كان من الممكن أن تكون الدعوة لعقد المؤتمر الاقتصادي العالمي الذي دعا إليه الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك السعودية.. لدعم مصر مجرد دعوة عادية لمؤتمر اقتصادي، لكن القيادة المصرية أرادت أن يكون هذا المؤتمر رسولاً للعالم لإرسال العديد من الرسائل عن مصر، تهدف جميعها لوضع مصر علي خريطة الاستثمارات العالمية، من خلال تحقيق التنمية المستدامة وإعادة تقديم مصر للعالم كواجهة للاستثمار.لذلك تم وضع استراتيجية تتضمن عدة أوجه تسعي من خلالها الحكومة لخفض الدين العام، وتطبيق عدد من الإصلاحات الخاصة بإدارة موازنة الدولة، وأهمها عمليات الإصلاح الاقتصادي من خلال مجموعة القرارات الصعبة التي اتخذت واحتاجت لجهد رهيب، وتخطيط دقيق، علي جميع الأصعدة.. وكان المؤتمر الاقتصادي فرصة لتعريف العالم بهذا الجهد، وإطلاعه علي مخططات الإصلاح، وأيضا التأكيد علي إصرار القيادة علي الاستمرار في الإصلاح مهما كانت العقبات. وجاء القرار بتشكيل لجنة وزارية علي أعلي مستوي للخروج بهذا المؤتمر بالصورة اللائقة بقيمة ومكانة مصر، ومن ضمن الوزراء المشاركين في اللجنة الوزارية كانت الدكتورة نجلاء الأهواني.. وزيرة التعاون الدولي، والتي تعد إحدي الشخصيات المحورية الفاعلة والضرورية لإنجاح المؤتمر. وكان لنا هذا اللقاء مع «مهندسة المؤتمر الاقتصادي» كما يلقبونها الدكتورة نجلاء الأهواني. وكان سؤالنا الأول عن سبب اختيار شرم الشيخ لعقد المؤتمر؟ - مدينة شرم الشيخ مدينة سياحية عالمية.. ومجهزة لمثل هذه المؤتمرات خاصة أن هذا المؤتمر يعتبر الأكبر والأهم علي مستوي كافة المؤتمرات التي عقدت في مصر.. بالإضافة إلى أن انعقاد المؤتمر في شرم الشيخ يرسل رسالة خاصة جداً عن الأمن في سيناء والنجاح في القضاء علي الإرهاب، بالإضافة إلى أن شرم الشيخ واحدة من أجمل مدن العالم والتطوير والتجهيز الذي تم خلال الثلاثة أشهر الماضية جعلها من أوائل المدن العالمية علي الخريطة السياحية، وهذا كان صعباً تطبيقه في العاصمة المزدحمة جداً. كم دولة ستشارك في المؤتمر؟ - حوالى 120 دولة من مختلف قارات العالم من بينها دول عربية وأفريقية وأوروبية وآسيوية ومن الأمريكتين، بالإضافة إلى 23 منظمة إقليمية ودولية، أكدت مشاركتها فى المؤتمر على مستوى رفيع، فضلاً عن المشاركة الكثيفة المتوقعة من جانب الشركات العالمية الكبرى، بالإضافة إلى مشاركة المنتدى الاقتصادى العالمى (منتدى دافوس). هذا بخلاف الوفود الرسمية من الدول بين مستوى رؤساء الدول والملوك ورؤساء الحكومات وبين المستوى الوزارى والسفراء المعتمدين بالقاهرة. والاتحاد الأوروبى والصندوق العالمى للتنمية والكوميسا الذين أكدوا حرصهم على المشاركة، بالإضافة إلى العديد من المنظمات الدولية والإقليمية قد أكدت مشاركتها وعلى رأسها الدولى للاتصالات ومنظمة الأغذية والزراعة والصندوق العالمى للتنمية الزراعية والبنك الدولى وصندوق النقد الدولى وبنك الاستثمار الأوروبى والبنك الأوروبى للإعمار والتنمية والمفوضية الأوروبية وجامعة الدول العربية وبنك التنمية الأفريقى والاتحاد من أجل المتوسط، وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائى والاتحاد الدولى للاتصالات ومنظمة اليونيدو والصندوق الكويتى للتنمية وصندوق النقد العربى والصندوق العربى للإنماء. وقد وصلت التأكيدات لحضور المؤتمر لأكثر من 1800 شخصية، و25 وفداً رسمياً، وسوف يتحدث ما يقرب من 86 متحدثاً. أكدتم في أكثر من مؤتمر حرص الحكومة علي إرسال رسائل للعالم من خلال المؤتمر.. فما هذه الرسائل، وما المستهدف منها؟ - المؤتمر وحده ليس كافياً لتحقيق التنمية التي يطمح إليها المصريون لكنه بداية للانطلاق للعالمية، وتتويج لمجهودات كبيرة جداً وخطة إصلاحية تم الإعداد لها والإعلان عنها وتنفيذ جزء كبير منها.. والمؤتمر يستهدف إرسال العديد من الرسائل ليس علي المستوي العالمي فقط لكن هناك أيضا المستوي المحلي. علي المستوي العالمي سنقدم من خلال المؤتمر رؤية واضحة واقعية لتنمية الاقتصاد المصري خلال السنوات القليلة القادمة، وعرض لخطة العمل المحددة لكيفية تحقيق النمو, وعلي المستوي المحلي سوف نرسل رسالة للشعب المصري نوضح من خلالها كيف تساهم البرامج التي تطلقها قطاعات الحكومة المختلفة، ومشروعاتها الضخمة لتحقيق طموحات المواطن وتحسين مستواه المعيشي، وعرض الخطط العاملة علي تحسين حياة الشرائح الأكثر فقراً في المجتمع من خلال مشروعات الإسكان والصحة والتعليم، خاصة أن معدلات النمو التي كانت تحقق قبل الثورة لم يكن يستفيد بها كل أبناء الشعب المصري، لذلك فخطتنا الحالية تهدف لاستفادة كل المصريين من ارتفاع معدلات النمو دون إقصاء أو استبعاد لأحد. وماذا عن رسائلكم لسوق الاستثمار العالمي؟ - هذا المؤتمر يستهدف إرسال رسالة لمجتمع الاستثمار العالمي لتوضيح فرص الاستثمار في مصر واستعراضها علي جميع المستويات وفي كل القطاعات، وتقديم المشروعات القابلة للاستثمار مدعومة ببرنامج حكومي محدد لتقديم جميع التسهيلات للمستثمرين، من خلال تسهيل الإجراءات وإزالة المعوقات البيروقراطية والتشريعية أمام جذب الاستثمارات، وبالطبع هناك رسالة أخري قوية للقطاع الخاص مفادها تقديم المشروعات الجديدة، والتأكيد علي التزام الحكومة بتطوير البنية التحتية في القطاعات الرئيسية وخاصة قطاعي النقل والطاقة. هذا يعني ترحيبك بقانون الاستثمار الجديد؟ - هذا شيء أكيد فوجود مثل هذا القانون وحرص الرئيس علي صدوره قبل المؤتمر تأكيد علي اختفائه علي كافة المواد والبنود التي من شأنها تذليل كافة العقبات أمام المستثمرين، وحل كافة المشاكل التي كانت دوماً سبباً في هروب الاستثمارات، خاصة تطبيق نظام الشباك الواحد، وتخصيص الأراضي، وتحديد كيفية التخارج من السوق بنفس القدر من السهولة التي توافرت للدخول، مع أقل الأضرار للمستثمر وفي نفس الوقت حفظ حقوق الدولة. ماذا عن الإصلاحات التشريعية والاقتصادية التي تمت لتحقيق معدلات النمو المطلوبة؟ - سعت الحكومة خلال الفترة الماضية إلي تطبيق استراتيجية جديدة تهدف لخفض الدين العام من خلال حزمة من الإصلاحات أهمها الإصلاحات الضريبية التي تستهدف توسيع القاعدة الضريبية، وكذلك ترشيد الإنفاق العام،وتطبيق الإصلاحات الخاصة بإدارة موارد الدولة، بخلاف عدة القرارات التي استهدفت القضاء علي سوق الصرف الموازية وضبط السوق الرسمي، ويمكن للجميع أن يلاحظ مجموعة القرارات الصعبة التي اتخذتها الدولة الفترة الماضية مثل إعادة هيكلة دعم الطاقة، وصدور قوانين جديدة مثل قانون التعدين والتمويل للمشروعات متناهية الصغر، وقانون الطاقة المتجددة وغيرها من القوانين والقرارات الإصلاحية. بالإضافة لقوانين أخري سوف يعلن عنها قريباً مثل قوانين المناطق الاقتصادية الخاصة، والكهرباء، والشركات، وسوق المال، بالإضافة لتأسيس المجلس الأعلي للاستثمار والمستهدف تحفيز الاستثمارات وجذب المزيد منها. فما أهم المشروعات التي ستعرض بالمؤتمر؟ وكم عدد المشروعات التي تم الموافقة عليها نهائيا؟ - هناك 10 قطاعات تم الاتفاق علي أهمية عرضها لمشروعاتها فى المؤتمر الاقتصادى، وستكون لديها فرص استثمارية ولديها القدرة على تسويقها والعمل عليها مع المستثمرين، وقد بلغ عدد المشروعات الجاهزة 36 مشروعاً، منها 22 مشروعاً حكومياً و7 مشروعات من القطاع الخاص، و7 شراكات بين القطاعين العام والخاص. وماذا عن التسويات للنزاعات القائمة مع بعض المستثمرين؟ - نجحت لجنة تسوية المنازعات برئاسة رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، والتي تشرف عليها وزارة التعاون الدولى، فى تسوية 14 منازعة من أصل 25 مطروحة أمام اللجنة ومن أهم تلك المنازعات التى تم تسويتها مؤخراً هى منازعة المستثمر الإماراتى عمر الفطيم مالك كايرو فستيفال سيتى»، والمنازعة الثانية مع شركة سوناطراك، والتى يملكها مستثمر أردنى الجنسية، كانت له ثلاث منازعات مع وزارات المالية والنقل والبترول، بالإضافة إلى حل ثلاث منازعات وسيتم تسوية باقي المنازعات الباقية عقب المؤتمر الاقتصادى. وترجع أهمية حل تلك المنازعات إلى تفادى لجوء المستثمرين للقضاء أو التحكيم الدولى، فضلاً عن إعادة عمل المشروع، مما يوفر فرص عمل للشباب وتوفير مناخ الاستثمار فى مصر.