كالعادة بدأ المدرسون حصص الدروس الخصوصية قبل بداية الترم الثاني بأسبوعين، وطبعا مع زيادة في ثمن الحصة.. وأيضا رسوم السنتر الذي يعطون فيه الدروس، وكالعادة أيضا يرضخ الاهالي لكل هذا الابتزاز، فهذا الأمر أصبح عادة لكل المصريين، وربنا ما يقطعها.. إلا أن الامر اختلف مع أولياء أمور طلبة مدرسة المعادي التجريبية لغات، فقد تحول هذا الأمر لديهم فرض واقع، ولا فرصة أمام أي طالب للهروب من الدروس الخصوصية لأي مادة ولو حتي الكمبيوتر والرسم، لأن النتيجة الحتمية الوحيدة لمن يحاول الاعتماد علي المدرسة فقط دون الدروس هي الموت!! الحكاية ببساطة أن هذه المدرسة العريقة التي تخرج فيها الآلاف من الأطباء والمهندسين والطيارين والمدرسين والمحاسبين.. بل والوزراء والمسئولين في العديد من المواقع المهمة.. هذه المدرسة تحولت لبؤرة موت.. فقد تهدمت أسقف بعض الفصول، وضربت الشقوق والتصدعات فصولا أخري، حتي اضطرت إدارة المدرسة لإغلاق الحمامات، والمكتبة، وحجرات الأنشطة، وبعض الفصول بالضبة والمفتاح، حرصا علي حياة الطلبة.. وطبعا أرسلت مذكرة عاجلة للوزارة لإيجاد حل سريع لهذه الكارثة، وبدورها أرسلت وزارة التربية والتعليم لجنة لبحث الأمر، وكان التقرير مؤكدا لكل ما جاء بمذكرة الإدارة، وأوصي بإيجاد حل بديل وسريع قبل عودة الطلبة للمدرسة، فالنتيجة معروفة، والكارثة تطل برأسها إذا ما عاد الطلبة للمدرسة دون حل.. وطبعا وطبقا للروتين في بلدنا ليس بمقدور الوزارة وحدها اتخاذ قرار إغلاق المدرسة، فتم رفع الأمر لحي المعادي، الذي أرسل بدوره مندوبا ليقف علي حقيقة الوضع في المدرسة.. وكانت المفاجأة أن مسئول الحي أخرج تقريره بأن حال المدرسة تمام، ويمكن للطلبة أن يعودوا للفصل الدراسي التاني دون مشاكل.. فقط يوصي بإغلاق الفصول والحجرات التي ظهرت بها التصدعات، ولمزيد من الاحتياط يتم غلق الحمامات!! وهكذا بمنتهي البساطة وجد مسئول الحي الحل، دون إزعاج لأحد، أو اثقال كاهل السادة المسئولين سواء في وزارة التربية والتعليم أو حي المعادي أو حتي إدارة المعادي التعليمية بمزيد من الهموم والمسئوليات، كفاية اللي شايلينه، كمان يشيلوا هم مدرسة آيلة للسقوط، أو تصدعات في بعض الفصول، الحكاية كلها مش محتاجة أكتر من تنبيه علي الطلبة ما يجروش جامد في المدرسة، وللاحتياط يتم ضم الفصول لبعض، وتغير بسيط في الأماكن، وإغلاق الحمامات أمر مش حايضر وأهي سنة وتعدي!! وطبعا عندما عاد الطلبة للمدرسة وشاهدوا هذا الوضع أخبروا أهاليهم، ودون تفكير كان رد فعل معظم الاهالي، بلاها مرواح مدرسة، أرواحكم أغلي، وإذا كان علي المنهج ناخد دروس في كل المواد.. وهذا طبعا كان القرار الأسهل للقادرين من أولياء الأمور، أما غير القادرين فلم يكن أمامهم حل سوي إجبار أبنائهم علي الذهاب للمدرسة ولكن بعد أن يقسموا لأهلهم أنهم مش حايجروا في المدرسة، ولا يلعبوا، ولا يدخلوا الحمامات، ولمزيد من الاحتياط بلاش سندوتشات في المدرسة علشان مايدخلوش الحمام .. العمر غالي برضه.. ولما يبقي باب المدرسة يقع علي أي طالب نبقي نحاسب البواب.. ولو لا قدر الله وقع السقف علي دماغ أي طالب نبقي نحاكم مبيض المحارة.. أما لو وقع طفل في أرضية الحمام أو وقع السقف علي دماغه.. نبقي نطلع عين أم السباك.. وكله تمام ولاعزاء للفقراء.. ولا لأطفال مدرسة المعادي التجريبية الذين يتربص بهم الموت كل صباح ورغم ذلك يقفون في طابور الصباح ويرددون الشهادتين!!