تمثلت مطالب الشعب المصرى خلال ثورتين في إرساء الديمقراطية والعيش والحرية والعدالة الاجتماعية وبعد خلع رئيس وعزل الآخر فى 29 شهراً لم يتم تلبية الكثير من طلبات الشعب حتى الآن. في ظل هذه الأوضاع قد يبدو من الغريب أن نجد أن المؤسسات الكبرى بمصر والتى تمثل رمزا من رموز مصر تقوم على نمط من الإدارة أبسط ما يمكن القول بشأنه أنه مريض من المؤكد أنه سيؤدى لأزمات بل ولكوارث قد تؤثر على كيان المؤسسة وكفاءتها فى عملها، وهذا ما رأيناه فى كثير من المؤسسات الكبيرة، ولكن سنتطرق اليوم لبعض الامثلة لقطاعات أراها حيوية: أولا: أن الركائز الأساسية لأساس المنشأة الوطنية «مصر للطيران» هم: الطيارون والطائرات والمطارات.. هذا أساس المنظومة يتبعها خدمات أخرى وهى آليات فرعية لخدمة العمل. كانت أزمة الطيارين المصريين بشركة مصر للطيران التى وصلت لمرحلة خطيرة أدت إلى استقالات للطيارين المحترمين ومنهم بل أغلبهم أصحاب كفاءات عالية غير متوفرة بالشركات الأجنبية حيث أن كل المسافرين على خطوط مصر للطيران يشهدون بذلك. ولكن الشركة رغم أنها تعلم أيضا بهذه الكفاءات التى تنتمى لمصر للطيران من طياريها إلا أنها مازالت تدير الأوضاع بسياسات غير منطقية، فقد قامت الشركة بوضع لوائح جديدة للطيارين مما أثر على دخلهم وأيضا على عدد ساعات العمل للطيار التى لها معدل عالمى يحصل فيها قائد الطائرة على راحة كافية بين الرحلات. كل هذه اللوائح تعدل كل عام أو كل فترة فى جميع الشركات العالمية لصالح الطيار، ولكن للأسف نجد مصر للطيران الشركة الوحيدة التى تعدل اللائحة بالسالب لكى يقل دخل الطيار ويزيد عبء العمل. ولكن الحمد لله أن المشكلة انتهت على خير وعادت اللائحة القديمة للطيارين وسحبت الاستقالات وعادت المياه لمجاريها والحمد لله. ثانيا: أن الركائز الأساسية لأساس منظومة الآثار هي وجود الأثر بعد قيام علماء الحفائر وأعمال الكشف الأثرى وتحديد المنطقة وما فيها كمزار سياحى والمرشد السياحى العالم بطبيعة وتاريخ الأثر ثم الركيزة الثالثة والأهم وجود السائحين المهتمين بالآثار المصرية. ولكن للأسف عدم الوعى الكافى يعتبر السمة السائدة للادارة وللعاملين فى قطاع الآثار وسأكتفى بحادثة فقط فقد سمعنا مؤخرا عن فوج سياحى قام بزيارة محافظة سوهاج وذهب إلى متحف مشهور من المتاحف الأثرية للزيارة وتغطية برنامج هذه الرحلة لهؤلاء السياح وعند وصولهم قبل ميعاد غلق المتحف بنصف ساعة أصر مدير هذا المتحف على عدم دخول السياح حيث الوقت غير كاف للزيارة. يا للعجب على هذا المدير خاصة أن بعض السياح كبار السن أرادوا الدخول إلى دورة المياه لقضاء الحاجة، إلا أن مدير المتحف أصر على عدم دخول أحد إلا بموافقة كتابية من الوزير المسئول، رغم أن مسئولى الوزارة تحدثوا معه للسماح للسياح بالدخول ولكن للأسف الفشل الذريع المتوفر فى إدارات كثيرة يؤدى إلى خسائر باهظة لمصر. ثالثا: الركائز الأساسية لقناة السويس هم: المرشد والسفينة والقناة الملاحية وهناك فروع أخرى فى الادارة لتخدم على الأسس الأساسية للمنظومة. وهذه الادارات التى ذكرتنى فى عام 1980 كنت أعمل مرشداً بقناة السويس وكانت رسوم عبور السفن تقدر بحمولة السفينة ويضاف إليها خدمات أخرى من ضمنها الارشاد أى عمل المرشد وكان ملاك السفن وشركات الملاحة تدفع مبلغاً إجمالياً لإرشاد السفن من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض وبالعكس عن كل رحلة مبلغ يبدأ بألف دولار. ويزداد طبقا لحمولة السفينة حتى يصل إلى ألفي دولار كسفن كبيرة ولكن للأسف كانت هيئة قناة السويس تحاسب المرشدين طبقا لرؤيتها لتعريفتها لحمولة السفينة وهى تبدأ للسفن الصغيرة حتى 10 آلاف طن مبلغ مرشد الميناء ببورسعيد أو السويس ما يعادل جنيهين عن كل سفينة ولمرشد القناة من بورسعيد للاسماعيلية ما يعادل عشرة جنيهات والمرشد الآخر من الاسماعيلية حتى السويس عشرة جنيهات وتزداد القيمة تدريجيا حتى تصل لأقصى حمولة سفينة يتقاضاها كبير المرشدين هى خمسة جنيهات لمرشد الميناء و75 جنيهاً لمرشد القناة أى مجموع ما تدفعه الهيئة للمرشدين 160 جنيها للحمولات الكبيرة «السوبر» مع أن ما دفعته السفن كمصاريف إرشاد 2100 جنيه بقيمة الدولار سنة 1980 للسفن الصغيرة ويتدرج المبلغ ليصل 4200 جنيه للسفن الكبيرة، وللأسف كنا نطالب بزيادة البريم للسفينة ليزداد دخل المرشد بنسبة لا تزيد على 20% ولكن رفضت الطلبات جملة وتفصيلا وهو ما أدى بكثير من المرشدين بعد تعيينهم وقضاء فترة إلى السعى للعمل بدول الخليج وبعضهم بدول شمال وغرب أفريقيا. وتفقد مصر كفاءة أبنائها بسبب الادارة غير الواعية للأسف. رئيس لجنة الوفد بمدينة العبور