هدد مجلس النواب الأمريكى والمحسوب على حزب الجمهوري، الرئيس الأمريكى باراك أوباما أمس، بمنع المساعدات الخارجية، إذا لم تقدم الولاياتالمتحدة دعما ماديا وعسكريا لمصر فى حربها ضد الإرهاب. كما انتقد المجلس من خلال النائبة الجمهورية – كاى جرانجر- رئيسة اللجنة الفرعية للمخصصات المالية للعمليات الخارجية بمجلس النواب، سياسة البيت الأبيض فى مواجهة الجماعات الإرهابية المتطرفة، وعلى رأسها داعش، مطالبة البيت الأبيض بالإفراج عن الأسلحة التى تحتاجها مصر، والتى كانت قد دفعت ثمنها بالفعل سابقا. ورصدت "بوابة الوفد"، آراء عدد من خبراء السياسية والاستراتيجيين، عما إذا كان هذا التهديد قد يؤدى لتخلى الولاياتالمتحدة عن دعمها للتنظيمات الإرهابية بشكل عام، والإخوان فى مصر بشكل خاص، أم أن هذا التهديد لتحقيق مصالح أمريكية خفية. فقال الدكتور سعيد اللاوندى، خبير العلاقات الدولية، بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن موقف الولاياتالمتحدة بعد هذا التهديد يبدو متناقضا، مما يثير الشك فى مدى مصداقيته. وأضاف اللاوندى، أن الولاياتالمتحدة داعمة لقوات داعش فى ليبيا، والكونجرس الأمريكى يؤيد سياسة أوباما "قلبا وقالبا"، مؤكدا أن المعروف عن الولاياتالمتحدة هى أنها ضد الشعوب العربية وتقدمها وهدوئها بشكل عام. وأشار خبير العلاقات الدولية، إلى أن دوما ما كان حزب الجمهوريين معاديا للحزب الديمقراطى الذى ينتمى له باراك أوباما، لافتا إلى أن هذا التهديد ربما يكون أساس الإفصاح عنه أن يكون نكاية فى حزب الديمقراطيين ليس إلا، قائلا "أوباما نسخة مصغرة من جورج بوش الإبن". وفى سياق متصل، أوضح الدكتور جهاد عودة، المحلل السياسى، أن الرئيس الأمريكى له استراتيجية مختلفة عن حزب الجمهوريين، المهتمين بالإرهاب فى الشرق الأوسط، والذين يرون أن مصر هى معقل الاستقرار فى المنطقة، ولابد أن يكونى لها شأن مهم. وأضاف عودة، أن هذا التهديد ربما لا يكون له فعالية على أرض الواقع، بينما يكون المغزى الحقيقى له، هو أن أجهزة صنع القرار الخارجى للولايات المتحدة باتت تفضل مصر، والتعاون مع الرئيس عبد الفتاح السيىسى؛ لأنه جاد فى محاربة الإرهاب، لافتا إلى أن هذا التهديد ربما لمحالة فرض شروط على أوباما فى "لحظاته الأخيرة" فى الحكم. وأكد المحلل السياسى، على أن التغيير الحقيقى للسياسة الأمريكية سيتحقق عند رحيل أوباما، بينما إلى الآن مازالت الولاياتالمتحدة تتعاون مع تنظيم الإخوان، ولها علاقات خفية بتنظيم داعش، وبعض الجماعات الإرهابية الأخرى. أما عن مطالبة مجلس النواب للبيت الأبيض بالإفراج عن السلاح المصرى، بالإضافة لمد الأكراد العراقيين بالسلاح، فقال عودة أن هذه هى استراتيجية حزب الجمهوريين، وهى الاهتمام بالأكراد والحفاظ عليهم كمنطقة مستقلة استقلال ذاتى، مؤكدا أن تهديد مجلس النواب لأوباما أمر متوقع، طارحا سؤال على القيادة المصرية "كيف سيتم استخدام هذا التهديد بشكل فعال لصالح مصر؟" فيما أعرب الدكتور أحمد دراج، عضو الجمعية الوطنية للتغير، عن أمنياته بأن يكون دعم مصر ضد الإرهاب هو توجه الإدارة الأمريكية بشكل عام، وأن يكون لهذا التهديد مصداقية. وأضاف دراج، أن مجلس النواب له حق فى انتقاد سياسة البيت الأبيض، كما أن مطالبته بمد مصر بالأسلحة يعتبر أمرا "منطقيا"، مؤكدا وجود خطأ وانقسامات فى الإدراة الأمريكية ذاتها، فمنهم من يدعم الإرهاب والجماعات المتطرفة، والأخرى تريد دعم مصر لمواجهته. ولفت دراج، إلى أن مطالبة البيت الأبيض بتسليح الأكراد العراقيين، يدعم عملية انفصال الكرد عن العراق، بغرض تفتيت المنطقة العربية، قائلا "حتى وأمريكا تحاول مكافحة الإرهاب فهى أيضا تبحث عن مصالحها". وعلى صعيد آخر، بين اللواء نبيل فؤاد، الخبير العسكرى، أن هناك صراعا بين الحزبين الجمهورى والديمقراطى الذى ينتمى له أوباما، وهذا التهديد يعتبر ضغطا عليه حتى يرضخ لتنفيذ مصالح لهم، مؤكدا أنه ليس بالضرورة أن ينفذ أوباما ما طلبه مجلس النواب منه. وأضاف فؤاد، أن هذا التهديد نابع من صراعات داخلية بين الحزبين، تستخدم فيها مصالح الدول المختلفة كورقة ضغط على الرئيس لتنفيذ مصالح خاصة، لافتا إلى أن السياسة الخارجية الأمريكية مخططة وليست افتعالية. وأكد الخبير العسكرى، أن الولاياتالمتحدة دولة مؤسسات بصرف النظر عما يشاع حولها، والمسئول بها لا يأخذ قرارًا منفردًا أو يكون القرار ناتج عن الضغط عليه، لافتا إلى أن هذا الضغط لن يجدى ولن يحقق أهدافه. وفى السياق ذاته، أوضح اللواء حسام سويلم، الخبير الاستراتيجى، أن مصر بالفعل دفعت للولايات المتحدة حق 12 طائرة إف 16، بالإضافة إلى عدة أنواع للدبابات وعدد من طائرات الأباتشى. وأكد سويلم أن هذا التهديد يعتبر ضغطا من الحزب الجمهورى ضد أوباما، للإفراج عن الأسلحة المصرية التى كان من المفترض أن تتسلمها مصر منذ 2012، معربا عن اعتقاده بأن أوباما لن يتخذ أى إجراء نتيجة لهذا التهديد ولن يستجيب. وأشار سويلم، إلى أن الولاياتالمتحدة غير جادة فى محاربة تنظيم داعش الإرهابى، لأنها هى من خلقتهم وهى التى ترعاهم أيضا، موضحا أن تهديد مجلس النواب لأوباما جاء لأن موقفه "مايع" وغير مفهوم.