هل فكرت يوما أن تجري سباقاً مع زوجتك؟ هل تعتبر أن عدوك ولي حميم؟ هل خطر ببالك أن تعود من ألحق بك الأذى إذا مرض؟ هل يمكنك ضبط نفسك عند الغضب؟ هل تتبسم في وجه غيرك؟ هل تؤثر أصحابك ومن يحيطون بك بما تملك؟ هل تعفو عمن أخطأ في حقك؟ هل يصفك الناس بالأمين؟ هل تكرم ضيفك؟ هل تحسن إلى جيرانك؟ هل تستثمر في الكلمة الطيبة باعتبارها حسنة؟ هل تتاجر مع الله بالصدقة؟ أم تتاجر باسم الله لتكسب زوائل الدنيا؟ هل تحرص على العدل في تعاملك مع أصدقائك وأعدائك؟ هل تتحلى بالصدق في كلامك وأفعالك؟ هل تحسن إلى من أساء إليك؟ هل تلتزم بالسماحة في البيع والشراء؟ هل تتواضع في تعاملك مع من هو أصغر منك في العمر أو أقل منك في السلم الوظيفي أو الوضع الاجتماعي؟ هل تصل رحمك وتتواصل مع أقربائك؟ هل تتصدق من أفضل ما تملك؟.. هل؟.. وهل؟ كثيرة هي تساؤلات الحياة اليومية التي أجاب عنها بالإيجاب حبيبنا ورسولنا ومعلمنا وسيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- قولا وعملا، والذي شكل في سيرته نبراساً للسعادة في الدارين، ودعانا إلى التأسي به وتطبيق سنته. وعديدة هي التساؤلات التي تثيرها ذكرى مولد الهدى –صلى الله عليه وسلم- حول الفجوة العميقة بين حقيقة الإسلام وواقع المسلمين في هذا العصر، حيث يجيب غالبيتنا عن هذه التساؤلات بلا، مبتعداً عن النهج القويم الذي خطه خير البرية في سنته وسيرته العطرة. عفواً يا سيدي يا رسول الله ونحن نحتفل –شكلياً على الأغلب– بذكرى مولدك، لأننا تخلينا عن الكثير من تعاليم ديننا التي أرسيتها وأمرتنا باتباعها، فقد أمرتنا بالاتحاد لنكون كالجسد الواحد ولكنا تفرقنا وتنازعنا ففشلنا وذهبت ريحنا. أمرتنا بالعدل فظلمنا أنفسنا وغيرنا. أمرتنا بالحوار والتسامح ففضلنا الصدام والاعتزاز بالإثم والعدوان! عفواً يا سيدي يا رسول الله، فقد تخلفنا عن تعاليم الدين الذي حملت رسالته، في طلب العلم وتحقيق العدل والعمل بالشورى، فتغيبت أمتنا عن حضارة العصر وعشش فيها الفقر والجهل والاستبداد، حتى أصبح من يعتنق ديننا يحمد الله أنه عرف الإسلام قبل أن يعرف المسلمين! عفواً يا سيدي يا رسول الله، فقد أمرتنا بالاجتهاد فتكاسل بعضنا مفضلاً استفتاء الأموات في أمورنا حياتنا، وتجرأ بعضنا الآخر على الفتوى بدون علم، فذبحنا أنفسنا بلا سكاكين! عفواً يا سيدي يا رسول الله، فقد أكملت رسالتك وأتممت لنا أمر ديننا وأوصيتنا بكرامة الإنسان وحرمة الدماء وتركتنا على المحجة البيضاء، ولكن تعامى بعضنا عن كل ذلك رافعاً راية سوداء تسىء إلى دينك الخاتم ونهجك الوسطي وتسفك الدماء تحت شعار ختامك زورا وبهتانا! عفواً يا رسول الله، فقد جئتنا بكتاب فيه ذكرنا، أحيا أمتنا من العدم، فإذا بنا نجعله كتابا للموتى يقرأ في المآتم وفوق المقابر، واقتصر أمر معظم الذين يقرؤونه على تعلم تلاوته دون تدبر معانيه، لنعكس مسار العلم والتعليم، ففي جميع بقاع العالم يقرأ الناس لكي تتعلم، ولكن صار بعضنا –في شأن القرآن- يتعلم ليقرأ فقط! عفواً يا رسول، فقد صرنا بجهلنا نقيم الدنيا إذا أهملت سنة عادة بينما نغلف عن جوهر العبادة! عفواً يا سيدي يا رسول الله، فقد تخلى معظمنا عن غالبية السنن الكريمة التي دعوتنا إلى اتباعها وتمسكنا بشكليات الظاهر فصدئ الباطن، وأصبحنا لا نعلم كيف نأتي إلى ربنا بقلب سليم؟ وقلص بعضنا سنتك العظيمة في لحية طويلة وثوب قصير! عفواً يا رسول الله فقد حذرتنا من الوهن، ولم نستجب، فأصبحنا غثاء كغثاء السيل تتداعى علينا الأمم، وتصمت عن قضايانا الأمم المتحدة!