من أخطر العيوب الرئيسية لشبكات التواصل الاجتماعي انها تسمح للكثيرين بالدخول، والتواصل مع الغير بأسماء وصفات وهمية، وغير حقيقية، ومن ثم فقد يخدع كل من اشترك في تلك الشبكات الاجتماعية بنية صافية، وباسم حقيقي، وبيانات شخصية غير «مفبركة». ولما كان لي العديد من المواقف المعلنة، فضلا عن المقالات المكتوبة، والمنشورة لي بشأن حقيقة، وأصل، ما يسمى بتنظيم الدولة الاسلامية في العراق، والشام، والمعروفة اختصارا باسم «داعش»، وكنت أرحب، في ذات الوقت، بل أصادق أيضا ومن خلال شبكات التواصل الاجتماعي العديدين ممن لهم مواقف، وآراء مختلفة بشأن هذا التنظيم، فقد ظهر لي أحدهم، وادعى انه ينتمي إلي ما يسمى بتنظيم الدولة، ورفض في ذات الوقت إعطاء المزيد من البيانات عن حقيقة نشأته، أو حتى مكان تواجده الحالي وقت أن كان يتواصل معي، بطبيعة الحال وتحدث معي على «الخاص» Inbox حديثاً غير قصير، وفي وقت متأخر ليلا، وقد امتد حتى أذان الفجر. وقبل الاستطراد في فحوى، وموضوع ذلك الحديث ينبغي أن أذكر بما قد لفت نظري بظاهرتين، تتماهيين، كما تسيران في ذات السياق، أولاهما مصادقتي لاثنين يدعيان فى منشورهما بالتواصل الاجتماعي، انهما يقطنان بالولاياتالمتحدة كما كانت بيانات محدثي الداعشي ذاته تفصح أيضا عن تواجده، وإقامته بالولاياتالمتحدة كذلك، وهو ما سوف نأتي عليه لاحقا..! وانهما في ذات الوقت يؤيدان، ويدعمان، كما يقران تقريبا، كل مواقف، وأفعال تنظيم الدولة في العراق، وغير العراق، وبحماس منقطع النظير. كما حاولت إحداهما، أن تظهر في منشوراتها صدام حسين، وفى محاولة خبيثة ماكرة منها لكن مكشوفة فى الربط بين الرئيس الشهيد صدام، وذلك التنظيم الإرهابي الأمريكي الأصل، والهوية. إذن فقد كان الرابط، والقاسم المشترك، بين كل من الداعشي، ومناصريه، هو إقامتهم جميعا بالولاياتالمتحدة، فترى هل تلك مجرد مصادفة..؟! ومهما يكن من أمر، فإنني قد فوجئت، ومنذ أيام قليلة مضت، بمن يحدثني على «الخاص» بشبكة التواصل، وعرفني بأنه عضو في تنظيم الدولة. ويفترض، ومن الناحية النظرية، أن كل من ينتمي إلى أي تنظيم ديني وغير ديني متطرف أن يكون على الأقل ملماً إلماما تاما وكاملا، وصحيحا، بأصول، وفروع، وكليات، وجزئيات، هذا الدين الذي تطرف فيه، لأنه من المنطق هنا أن يأتي التطرف فى مرحلة لاحقة بعد التشبع الديني، وغير الديني، المعرفي، وذلك بكليات، وجزئيات صحيح الدين. واهم ما أثاره الداعشي من نقاط وذلك لدواعي الاختصار تدل أولا على انه غير مصري، أو عربي، أو حتى مسلم، فضلا عن جهله بأصول الدين. وبعدها تذكرت «بول بريمر»، ودستوره الطائفي الذي يحكم، كما يحتكم إليه العراقيون، والذي كان سببا رئيسيا في فرقتهم من ناحية، وتقسيم العراق عمليا، وفعليا، من ناحية ثانية، كما تذكرت شركة «بلاك ووتر» Black water الأمريكية، وأعمالها القذرة في العراق، وكذا الاغتيالات، والتفجيرات التي تجرى صباح مساء فى طول العراق وعرضها، من غير أن يعرف من هو الجاني، أو الفاعل الحقيقي، وراء تلك التفجيرات، ومن غير أن يقبض كذلك علي متهم حقيقي واحد قام بتلك التفجيرات. كما تذكرت كذلك المنطقة الخضراء في بغداد، والسفارة الأمريكية، والتي تعد أكبر سفارة أمريكية في العالم على الإطلاق، ومن ثم سهولة دخول، وخروج، كل من يحمل الجنسية الأمريكية إلى العراق برا، وجوا، وبحرا، وحتى من دون أن يراه أحد، أو من دون علم، أو معرفة العراقيين أنفسهم..! وأخيرا فوجئت بإلغاء الداعشي حسابه من شبكة التواصل الاجتماعي، كما أن حديثه معي على «الخاص» قد صار غير واضح، أو حتى غير مرئي بالنسبة لي، كما اختفي أيضا، أو قد ألغى صداقته معي من كان يدعى تأييده لتنظيم الدولة ممن كانا يدعين إنهما يقيمان في الولاياتالمتحدة..! والسؤال هنا هو: هل أن الولاياتالمتحدة لجأت إلى تلك الوسيلة لكي تغزو بلداننا العربية بعد أن فشلت حروبها التقليدية، وكذا غزوها التقليدي لدولنا العربية..؟!