"عيش، حرية، عدالة اجتماعية"، كانت هي الشعار الذي ردده المتظاهرون بميدان التحرير، خلال ثورة الغضب في يناير 2011، التي لاقت ردود أفعال قوية عالميًا وإقليميًا، حيث لم ير العالم مثل هذه الملحمة المصرية منذ قيام ثورة يوليو 1952. الشرارة الأولى للثورة: اندلعت ثورة الغضب يوم الثلاثاء 25 يناير 2011 ليوافق عيد الشرطة، وكان لتحديد هذا اليوم أثرًا بالغ الأهمية في المعنى والرسالة، التي وجهت خصيصى لوزارة الداخلية والأسلوب القمعي الذي كانت تتبعه آنذاك. بدأت الشرارة الأولى للثورة من خلال قيام مجموعات من الشباب بإنشاء بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر، والتي كان من أشهرها صفحة كلنا "خالد سعيد"، التي وجهت دعوات للمصريين بالنزول إلى الشوارع والميادين للتخلص من النظام الحاكم، وسوء معاملة الشرطة للشعب، والاحتجاج على الأوضاع المعيشية والسياسية والاقتصادية السيئة. بدأت الثورة بنزول مجموعات من الشباب غير المُسيسين إلى ميدان التحرير، ثم انضمت لهم بعض الحركات والائتلافات الثورية، ومع زيادة حدة الأحداث والاشتباكات بدأت الأعداد في التزايد ليصبح الشارع المصري بكل فئاته وأطيافه في الشوارع والميادين المصرية، ويسطر ملحمة تاريخية، تعيد المصريين إلى عقود مضت مطالبين بحياة كريمة وشريفة. وسقط العديد من الشهداء خلال ثورة يناير المجيدة، بعضهم على يد قوات الشرطة، والبعض الآخر على يد ما يُسمى بالمندسين، حيث أشارت بعض الإحصائيات إلى ارتفاع أعداد الوفيات إلى ما يزيد عن 846 ضحية، و 6467 مُصابًا في محافظات الجمهورية كافة. وأدى تصاعد الاحتجاجات إلى تنحي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك عن الحكم في السادسة من مساء الجمعة 11 فبراير2011 بإعلان نائبه عمر سليمان في بيان مقتضب تخلي الرئيس عن منصبه، وتكليفه المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقيادة المشير محمد حسين طنطاوي بإدارة شئون البلاد، تلبية لمطالب الشعب المصري. وعقب الإعلان عن تنحي مبارك تدفق الملايين من الناس إلى شوارع القاهرة، وبصفة خاصة التحرير ميدان الثورة، وعمّت الاحتفالات جميع أرجاء البلاد ابتهاجًا بانتصار ثورة 25 يناير وتنحي المعزول عن الحكم. أسباب الثورة : كان لتفجير ثورة يناير عدة أسباب مباشرة منها انتخابات مجلس الشعب2010، التي أجريت قبل اندلاع الثورة بشهرين، حيث حصل فيها الحزب الوطني الحاكم على 97% من مقاعد المجلس، وهو ما يعني خلو المجلس من المعارضين، مما أصاب المواطنين بالإحباط. كما لعب مقتل خالد سعيد في الإسكندرية يوم 6 يونيو عام 2010، عقب تعذيبه بقسم شرطة سيدي جابر، وتفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية2011، وسط الاحتفالات بعيد الميلاد للكنائس الشرقية، الذي أسفر عن مقتل 24، بينهم مسلمون، وإصابة 97 آخرين دور كبير في اندلاع ثورة الغضب المصرية. ويعد مقتل سيد بلال إثر تعذيبه حتى الموت شرارة إضافية، أسهمت في انطلاق ثورة يناير، بعد أن قامت رجال جهاز أمن الدولة بالقبض عليه من مسكنه فجر الأربعاء 5 يناير 2011، بصحبة بعض السلفيين للتحقيق معهم في تفجير كنيسة القديسين، لتضج الشوارع بالجماهير المطالبة بإقالة العادلي ومعاونيه، ومحاسبة قتلة سيد بلال، وإلغاء قانون الطوارئ. ولعب قانون الطوارئ، والذي استمر على مدار ثلاثين عاماً، هي فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، أحد الأسباب المباشرة وراء اندلاع الثورة، إضافة إلى الكثير من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، التي جعلت الكثير من المواطنين يخرجون عن صمتهم، مطالبين بحقهم في حياة كريمة. وساهم نجاح الثورة الشعبية التونسية، والتي اندلعت قبل 38 يومًا من انفجار ثورة الغضب المصرية، احتجاجًا على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية السيئة، وتضامنًا مع محمد بوعزيزي الذي أضرم النار في نفسه، مما أدى إلى الإطاحة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي في أقل من شهر بشكل كبير في تفجير شرارة الغضب المصرية.