دائمًا ما تكون الأمثال الشعبية والأقوال المأثورة، خير تعبير عن واقعنا الذي نعيشه.. فعندما نريد أن نضرب مثلًا في مناسبة بعينها، يكون الإسقاط مناسبًا في مثل تلك الحالة، كما في "العَوْدُ أَحْمَدُ"، لمن يعود عن الشر والإساءة، أو للتعبير عن الفرحة والسلامة. تذكرت هذا المثل الشعبي، بعد الجدل الدائر خلال الأيام الماضية، على الساحة السياسية، بعودة "أحمد عز" أمين السياسات في الحزب الوطني المنحل، من "الباب الخلفي" لمجلس النواب المقبل. منذ ثورة يناير، وقيادات "الوطني المنحل" يسعون بكل قوة، للعودة إلى الحياة السياسية، خصوصًا بعد القرار القضائي بإلغاء حكم منعهم من ممارسة حقوقهم السياسية،بما في ذلك الترشح للانتخابات البرلمانية. لا أحد يعلم في مصر على وجه الدقة، موعد إجراء الانتخابات المقبلة، وإن كانت على الأرجح ستكون في الربع الأول من العام المقبل، ولذلك يمكن القول إن العد التنازلي بدأ مبكرًا لخوض السباق، وخصوصًا من "فلول الوطني". أعضاء "المنحل" يعملون "ليل نهار" للزج بمرشحين من "العيار الثقيل" من عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، للمشاركة بقوة في الانتخابات النيابية المقبلة، التي تعد ثالث استحقاق في خارطة الطريق التي تم الإعلان عنها في الثالث من يوليو من العام الماضي. الانتخابات القادمة ستشهد الدفع برموز "الوطني"، سواء على قوائم الأحزاب أو كمستقلين، في ظل انشغال المواطن البسيط بتوفير احتياجاته الأساسية وارتفاع الأسعار وتدني مستوى كثير من الخدمات. إننا نعلم أن الحكم في النهاية سيكون للشارع، ولكن ما يؤسف له أن هناك تلميعًا إعلاميًا لبعض رموز وقيادات "المنحل" كبديل للإسلاميين.. صحيح أنه لا يمكن التعميم في الفساد لأعضاء "المنحل" بالجملة، ولكن لا يمكن أن يكون الوطن كله على موعد مع "قدر محتوم" لفصيلين يتبادلان الأدوار، ولا وجود لثالث يمكن أن يمتلك قواعد شعبية حقيقية. "أبناء مبارك"، بعضهم لديه أرضية قوية في القرى بحكم انتمائهم لقبائل وعائلات كبيرة، خصوصًا وأن منهم من تقلد مناصب وزارية لسنوات طويلة، بعكس قوى سياسية أخرى تمثل أصواتًا إعلامية أكثر من كونها قوى حقيقية على الأرض. المثير في الأمر، أنه على رغم ما عاناه الشعب من ويلات وفساد طيلة ثلاثة عقود، وقيامه بثورة مجيدة خالدة، إلا أننا نعتقد أن تحركات البرلماني السابق أحمد عز تعني انتكاسة حقيقية على ثورة يناير. لقد بدأ "عز" الأمين السابق للتنظيم في الحزب الوطني المنحل والمفرج عنه على ذمة قضايا احتكار وفساد بتشكيل تحالف أطلق عليه "المستقلون" لخوض الانتخابات المقبلة في محاولة جديدة لتجميع ما فرقته الثورة من رجال حزبه ونوابه السابقين، للحصول على أغلبية برلمانية تمكنه من تشكيل الحكومة وفقًا للدستور. إننا نعتقد أن تحركات مَن كان أحد أهم أسباب اندلاع الثورة على مبارك، مثيرة للاهتمام والترقب، في ظل هجوم إعلامي وسياسي من بعض الشخصيات والإعلاميين على ثورة يناير والالتفاف حول أهدافها، لعودة دولة مبارك من جديد. التحركات الأخيرة والاجتماعات لأحمد عز، نعتقد أنها استفزاز غير مبرر، خصوصًا وأن انحسار الحياة السياسية بين رجال مبارك والإخوان فقط، ربما يؤدي إلى عواقب مجهولة أو كارثية، ولذلك نقول إن "العود غير أحمد"!