تصاعدت حالة السخط من جانب أصحاب المصانع علي البنوك بسبب عدم قدرة الثانية علي توفير الدولار وتمويل استيراد الخامات ومستلزمات الإنتاج، والتأخر الشديد في فتح الاعتمادات المستندية بالإضافة الي قيام عدة بنوك بزيادة عمولاتها نظير توفير الدولار «إن وجد». حالة السخط لم تقتصر علي قطاع صناعي واحد أو معين وإنما امتدت لتشمل كافة القطاعات الصناعية سواء هندسية أو غذائية أو كيماوية أو حاصلات زراعية وغيرها، صب أصحاب المصانع غضبهم علي البنك المركزي لدرجة أن أحد أصحاب المصانع الكبيرة أكد أن محافظ المركزي لم يجلس قط مع أصحاب المصانع رغم أن الصناعة هي بمثابة العمود الفقري للاقتصاد القومي وهذا لا يحدث في أي دولة في العالم وعلي المحافظ أن يستمع جيدا الي آراء الصناعة والصناع. وأكد مصادر صناعية ل«الوفد» أن البنوك أصبحت شبه عاجزة عن توفير الدولار للمصانع خاصة الصناعات المكلفة والتي تتطلب استيراد خامات تقدر بملايين الدولارات سنويا، وفي مقدمتها صناعات الصلب والمعادن، وقال أحد أصحاب المصانع إن عدم قدرة البنوك علي تمويل استيراد الخامات فتح الباب علي مصراعيه للمستوردين والتجار لاستيراد منتجات نهائية غير المطابقة للمواصفات وهذا ما يحدث في قطاع حديد التسليح، حيث يقوم مستوردون وتجار باستيراد حديد تسليح غير مطابق للمواصفات بأسعار زهيدة لمحاربة المصانع المصرية وتستجيب بعض البنوك لهم وتقوم بفتح اعتمادات مستندية لهم، الأمر الذي أدي الي تراجع معدلات الإنتاج في المصانع بصورة كبيرة وصلت نسبتها في الوقت الحالي الي 50٪ وستتراجع هذه النسبة إذا استمرت البنوك في تجاهل تمويل استيراد خامات مصانع الحديد، خاصة أن أقل مصنع يحتاج الي ملايين الدولارات شهريا لشراء خامات ومستلزمات إنتاج من بيليت وخردة وغيرها. وطالب أحد أصحاب المصانع محافظ البنك المركزي بسرعة إيجاد حلول حاسمة لهذه الأزمة العنيفة علي أن تكون الأولوية القصوي في التمويل للخامات ومستلزمات الإنتاج مع عدم تمويل أي منتجات نهائية لها نظير من المنتج المحلي في مختلف أنواع السلع ومستلزمات الإنتاج، ونوه أحد أصحاب مصانع الصلب بأن المستوردين الحديد استغلوا انخفاض العملة في أوكرانيا وعدم زيادة الأعباء الصناعية هناك مقارنة بمصر وقيام الصين بتقديم دعم تصديري لصناعتها يصل الي 18٪ ولجأوا الي الاستيراد بشكل كبير، في الوقت الذي تتكبد فيه الصناعة أعباء شديدة منها تسديد جمارك علي مدخلات الإنتاج تتراوح نسبتها من 20 الي 25٪ وهو الأمر الذي يدعو الي أن تفكر وزارة المالية في فرض تعريفة جمركية لا تقل نسبتها عن 10٪ علي الحديد المستورد كما يحدث في العديد من دول العالم. وفي قطاع الصناعات الغذائية أكد عدد من صناع الغذاء أن البنوك تتبع سياسة جامدة تفتقد المرونة ولا يعقل أن تقوم بتحصيل عمولات مبالغ فيها جدا وصلت نسبتها الي نحو 4٪ لتوفير الدولار وهو ما يدخل تحت نطاق المضاربة علي الدولار، ونوه منير مسعود عضو المجلس التصديري للصناعات الغذائية بأن سياسات البنوك لابد من تغييرها وفتح باب الحوار مع أصحاب الصناعة والاستماع الي مشاكلهم وحلها حلولا جذرية. أما المهندس علاء البهي رئيس المجلس التصديري للصناعات الغذائية فقد أكد أن تضارب وتقلبات سعر الصرف وعدم استقرار السياسات البنكية واحدة من أهم أسباب تراجع الصادرات في القطاع وغيره من القطاعات الصناعية الأخري، وقال أحد المصدرين الكبار في مصر إن رؤساء البنوك في حاجة الي من يخبرهم بأن القطاع الصناعي والصناع هم الذين «شالوا» البلد في ذروة أزمتها وهم في حاجة الي الدولار ليس لاستيراد الكافيار والاستاكوزا والجمبري ولكن لشراء مستلزمات إنتاج وخامات لتشغيل مصانع مصرية يعمل بها جيوش جرارة من الشباب المصري.