منذ بضعة شهور احتدم الجدل حول 25 يناير 2011، 30 يونيو 2013، ومازال البعض منا يقع فى فخ المقارنة بينهما، فى حين ان العقل والحكمة يقتضيان ان نعتبرهما موجتين متتاليتين لثورة واحدة، ولا ينبغى بأى حال من الاحوال ان نفصل بينهما، أو أن يتعصب فريق منا لهذه وفريق آخر لتلك. وينبغى علينا جميعا ان ننأى بأنفسنا عن الوقوع فى شرك المقارنة بينهما أو تفضيل ايهما عن الأخرى حتى لا نهدر طاقتنا فيما لايفيد، كما يجب أن ندرك جيدا أن مثل هذه الأحاديث تحدث الفرقة والانقسام بين ابناء الشعب وهو امر يسعى اليه اعداء هذه الأمة ويبذلون من أجل الوصول اليه كل غال ونفيس. ولنتفق جميعا أن ما حدث قد حدث، وأن التاريخ سوف يحكم ويبين ماذا جرى ومن الذى تقاعس ومن الذى اقدم، ومن هم القتلى.. ومن منهم لقى ربه وهو يتغنى بالحرية والعيش بكرامة إنسانية وهم الشهداء، ومن لقوا حتفهم اثناء مهاجمتهم للمنشآت أو حال قيامهم بحرق وتدمير المبانى او خلال نهب المحلات والاستيلاء على ما فيها من بضائع او منقولات اخرى، وحينئذ.. وبعد مرور فترة من الزمان سوف تتضح كافة الحقائق وتتكشف كل الأدوار وتسقط جميع الأقنعة. وإذا سلمنا بأن 25 يناير 2011، 30 يونيو 2013 كانتا موجتين متتاليتين فى ثورة واحده وأن الهدف من كلتيهما هو تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية والعيش بكرامة إنسانية، وأن نسلم ايضاً بأن هناك اختلافا فيما بينهما من حيث الظروف والملابسات المحيطة بكل منهما، وكذلك فيما ترتب على كل منهما من نتائج.. إذا سلمنا بهذا فسوف يترتب علي ذلك رأب أي شروخ فى جبهتنا الوطنية وسيجنبنا كثيراً من أوجه الاختلاف والتنافر، خاصة إذا وضعنا نصب أعيننا أن طلائع جموع 25 يناير كانت من شبابنا الطاهر والتى خرجت تنادى بالحرية والعيش بكرامة إنسانية وهى ذات الأهداف التى خرجت تنادى بها جموع شعبنا فى 30 يونيو. أما إذا انبرى البعض منا لتمجيد هذه الموجة أو تلك.. فإن فى ذلك مضيعة للوقت، وإهداراً للجهد، وتعميقاً للانقسام فى صفوف الشعب فى الوقت الذى نسعى فيه جميعاً الى الوقوف صفاً واحداً وعلى قلب رجل واحد خلف القائد الذى عهدنا اليه بمسئولية السلطة والرئاسة للخروج بالبلاد مما هى فيه، وإزالة آثار تلك الجماعة الإرهابية التى حاولت طمس هوية شعبنا من خلال زرع بعض العناصر الإرهابية فى مختلف المواقع والمؤسسات بما يتيح لها السيطرة على مرافق الدولة، وهو الأمر الذى مازلنا نعانى منه حتى الآن. ولذلك فإنه من الأوفق ان ننصرف جميعاً الى العمل والإنتاج.. لتعويض ما حدث فى البلاد خلال السنوات الماضية من تدهور فى مصادر دخلنا القومى، وأن نبذل قصارى جهودنا لتشغيل ماكينات مصانعنا التى توقفت، وأن نسعى الى جذب السائحين الى بلادنا بتوفير الأمن والأمان فى ربوع البلاد. وفى ذات السياق.. اختلفت الآراء حول ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية بالنسبة لتلك الدعوات الهدامة التى كانت تدعو الى نشر الفوضى فى ربوع البلاد، ففى الوقت الذى اتجه فيه فريق من شعبنا الى الإشادة بما اتخذته الدولة من إجراءات احترازية لمواجهة تهديدات هذه الجماعة الإرهابية بحمل السلاح ورفع المصاحف فى مظاهرات حاشدة يوم 28 نوفمبر، وهو الأمر الذى أجهض مخططاتها ولم تتمكن من تنفيذ ما كانت تهدف إليه بإحداث الفوضى فى أرجاء البلاد، اتجه فريق آخر إلى انتقاد تلك الإجراءات بزعم أن الدولة قد بالغت فى تقدير تلك التهديدات خاصة أن ذلك اليوم مر كغيره من أيام الجمع السابقة كما اتجه فريق ثالث الى توجيه سهام النقد الى أجهزة الإعلام واتهامها بتضخيم الأمور مما أثار الخوف فى نفوس المواطنين. والواقع أن كلا من الفريقين الآخرين قد اغفل النظر إلى كامل الصورة بخلفياتها وتغاضيا عن الربط بين تلك التهديدات الصادرة من الداخل، وما صدر فى كل من قطر وتركيا من تلميحات، كما اعتقد أن أياً منهما لم ير تلك الإشارات الواردة عبر المحيط من واشنطن خلال تصريحات منسوبة إلى البرادعى ووائل غنيم. وكلها أمور تشى بما تم التخطيط له وكان يتعين على الدولة أن تتعامل مع هذه التهديدات بكل جدية وأن تتخذ كافة الإجراءات الممكنة لإجهاض ذلك المخطط. وأخيراً.. وإثر صدور الحكم فى قضية قتل المتظاهرين أو قضية القرن كما سمتها وسائل الإعلام اتجه فريق من المواطنين الى التعبير عن فرحتهم بمضمون الحكم بطريقة فيها قدر من المبالغة مما أثار حفيظة أهالى الشهداء ودفعهم الغضب الى التجمع فى أحد الميادين للتعبير عن غضبهم، وترتب على ذلك ان اندس بينهم عدد من المنتمين إلى تلك الجماعات الإرهابية من محترفى الإثارة وتأجيج الغضب فى النفوس ومعهم أعداد من المأجورين ورددوا الهتافات العدائية وقاموا باستفزاز قوات الأمن ومحاولة جرهم الى صدام ينتج عنه ضحايا لإعادة سيناريو سبق ان اتبعته تلك الجماعة الإرهابية لزيادة الأمور اشتعالا لتنفيذ مخططهم لنشر الفوضى وتقويض أركان الدولة. وتناسى الجميع أن القانون لا يجيز التعليق على أحكام القضاء قدحاً أو مدحاً، وأن هناك طرقاً حصرية حددها القانون للطعن فى الأحكام ليس من بينها بالطبع التجمع فى الميادين العامة وترديد الهتافات العدائية. وتبقى كلمة أخيرة.. نتوجه بها الى وسائل الإعلام المرئية والمقروءة بل والمسموعة أيضاً بل هى مناشدة لهم جميعا ضرورة الالتزام بالقواعد القانونية نصاً وروحاً، وإعلاء المصالح العليا للبلاد فوق أى اعتبار، وألا نرفع راية حق قد ينتج عنها باطل، وان نتذكر جميعاً أن مصالح الأوطان واستقرارها أسمى من أي حقوق أخرى. كما يجب علينا أن نتذكر دائماً القاعدة الشرعية القائلة بان درء المفاسد خير من جلب المنافع. أما نحن أبناء هذا الشعب.. فعلينا ان نتأمل أحوالنا وان نسترجع دروس الماضى القريب وأن نستحضرها دائماً والا تغيب عن ذاكرتنا لعلها تنير لنا الطريق وان تجنبنا شر الانزلاق إلى هاوية أعدت لنا. ومما لاشك فيه اننا إذا استرجعنا ما مر بنا من احداث وتأملنا فيها بعمق سوف نخرج منها بدروس عدة.. لعلها تنير لنا الطريق فيما هو آت. أيها المصريون ألا يدعنا ذلك كله لأن نتفكر فى أحوالنا. مساعد وزير الداخلية الأسبق