في ظل منظومة إعلامية عالمية موجَهة.. أرى أن الجميع تحرك فى الاحداث التى شاهدتها فرنسا مؤخرا فى اتجاه يدعمه الغرب لتكوين صورة نمطية مشوهة عن الإسلام والمسلمين، وللاسف نحن ندعمه مرددين ما يبثه الإعلام الغربي بمساعدة السياسات الغربية؛ التى تربط بين الإسلام والعنف والتطرف، فأصبح بديهيا في مخيلة الغالبية أن كونك مسلماً يعد مبرراً كافياً لإلصاق تهمة الإرهاب والتطرف؛ والسؤال بعد ما تكشفه الأحداث ليل نهار من أن المحرك الاساسى للعمليات الارهابية هى الصهيونية والامبريالية الأمريكية؛ وأن كل منفذى العمليات الارهابية إما أشخاص تمت السيطرة عليهم مخابراتيا؛ كما كشف تقرير الكونجرس الأخير، أو جماعات إرهابية على أعلى مستوى أنشأتها السى أى أيه. وأنا كمصرى فرنسى يعيش فى فرنسا يجد أن اللوبى الصهيونى الامبريالى بدأ فى تنفيذ مخطته الجديد ضد الإسلام؛ والذى قد يؤدى بنا الى حرب أهلية؛ لذلك علينا تسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية. فالحربُ على الإرهاب هي حربٌ علينا لصالح الإرهاب، ونشرُ الديمقراطية من قبلِ غيرِنا بمثابة نشر للفوضى، وما اقتحام المتجر اليهودي، وتحرير الرهائن، ومقتل المسلح حمادي كوليبالي، متزامنا مع مقتل الشقيقين كواشي، المشتبهين بتنفيذهما الهجوم على مجلة «شارلي إيبدو» إلا وسيلة مضمونة لطمس الحقائق كما هو المعتاد دائما؛ للصق الاتهام بالمسلمين والعرب؛ والتفاصيل معروفة فى كل مرة؛ صوت عربى يقول بأعلى صوته الله أكبر؛ وإعلام يتكلم عن الإرهاب الإسلامى؛ يتبعه محاولات مستميتة من المسلمين أنفسهم لدرء الشبهة عنهم؛ وما حدث فى فرنسا مؤخرا؛ بمثابة صورة طبق الأصل من أحداث عديدة أشهرها مقتل روبرت كينيدى على يد سرحان بشارة وأحداث الحادي عشر من سبتمبر التى صنعتها الأيادي الخفية الصهيوأمريكية ودبَّرتها؛ لتصبح ذريعة للحربِ على العرب والمسلمين بحجةِ مكافحةِ الإرهاب. وفى الواقع أن من قاموا بالهجوم على مجلة شارلي إيبدو لا ينفذون أجندة الجهاديين من داعش وأمثالها لانهم يرون أن جهادهم الآن ضد الانظمة العربية فتلك التنظيمات تستند إلى منهج سيد قطب الذى يصب جهاده على المسلمين أنفسهم، لذلك فهؤلاء الإرهابيون ينفذون عن كثب أجندة المحافظين الجدد والصقور الليبراليون. وأنا أميل لما يراه «تيري ميسان» من أن التفسير الجهادي مستحيل. و نعرض فرضية أخرى، أخطر بكثير ترى أن تلك احداث ربما يكون محركها الأول يكمن فى المؤامرة الصهيو أمريكية؛ لان المناصرين، للقاعدة أو لداعش، أو أي من الجهادية لن يكتفوا بقتل رسامين ملحدين، بل سيقومون أولا بتدمير أرشيف الصحيفة امام أعينهم، مثلما فعلوا في كل عملياتهم في شمال أفريقيا والمشرق. بالنسبة الى الجهاديين، فإن أول واجباتهم تدمير ما يعتقدون أنه يسيء إلى الله، ومعاقبة «أعداء الله». ومن المعروف أيضا أن هؤلاء الجهاديين لا يتراجعون فورا، هربا من الشرطة، بدون إكمال مهمتهم، بل إنهم يقومون بتلك الاعمال وهم ينشدون الشهادة؛ الى جانب أن أشرطة الفيديو تؤكد أن المهاجمين محترفون، ومعتادون على استعمال أسلحتهم ولا يطلقون النار عشوئيا؛ بل بتمكن كامل ودراية عالية بطرق استخدامه الجيدة. وهم ايضا لم يرتدوا ملابس الجهاديين، بل زي الكوموندوز العسكريين؛ إلى جانب أنهم قاموا بقتل الحارس بلا أى سبب؛ أما الطريقة التي أعدموا بها شرطياً جريحاً لا يشكل خطراً عليهم فتؤكد أن مهمتهم لم تكن الدفاع عن الرسول؛ ولا ضد الرسوم المسيئة له، من قبل تشارلي إيبدو. وبالتالى فالعملية لم تكن بسبب الغيرة على الإسلام؛ أو نتيجة الهوس الدينى. إن ما حدث مؤخرا يذكرنى بتنفيذ الاعتداءات على المدرسة اليهودية بمدينة «تولوز» بفرنسا والتى اتهم فيها فرنسي من أصول جزائرية يدعى «محمد مراح» قيل إنه متورط في قضايا دعم الإرهاب ب«قندهار» بأفغانستان. والطريف أنه تم التعرف على الضحية بناء على معلومات تلقتها الشرطة من مصادر لم تكشف عن هويتها. سمحت بتحديد الهدف، بعد وضع لائحتين قصيرتين لمشتبه بهما محتملين، أحدهما ضمن اليمين المتطرف والآخر يتبع الحركة الإسلامية المتطرفة في المنطقة. ورغم ما قيل من أن محمد مراح متطرف إسلامي وينتمي إلى تنظيم القاعدة، وانه قام في الماضي برحلات لأفغانستان وباكستان وأنه ينتمي إلى القاعدة وأراد الانتقام للأطفال الفلسطينيين؛ إلا أن الأيام أثبتت أنه كان يعمل لصالح المخابرات الفرنسية وأنه تمت تصفيته حتى لا يدلى بما لديه فى التحقيقات، وبالتالى فالسيناريو يكاد يكون متشابهاً فى كل هذه الحوادث الإرهابية؛ التى تبدأ بإعلان عن أنها عمليات إرهابية إسلامية وتنتهى بمقتل الجناة حتى لا تكتشف الحقائق. والأخطر من ذلك ما أعلنته صحيفة ماكلاتشي الأمريكية أن الأخوين كواشي ومحمد مراح تم تجنيدهم؛ وبتحليل الصور والفيديوهات لمجزرة شارلي إيدو ربما يصل بنا الاحتمال إلى أنهما حصلا على خبرات حربية وتدريب عسكري؛ ما يعني ضمنا احتمال ضلوع الاستخبارات الفرنسية في قضيتى مراح- كواشي. إن الامور ليست بالسهولة التى تبدو عليها؛ ففرنسا بها لوبى يهودى قوى يتحرك يمينا ويسارا بخطوات مدروسة نحو تحقيق أحلامه الدائمة ضد العرب والمسلمين؛ ومنذ فترة ليست بالطويلة وفى لقاء للصحفى «لورنس هيم» مع نتنياهو أشار الى أن فرنسا بهذا النسيج المحتوى للعرب والمسلمين ليس مستبعدا أن يكون بها أحداث إرهابية.. وفى 6 ديسمبر 2014 وفى لقاء بالتليفزيون الفرنسى فى برنامج Ardisson مع «صمويل لورانس» أحد الخبراء فى الشأن الإسلامى أكد توقعه موجة من الهجمات لم يسبق لها مثيل فى فرنسا!؛ ونشر محتوى اللقاء فى مقالة بالفيجارو. وأخير إن الصورة ستتضح مع الوقت.. ولكننى أتمنى حدوث هذا حتى ننزع معركة لا لزوم لها قد تنتهي بالدخول في حرب بين العرب المسلمين والفرنسيين!