كل يوم يتأكد لنا أن قطاع الاتصالات مازال يعيش مرحلة «البالوظا» أو التهيؤات أو أحلام اليقظة، فرغم توقف الحياة تقريباً فى القطاع منذ الإعلان عن فكرة الرخصة الموحدة ومنح الشركة المصرية للاتصالات رخصة شبكة افتراضية للمحمول تبدأ ب 0155 بقيمة 5٫2 مليار جنيه توقفت شركات المحمول عن ضخ أى استثمارات جديدة فى شبكاتها انتظاراً وترقباً لما تسفر عنه مفاوضات الرخصة مما أدى إلى تراجع حاد فى جودة الخدمة التى تقدمها تلك الشركات سواء خدمات الفويس الصوتية أو الإنترنت رغم كل ما يقال عن ضخ مليارات لتقوية الشبكات إلا أن تقرير جهاز الاتصالات عن تردى الخدمات يكشف زيف هذه الأرقام ويعلم الجميع أن الكل يربط على ما عنده من أموال حتى يكون جاهزاً فى أى وقت لمنافسة المولود الجديد حتى إن فودافون لم توزع أرباحاً منذ عامين ولم تدفع نصيب الشركة المصرية للاتصالات من الأرباح الذى يزيد على 2 مليار جنيه فى عامين واكتفت بدفع 50 مليون جنيه فقط. هذا من ناحية، أما الأخطر فهو أن هذه الشركات الثلاث والتى اعتادت على الأرباح بالمليارات لا ترحب أبداً بمنافس جديد يشاركها التورتة التى تزيد على 33 مليار جنيه سنوياً ولذلك فإن الرخصة الموحدة أو الشبكة الرابعة دونها الموت بالنسبة لهذه الشركات الثلاث وقد استعانت الشركات بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لمحاربة الحلم بل وصل الأمر إلى الضغوط الخارجية ومحاولة التشهير بالحكومة المصرية بأنها لا تحمى الاستثمارات الأجنبية وهو سلاح حاد نجح فعلاً فى تخويف الحكومة، ولذلك تعطلت الرخصة كثيراً ويبدو أنها لن ترى النور رغم أن رخصة المصرية المزعومة رخصة لشبكة افتراضية بدون ترددات يعنى أن الشركة الوطنية ستعمل مندوب مبيعات للشركات الثلاث وتستخدم شبكاتها وهو ما دفع عدداً من خبراء الاتصالات إلى مطالبة الوزير وجهاز الاتصالات بصرف النظر تماماً عن موضوع الرخصة الى عام 2017 عندما تتوافر ترددات جديدة يمكن منحها للشركة الوطنية وأيضاً عندما تتوافر خدمات الجيل الرابع وأيضاً عندما تتمكن المصرية من بناء شبكة خاصة بها. الجديد فى الأمر والذى تنفرد به الوفد اليوم أن شركتى فودافون واتصالات طلبتا من جهاز تنظيم الاتصالات إعادة صياغة الرخصة من جديد وقدمتا 1200 ملاحظة على رخصة التليفون الثابت وعلى البوابة الدولية وعلى الكيان الموحد وهو ما يعنى العودة إلى نقطة الصفر فى المفاوضات بين جهاز تنظيم الاتصالات وبين الشركات وتبقى المصرية للاتصالات فى أحلام اليقظة وأوهام أرباح تورتة المحمول التى لن تأتى بسبب تعنت شركات منافسة وعدم قدرة الحكومة على الحسم واتخاذ القرار رغم أنف شركات المحمول التى هددت بالفعل بل وجهزت أوراق التحكيم الدولى فى إطار ما تمارسه من ضغوط على الحكومة المصرية. وتأتى حيثيات اللجوء للتحكيم الدولى متمثلة فى فشل الحكومة المصرية فى تحقيق التزاماتها الواردة باتفاقية منظمة التجارة العالمية، وإلإخلال باتفاقيات حماية الاستثمارات المتبادلة بمنح الشركة المصرية للاتصالات ترخيصاً لتقديم خدمات التليفون المحمول بالأمر المباشر. كما اشترطت فودافون على الحكومة المصرية إخراج الشركة المصرية للاتصالات من مساهمتها فى فودافون مصر. البالغة 45% وتحفظت شركة اتصالات مصر على رخصة البوابة الدولية لموبينيل وفودافون وأكدت أنه على الرغم من حق الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات فى إصدار تراخيص بوابات دولية وتشغيل محمول فإنه لا يمكنه منح امتيازات لم تحصل عليها الشركة، حيث إن شروط حصول فودافون وموبينيل على البوابات الدولية تنطوى على مخالفة لما سبق وتعهد به الجهاز فى الترخيص الممنوح لشركة اتصالات مصر، وأن المضى قدماً فى إصدار ومنح تراخيص البوابات الدولية بهذه الشروط يمثل مخالفة جسيمة لشروط الترخيص الصادر لشركة اتصالات مصر، ستؤدى الى إشكاليات قانونية. جدير بالذكر أن تحقيقاً رقابياً يجرى حالياً عن أسباب تراجع تسعير البوابة الدولية لشركتى موبينيل وفودافون من 3٫5 مليار جنيه إلى 1٫8 مليار جنيه لفودافون، و1٫5 مليار جنيه لموبينيل. وهل الجهاز هو من قام بخفض السعر، ام بيت الخبرة العالمى الذى استعانت به الحكومة؟ كل هذا التخبط والإشكاليات يبدو أنها لن تجد طريقها للحل إلا أن الشركات تعلن عن ضخ استثمارات وتسهيلات ائتمانية من أجل الاستثمار فقد أعلنت فودافون مصر توقيع التسهيل الائتمانى مع 7 بنوك، بقيمة 4 مليارات جنيه سيتم استخدامه فى تمويل استثمارات الشركة خلال السنوات الثلاث المقبلة، أو تمويل التراخيص الجديدة.وتتباهى الشركة بسداد 13 مليار جنيه للضرائب كما تتباهى موبينيل أيضاً بسداد مثل هذا المبلغ للضرائب وتقول موبينيل إنها تضخ 3 مليارات جنيه استثمارات سنوية وبالطبع لا أحد يدقق فى هذه الأرقام والشىء المؤكد أن شركات المحمول حققت أرباحاً طائلة فى مصر وكلها شركات أجنبية وما تدفعه من ضرائب مستحقة نقطة فى بحر الأرباح سواء موبينيل أو فودافون أو اتصالات، ولذلك فإن وجود ضيف جديد أو مشغل رابع بالطبع يزعج جداً هذه الشركات التى لا يمكن أن تقبل تحت أى ظروف تراجع أرباحها على الرغم من تدنى سعر دقيقة الفويس إلا أن الإنترنت المحمول هو المستهدف وهو المستقبل وهو كريمة التورتة التى تسعى الشركة المصرية للفوز بنصيب منها، ولكن من يسمح لها؟ وهل تتنازل عن كل ما تملك من أجل حلم المحمول؟