وعادت شمس العام الدراسي، وطلت علينا مشاهد الأطفال وهم يتوجهون إلي مدارسهم كالفراشات تحلق نحو النور، والأهالي يتابعون فلذات أكبادهم يتحركون علي الأرض بخطوات ثابتة ترسم أول ملامح مستقبلهم، إلا طلبة مدرسة المعادي التجريبية.. فقد وضع الأهالي أيديهم علي قلوبهم وهم يتابعون أبناءهم يتوجهون إلي المدرسة التي صدر لها قرار ترميم منذ العام الماضي.. وتم إخطار الأهالي قبل بداية العام الدراسي بأيام قليلة بتوجه أبنائهم إلي مدرسة بديلة هي مدرسة حدائق المعادي التجريبية لكن فترة مسائية، حرصا علي أرواح الطلبة وحتي يتسني عمل الترميمات اللازمة لمدرستهم، ورغم تذمر الأهالي من القرار لخطورة ترك أبنائهم للدراسة الليلية، وأيضا لإخطارهم قبل بداية الدراسة بأيام قليلة لم تسمح لهم بالتفكير حتي في إيجاد بديل كل حسب ظروفه، إلا أنهم رضخوا أخيرا للأمر واستعدوا ووضعوا جدول لإرسال أبنائهم وإحضارهم من المدرسة البديلة التي ستقلب نظام حياتهم وحياة أبنائهم رأسا علي عقب، إلا أن أرواح الأطفال أهم من وجع دماغ وتغير حياة الأهالي. إلا أنهم فوجئوا قبل بداية الدراسة بساعات بتغير في القرارات والمواقف، حيث تم التراجع عن القرار السابق وصدر قرار جديد بعودة الطلبة إلي مدرستهم المعادي التجريبية وانتظامهم في الدراسة رغم عدم تطبيق قرار الترميم ولو علي طوبة واحدة من الأماكن التي تعرضت للسقوط من مبني المدرسة.. وعلي أساس عودتنا للعمل بمقولة ربنا يستر.. وسيبها علي الله.. وكله تمام.. والناس الجرنالجية دول ناس مهولتية.. انتظم طلبة المعادي التجريبية بكل مراحلهم التعليمية في مدرستهم.. هكذا بمنتهي البساطة، وكأن شيئا لم يكن، وإلا أن هناك حمامات تم إغلاقها خوفا من انهيارها بسبب السقف المتهدم، ولا مكتبة أغلقت بالضبة والمفتاح بعد سقوط جزء كبير من سقفها، حتي الفصل الذي أغلق العام الماضي في مبني الابتدائي أعيد فتحه ببساطة.. كله بالحب حتي إنني كدت أصدق أنه لم يصدر قرار أصلا من الوزارة والأبنية التعليمية بتخصيص مبلغ مالي ضخم لترميم المدرسة وإنقاذها من الانهيار وحماية أرواح الطلبة علي أن تبدأ عملية الترميم أوائل يونية الماضي!! ولولا أنني تحدثت تليفونيا محادثة مطولة مع الأستاذة الفاضلة مديرة الإدارة التعليمية بالمعادي العام الماضي، وكذلك مع الأستاذة الفاضلة مديرة المدرسة، وتم إرسال مذكرة رسمية من حي المعادي خاص بما يحدث في مدرسة المعادي التجريبية.. ولولا امتلاكي لبعض المستندات والصور التي تؤكد أن هذه المدرسة كانت معرضة لانهيار أجزاء منها وصدر قرار بترميمها.. لولا كل ذلك لقلت أنني كنت أحلم، وكل ما دار برأسي حول هذه المدرسة من بنات أفكاري الصحفية اللئيمة.. والسؤال إذا كانت أبنية المدرسة سليمة لدرجة السماح للطلبة بالعودة لها وممارسة كافة الأنشطة بها دون ترميم حجر واحد، ماعدا طبعا حصص الألعاب، والمكتبة، ودخول الحمامات!! فلماذا صدر قرار بترميمها؟ ولماذا صدر قرار بتحويل الطلبة لمدرسة أخري؟ ولماذا لم ترمم؟ ولماذا ألغي قرار التحويل وعاد الطلبة لمدرستهم؟ ولماذا ولماذا ولماذا؟ أسئلة تبحث عن إجابات لا رد لها إلا عند وزير التربية والتعليم؟ والسؤال الساذج المعتاد من سيتحمل المسئولية إذا سقط جزء من المدرسة علي نفوخ أحد الطلبة ولا قدر الله وطب ساكت؟ الوزير.. ولا الأبنية التعليمية.. ولا الإدارة التعليمية، ولا الحي، ولا مديرة المدرسة، ولا المدرسين، ولا الفراشين، ولا كاتبة هذه السطور؟