أسوأ ما يمكن أن يتعرض له المبدع هو أن يشعر بالتهميش فى وطنه، خاصة عندما يكون قد ذاق طعم حلاوة النجاح على المستوى العالمى، خاصة إذا كان الفن الذى يقدمه لا ينجب للساحة مبدعين بهذا المستوى بشكل مستمر وسريع لكنك تجد كل عقد من الزمن يخرج واحد أو اثنان على الأكثر بهذا المستوى الرفيع. الفنان الذى نحن بصدد عرض مشكلته هو راقص الباليه الأول فى مصر هانى حسن الذى اشتهر على مستوى العالم ب «زوربا المصرى»، وهو أول فنان فى فن الباليه جاء بعد عبدالمنعم كامل يحمل نفس جينات الموهبة والقدرة على الرقص والإخراج بنفس القدر من الموهبة، صحيح «هانى» لم يصل بعد لما قدمه الراحل الكبير عبدالمنعم كامل فى الإخراج ولكن ربما يكون فى القريب العاجل خليفته كمخرج كما كان خليفته كراقص. هانى حسن الذى تم اختياره في عام 2004 كممثل عن كل أفريقيا للمشاركة ضمن خمسة صوليست «راقصين باليه» يمثلون قارات العالم الخمس لتقديم شخصية زوربا في الأوليمبياد الثقافية التي أقامتها اليونان في 2004. هاني حسن الذى شارك كراقص زائر في العديد من المسارح العالمية منها في باليه «روميو وجولييت» بأوبرا باشكير في روسيا، والكل يعلم أهمية روسيا في عالم الباليه، كما زار إيطاليا وقدم بها العديد من العروض، منها باليه «كارمن»، كما قدم باليه «زوربا» قبل عامين بأوبرا «سان كارلو» بنابولى، كما قدم أيضاً باليه «رودسيوس» قبل ثلاث أعوام، وفي 2001 شارك في «جالا كونسرت» مع أعظم راقص في العالم وهو فلاديمير مالاخو الروسى. ولم تتوقف إبداعات «هاني» عند هذا الحد، بل شارك مع مجموعة من أهم راقصى العالم في تقديم العديد من الباليهات العالمية منهم جوزبى بيكونى، وروبرتو بولو من إيطاليا وخوليو بوكا من الأرجنتين، وسيرجيس ليبرا من إسبانيا، ومنذ أيام طرح «DVD» يضم أشهر راقصى العالم فى الباليه، وكان اسم هانى أحدهم، وهو أمر يليق باسم مصر ويضعها على الخريطة العالمية، هذا جزء من مشواره العالمى. فوجئ هانى حسن بعد عودته من المشاركة مع فرقة أوبرا القاهرة فى إحياء حفل مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى الذى أقيم الشهر الماضى بخطاب من معهد الباليه يقول: «نظراً لعدم الحاجة إليك تم نقلك للعمل موظفاً إدارياً بشئون الطلبة»، هل يتصور أحد هذا الأمر، الكثير كان يتصور أن هانى يمزح وأن الخطاب الموجه له هو خطاب شكر على مشاركته فى حفلات المؤتمر الاقتصادى الذى كانت الدولة بكل مؤسساتها تعمل على نجاحه. والسبب الذى من أجله تم تحويله للعمل الإدارى هو الغياب بدون إذن، رغم أنه قدم للمعهد ورقة من دار الأوبرا تفيد أنه كان متواجداً فى مهمة عمل مع الأوبرا.. أزمة هانى حسن مع إدارة المعهد أو الأكاديمية كانت لها سوابق لأنه أيضاً بعد الحفل الذى شارك فيه بالرقص أمام الرئيس السيسى والرئيس الروسى بوتين فوجئ أيضاً بإدارة المعهد تطلب منه كتابة إجازة عن تلك الأيام، رغم أنه قدم ورقة أيضاً من الأوبرا تفيد أنه كان فى مهمة عمل. عن هذه الأزمة، يقول هانى حسن: أشعر بحالة من اليأس والإحباط خلال الأسابيع الماضية لوجود مشاكل تصور للناس علي أنني لست على المستوي المطلوب والتقليل من مشواري وحبي لعملي بإصدار قرارات تعسفية من مسئولين لنقلي لوظيفة إدارية بعيدة كل البعد عن تخصصي، وسألت نفسي لماذا كل هذا؟.. وبأي سبب؟.. ولكنني لم أجد إجابة سوي أن الدولة أنفقت علي أموالاً كثيرة لكي تؤهلني لكي أكون مدرساً ومصمماً ومخرجاً، وكانت تحضر لي مدرسين أجانب وتدفع لهم كشريان للأجيال القادمة، إلي جانب سفري للخارج لاكتسب مهارات فنية وأكاديمية أفيد بها بلدي، لكي أكون مبدعاً ولتعليم الشباب والطلاب وأنقل خبراتي لهم، ووصلت إلي أن نقلي إلي الأعمال الإدارية بالنسبة لشخص مثلي يمثل إهداراً للمال العام. وأضاف «هانى»: التحقت بالمعهد فى عام 2011 باعتبارى من العشرة الأوائل والآن يريدون أن يحولونى إلى موظف بقرار إدارى لأننى شاركت فى حفل المؤتمر الاقتصادى نظراً لعدم الحاجة إلى كما يقول القرار. وأضاف «هانى»: عندى فصول خاصة بى بالمعهد وطلابى دخلوا امتحان «الميد تيرم» وسوف يفاجئون فى التيرم الثانى بمدرس آخر، كما أننى شاركت فى الاتفاقات الدولية التى وقعها المعهد مع روسيا وكنت ضمن وفد ضم نائب رئيس الأكاديمية وبعض الأساتذة، وهناك استطعت أن أقوم بعمل بروتوكولات كمنح، ومؤخراً وافقوا يوم 24 نوفمبر على رسالة الماجستير. وأضاف «هانى»: اعتبر نفسي مصنعاً لتقديم المواهب وأنفق عليّ الكثير في صورة خبراء أجانب وسفر للخارج من أجل تقديم أجيال، فجأة أجد نفسى بره.. وقال: أنا معين من 2011 وتم تكريمى بالمعهد فى 2014 وتحولت إلى موظف فى 2015، وهى إهانة لكل مبدع وليس لى أنا فقط، خاصة أن القرار ضم 6 أسماء أخرى غيرى.. الطلاب كانوا يعتبروننى قدوة وليس مجرد مدرس، كما كنا ننظر لعبدالمنعم كامل. وقال «هانى»: تقدمت بشكوى لوزير الثقافة عبدالواحد النبوى منذ صدور القرار لأن المعهد يتبع الوزارة، كما أن الأوبرا التى شاركت معها فى الحفلات تتبع الوزارة ولم يصدر قرار منه حتى الآن. وأضاف «هانى»: حتى لو كنت قد تغيبت لأسباب أخرى يكون هذا هو مصيرى من المعهد الذى التحقت به وأنا طفل عمرى 9 سنوات، ثم أن هناك منحاً تفرغ تمنح لمن هم وصلوا لمرحلة معينة من النبوغ، وأنا لم أطلب هذا لكن هناك أساتذة حصلوا عليها وأنا بالنسبة لهم أصغر سناً، لكننى لست أقل منهم من حيث الكفاءة المهنية، ومشوارى يدل على هذا. وأنهى «هانى» كلامه: قررت أن أبيع الشهادات التى حصلت عليها على الرصيف إذا لم يتم إنصافى.