلة منحطة للشهرة بعد أن وصف نفسه بضحية الأحتكار الفني والمجتمع ؟ أم إلي الأعلام المسئول بالدرجة الأولي عن تغييب وعي المواطن المصرى٬ فلا ينشغل تفكيره سوي بنسب المشاهدة وبالتالي الأعلانات وبالتالي الملايين من الجنيهات المدفوعة رواتب وما دون ذلك فحقاً وصدقاً لا يعنيهم ؟ أم إلى وزير الثقافة العاجز عن تقدير حجم التحدى الذى نواجهه ؟ أم إلى الرقابة التى لا نعرف صراحةً ما هى المعايير الموضوعية التي تراقب بها ما يُسمح وما يُحظر عرضه ؟ أم إلى الشعب الذى يتابع بشغف ولهفة هذا الإسفاف والإنحطاط ؟ من ستلوم ؟