بدأت حشود بشرية في التدفق - الأحد - على باريس للمشاركة في مسيرة تاريخية ضد الإرهاب إثر الاعتداءات التي شهدتها مجلة شار لي إبدو بالعاصمة الفرنسية، والتي تحولت إلى مأساة ذات بعد عالمي مع مشاركة خمسين ممثلا لدول اجنبية في المسيرة. وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمام أعضاء الحكومة في اجتماعهم في قصر الإليزيه إن "باريس هي اليوم عاصمة العالم"، وذلك قبل التوجه للمشاركة في المسيرة. من جهته قال رئيس الوزراء مانويل فالس السبت "ستكون مسيرة لا سابق لها، يجب أن تظهر قوة وكرامة الشعب الفرنسي الذي سيهتف بعشقه للحرية والتسامح". وسادت مشاعر التأثر شوراع العاصمة الفرنسية قبل انطلاق المسيرة المقررة بعيد الظهر ويتوقع أن تكون مليونية. وتدفق آلاف الأشخاص بعضهم بعيون دامعة إلى ساحة الجمهورية نقطة انطلاق المسيرة. وكتب على لافتات رفعها المتجمعون ترحما على ضحايا الاعتداءات الإرهابية بباريس، "ارفعوا أقلامكم" و"حرية، مساواة، ارسموا، اكتبوا". وقتل في الاعتداءات 17 شخصا. كما قتلت قوات الأمن الإرهابيين الإسلاميين الثلاثة الذين نفذوا الهجمات. وستسير أسر الضحايا في مقدمة المسيرة التي ستجري وسط إجراءات أمنية مشددة بوجود قناصة على طول الطريق في العاصمة الفرنسية التي انتشرت فيها قوات الأمن. وستبدأ المسيرة عند الساعة 14,00 تغ في ساحة لاريبوبليك (الجمهورية) قبل ان تصل الى ساحة لاناسيون (الامة). وتفصل بين الساحتين ثلاثة كيلومترات. وحضور عباس ونتانياهو التظاهرة امر غير مسبوق. ومن بين المشاركين في المسيرة أيضا العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني والمستشارة الألمانية انغيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون. وكان أكثر من 700 الف شخص شاركوا السبت في تظاهرات في مدن الأقاليم الفرنسية. وقال لحسين تراوري (34 عاما) الفرنسي المسلم واصله من ساحل العاج الذي قدم ومعه 17 شمعة الى ساحة الجمهورية انه سيتظاهر مع اصدقائه "لتجديد التاكيد على قيم فرنسا" واظهار ان "فرنسا قوية وموحدة". وقالت جاكلين سعد (70 عاما) "اشارك في المسيرة لاني أريد إظهار أننا لسنا خائفين من المتطرفين. وستنظم تظاهرات في دول أخرى بينها ألمانيا حيث أعلنت الشرطة أن صحيفة تصدر في هامبورغ (شمال المانيا) ونشرت رسوما كاريكاتورية للنبي محمد جاءت من الصحيفة الأسبوعية الفرنسية شارلي ايبدو، استهدفت بهجوم بعبوة حارقة لم يسفر عن اصابات. وستكون كل الأحزاب السياسية حاضرة باستثناء الجبهة الوطنية التي استبعدت رئيستها مارين لوبن من مشاركة هذا الحزب اليميني المتطرف نظرا لاستبعاده من الاستعدادات للتجمع. وقد دعت إلى التظاهر في المناطق وليس في باريس. والرقم القياسي في عدد المشاركين في مسيرة في فرنسا هو 1,5 مليون شخص نزلوا إلى الشوارع للاحتفال بالفوز في المونديال في 1998. ووعد فالس بإجراءات أمنية مشددة بمستوى الحدث إذ سيتم نشر 2200 رجل وإغلاق عشر محطات لقطار الانفاق ومنع توقف السيارات. ويأتي هذا التجمع الكبير بينما وضعت خطة فيجيبيرات الامنية في اعلى مستوى اي "الانذار باعتداء" في المنطقة الباريسية. وفي هذا الاطار سيقوم الفا شرطي و1350 عسكريا آخرين بحماية المواقع الحساسة في العاصمة الفرنسية ومحيطها من مقار لوسائل الاعلام الى اماكن العبادة ومدارس ومبان عامة وممثليات دبلوماسية. وستكون التغطية الاعلامية ايضا استثنائية كما كانت طوال ازمة وصفت بانها "11 ايلول/سبتمبر" الفرنسية. لكن يوم السلطة التنفيذية لا يقتصر على هذه التظاهرة اذ ان الرئيس الفرنسي استقبل صباح اليوم ممثلي المجموعة اليهودية في فرنسا ليبحث معهم في ما وصفه الجمعة بانه "عمل مروع معاد للسامية"، في اشارة الى احتجاز الرهائن في محل بيع الاطعمة لليهود. وسيزور بعد ظهر اليوم الكنيس الكبير في وسط العاصمة. وظهر اليوم يستقبل هولاند الحكومة الفرنسية بكامل اعضائها ثم الرئيس السابق نيكولا ساركوزي الذي قبل دعوة رفض تلبيتها الرئيسان الاسبقان البالغان الثمانين من العمر فاليري جيسكار ديستان وجاك شيراك. وبعد ذلك سيستقبل رؤساء الحكومات السابقين ميشال روكار وجان مارك آيرلوت وآلان جوبيه. كما سيستقبل هولاند في الاليزيه القادة الاجانب وشخصيات فرنسية قبل ان يتوجه معهم الى التظاهرة. أما وزير الداخلية فسيكون عليه إلى جانب ضمان أمن التظاهرة، حضور اجتماع دولي حول الارهاب بحضور وزراء الداخلية في 11 بلدا ووزير العدل الاميركي ايريك هولدر القريب من الرئيس باراك اوباما. وستمثل في هذا الاجتماع لاتفيا وألمانيا والنمسا وبلجيكا والدنمارك وإسبانيا وايطاليا وهولندا وبولندا والسويد وبريطانيا.