بعد سنوات من الخلاف والتوتر وصلت العلاقات الروسية الصينية إلى أفضل درجاتها في جو من التعاون وتسوية الخلافات بين البلدين اللذان يصنفان كقوتين لا يستهان بهما في النظام الدولي، سواء من الناحية الاقتصادية أو العسكرية بالإضافة إلى عضويتهما الدائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وما يؤكد تعزيز العلاقات بين البلدين ما صرح به الرئيس الصيني مؤخرا" تشي جين بينغ" أثناء لقائه مع وزير الدفاع الروسي" سيرغي شويجو" بأن العلاقات االعسكرية والسياسية والاستراتيجية بين البلدين فضلا عن التعاون العسكري بينهما سيستمر في النمو بقوة. تاريخ الخلافات بين البلدين: ترجع بداية العلاقة الدبلوماسية بين الصين والاتحاد السوفيتي إلى عام 1949 واستمرت هذه العلاقة بينهما لفترة قصيرة ولكن سرعان ما دب الخلاف بين الدولتين بسب اختلاف رؤيتهما الآيديولوجية في قيادة العالم الشيوعي فضلا عن تعدد النزاعات علي الحدود وظلت العلاقة تنافسية طوال الحرب الباردة وحتى تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991 ولكن على الرغم من هذا الخلاف كان هناك رؤي سوفيتية بتحسين العلاقات مع الصين في عام 1989 وعندما تولى"بوريس يلتسين" الحكم في روسيا تعقدت العلاقات مع الصين بسب ميوله الغربية ومع قدوم الرئيس الروسي"فلاديمير بوتين" كان هناك تخوفات في بدء الأمر من استمرار التوتر بين البلدين ولكن سرعان ما اثبت بوتين تمسكه بالتوجة الروسي تجاه آسيا خاصة الصين. وهناك الكثير من المؤشرات على عودة العلاقات إلى طبيعتها بين البلدين بل هناك الكثير من الاتفاقيات واللقاءات التي تؤكد عودة المياه إلى مجاريها بعد سنوات من الخلاف مثل: - تصريح الرئيس الروسي (فلاديميير بوتين) أثناء محادثاته مع الرئيس الصيني في الكرملين بأن روسياوالصين تستطيعان رفع حجم التجارة المشتركة إلى 100 مليار دولار في عام 2015، مشيرا إلى أن التعاون متعدد الخطط بين روسياوالصين سيخدم المصالح الرئيسة في البلدين. - الاتفاقية الأخيرة التي وقعت بين البلدين من أجل تعزيز التعاون بينهما في مجال الطاقة بما في ذلك مذكرة تفاهم لتطوير خط أنابيب ثان لتزويد الصين بالغاز الطبيعي الروسي، وذلك خلال إعمال اجتماع القادة الاقتصاديين ال22 لمنظمة التعاون الاقتصادي لآسيا الباسيفيك (الأبيك). وتتبلور أسباب الاتفاق مؤخرا بين البلدين في مجموعة من الإهداف المشتركة التي تسعي الدولتان إليها سواء علي المستوي الدولي أو الإقليمي أو الثنائي وهي كالتالي: - المستوي الدولي: هدف البلدين في رفض السياسة الاحادية القطبية والعمل علي تشكيل نظام عالمي جديد متعدد القطبية يعكس التنوع الثقافي والاجتماعي وتعدد النظم السياسة الحاكمة في العالم، بالإضافة إلى لعب دور فعال في القضايا الإقليمية والكونية واتخاذ مواقف مرنة وليست متشددة كالتي تتخذها الولايات المتحدة الأمريكية خاصة بعدما ثبت بالدليل القاطع أن السياسات الأمريكية تدور في فلك مصالحها الخاصة. - أما بالنسبة للمستوي الإقليمي فتسعي البلدين إلى حفظ السلم والأمن ومنع الاختراق الأمريكي للإقليم وبخاصة في آسيا الوسطي والشرقية لما لها من أهمية بالغة لسياسة الخارجية الروسية أما بالنسبة للصين فهي تشترك مع دول آسيا الوسطى في حدود تصل إلى سبعة آلاف كيلومتر، إلى جانب غنى آسيا الوسطى بالموارد الاقتصادية والنفطية والمواد الخام. - بينما علي المستوي الثنائي تسعى البلدين إلى توسيع مجالات التعاون فيما بينهما اقتصاديا وتجاريا ونفطيا وتكنولوجيا وعسكريا، وفى جميع المجالات الأخرى استنادا إلى مبادئ التكافؤ الحقيقي، والمنفعة المتبادلة، ووحدة المصالح، ففى المجال الاقتصادي تضاعف حجم التبادل التجارى بين البلدين في الفترة الممتدة بين عامى 2001 و2005 من 10.67 مليار إلى 30 مليار دولار، ووصل إلى 40 مليار دولار بنهاية عام 2007 وبهذا الشكل، بلغ متوسط النمو السنوى للتبادل التجارى بين روسياوالصين 30%. ويعتزم البلدان الوصول بحجم التبادل التجارى إلى 100 مليار دولار خلال بحلول العام المقبل.