القمة الاقتصادية أمل مصر فى جذب استثمارات متنوعة وكثيفة توفر فرص عمالة وتُحدث رواجاً فى الأسواق. لذا فإن جهود الحكومة والقطاع الخاص تتفق فى تكثيف الترويج للقمة باعتبارها مجال عرض مشروعات وفرص استثمارية واعدة. وعلى غير المُعتاد، فإن هُناك ثلاثة عوامل جذب تجعل من مصر المكان الأكثر فرصاً للأعمال خلال السنوات القليلة القادمة أولها الاضطرابات الجارية فى كثير من البلدان المحيطة والتى تُعيد توجيه استثمارات عملاقة كانت موجهة لدول ما ثم تعطلت بسبب حالة اللااستقرار فى تلك الدول. ثانى العوامل أن مصر لديها أكبر سوق تجارى فى العالم العربى، وأفريقيا، والذى يزيد عدد سكانه على 90 مليون نسمة، فضلاً عن ارتباطها باتفاقات تجارة حرة بأسواق أخرى مثل الاتحاد الأوروبى والكوميسا وأغادير والدول العربية يزيد قوامها على مليار و600 مليون نسمة. ثالث العوامل أن أداء الحكومة المصرية بشقه الاقتصادى على مدى الشهور الستة الماضية جاء أكثر إيجابية مما كان متوقعا، وهو ما دفع مؤسسة «مورجان ستانلى» إلى اعتبار مصر أفضل سوق يحقق عوائد فى العالم خلال عام 2015. كان كُل ذلك حديثا مُعتادًا لدى مجلس الأعمال المصرى اللبنانى الذى انعقد فى بيروت مطلع الأسبوع الحالى رافعاً شعار «شركاء فى جذب الاستثمارات». كان وفد اقتصادي ترأسه منير فخرى عبدالنور وزير التجارة والصناعة، وشارك فيه أشرف سالمان، وزير الاستثمار، قد انطلق إلى العاصمة بيروت للترويج للقمة الاقتصادية المزمع عقدها فى شرم الشيخ خلال الفترة من 13 إلى 15 مارس القادم. وضم الوفد ممثلين من منظمات الأعمال الكبرى مثل المهندس محمد السويدى رئيس اتحاد الصناعات وأحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية، وفتح الله فوزى رئيس جمعية الصداقة المصرية اللبنانية. لم يكن اختيار بيروت محطة أولى للترويج للقمة أمراً عبثياً، وإنما كان مُخططا له باعتبار أن لبنان هى الدولة الأكثر ارتباطتً بعلاقات تجارية واقتصادية بمختلف دول العالم، ولأن اللبنانيين بطبعهم شعب تجارى، قادر على تسويق وتنفيذ مشروعات كُبرى. بهذا المنطق انطلقت فكرة الشراكة الاقتصادية بين البلدين والتى تعتمد على إنشاء كيانات استثمارية مشتركة بغرض استهداف أسواق جديدة وإقامة مشروعات خدمية ومالية كبرى فى مصر. منير فخرى عبدالنور، وزير التجارة والصناعة والصناعات الصغيرة، كان واضحاً فى تأكيده أن مصر انتهت بالفعل من حزمة من التشريعات الإصلاحية المهمة الجاذبة للاستثمار الأجنبى، فضلاً عن وضع سياسات تنموية تُحقق الاستقرار فى سعر الصرف محلياً. وقال إن الحكومة ستصدر قانون الاستثمار الجديد خلال عشرة أيام مُعتبراً أنه خطوة ايجابية تُعالج كافة المشكلات التى كانت تواجه المستثمرين فى الماضى. أضاف «عبدالنور»: إن المنطقة العربية تُمر بمنعطف خطير انقسمت فيه البلاد وتفتتت واتسعت الفوضى والإرهاب ولم تبق هُناك جُزر آمنة فى المنطقة سوى مصر ولبنان والأردن ودول الخليج. وأكد أن ذلك يُلزم مصر بالقيام بدورها الريادى فى مواجهة الإرهاب من خلال استقرار اقتصادى يهم المنطقة. المهندس محمد السويدى رئيس اتحاد الصناعات أطلق مبادرته للتصنيع المشترك مؤكداً أن استثمارات اللبنانيين فى مصر تجاوزت ثلاثة مليارات و700 مليون دولار، ولم يكتف بذلك بل استعان بعدد من نماذج النجاح البارزة فى تلك الاستثمارات مثل رفيق الضو، العضو المنتدب لشركة السويس للحديد، وهى أحد المشروعات المشتركة التى تزيد استثماراتها على 1.5 مليار دولار. وقدم رفيق الضو باعتباره لبنانياً شهادة ممتازة عن فرص الربح والاستثمار فى مصر حاكيا أنه سافر لأول مرة إلى مصر صغيرا عام 1992 وعلى الطائرة التقى بالمطربة صباح وسألته عن سبب زيارته لمصر، فقال لها إنه يسعى لأن يصبح رجل أعمال ناجحاً. وقالت له صباح: إن مصر أم الدنيا، ومن يفهمها جيدا يحقق فيها النجاح المذهل. وبالفعل صنع صاحب الشهادة مؤسسة صناعية ضخمة فى سنوات لم تتجاوز العشرين عاما، وهو ما دفعه للقول إن العالم العربى يكون بخير لو كانت مصر بخير. كذلك عرض شاهد لبنانى آخر هو فؤاد دحروج أحد أصحاب مصانع المنسوجات فى مصر شهادته، مؤكداً أنها بلد الفرص الحقيقية وأنه يدير فيها مصانع للملابس والمنسوجات على مدى 38 عاما بنجاح شديد، وهو ما حفّز آلان حكيم وزير التجارة اللبنانى أن يؤكد أن لبنان ستشارك بوفد رسمى وتجارى كبير فى القمة، وأنها لن تكتفى بذلك بل ستدعو المؤسسات الأوروبية الكبرى للمشاركة فيها. المخاوف التقليدية التى تراءت للبعض بددتها تأكيدات منير عبدالنور وزير التجارة والصناعة بالانتهاء من حزمة تشريعات اقتصادية ستُغير خارطة الاستثمار بدأت بصدور قانون المنتج المحلى، والانتهاء من قانون الاستثمار الجديد متوقعا صدوره قبل قمة شرم الشيخ، بالإضافة إلى تشريعات جديدة للعمل، الطاقة، التأمينات الاجتماعية، والتمويل متناهى الصغر. كذلك رد أشرف سالمان وزير الاستثمار على تساؤل لأحد المستثمرين اللبنانيين حول الضرائب مؤكداً أن الحكومة تتعهد بثبات المنظومة الضريبية الحالية حتى 2025. التعاون اللبنانى مع مصر فى غزو أسواق أفريقيا سيقابله تعاون مماثل فى إعادة إعمار سوريا، وهو المشروع الذى يخطط له رجال الأعمال اللبنانيون، مؤكدين أن تعاون شركات المقاولات المصرية معهم ضرورى فى هذا التوجه حسب ما يقول محمد شقير رئيس اتحاد الغرف التجارية اللبنانى. وكان من الجميل قيام الملتقى بتكريم اثنين من كبار رجال الأعمال اللذين ساهما فى تعظيم التعاون الاقتصادى بين مصر ولبنان وهما خالد أبو إسماعيل رئيس اتحاد الغرف التجارية، ورفيق الضو العضو المنتدب لشركة السويس للصلب.