مسامير على الطريق، من بذرها؟ جراكن بنزين تسفح كل يوم على أعقاب السجائر المشتعلة.. من الفاعل السرى؟ من الذى مازال يتنصت علي المكالمات، ومن يحرك جموع البلطجية الى مواقع الفتن؟ ومن يزرع المندسين بين أكتاف الثوار فيبدلون الهتاف للوطن الى شتيمة، والغناء لمصر الى اتهامات عمالة وخيانة؟ فى الظلام يتحرك، كقط غادر يسرق الفرحة من عيون البسطاء، يحول الثورة الى «عورة» والحرية الى فوضى، وشعاع الشمس الى نار لافحة. انه مازال يخطط، ويدرس، ويحكم، ويتحكم، ويسوس، ويحرك، ويقرب، ويقصى، ويعلى، ويخفض.. يتخير التفاهات ليحولها الى معارك صاخبة، وينفث سمومه بين الإخوة فيتصارعون على لا شىء.. يصنع الأبطال الوهميين ويحركهم يميناً ويساراً لتحقيق مآربه. إنه أبولهب الذى ماتبت يداه بعد، والذى أغناه ماله وما كسب، ولم تمسه الثورة بلهب. يتسلطن على عرش مصر من خلف أستار حتى يمهد الطريق لتتويجه شرعياً. هو المسئول عن «لخبطة» التغييرات الوزارية ورخاوتها، واللاعب ضد محاكمة القتلة والمفسدين، والنافخ فى أتون الفتنة الطائفية،والمخرج المنفذ لبرامج التراشق والتناحر والتنابز الفضائية. هو بلاشك الذى أمر صحفاً ممولة من فاسدين وقتلة بأن تتهم شخصيات حسنة السمعة بالفساد والتطبيع لابعادهم عن الوزارة، وهو بلاشك الذى دفع لشباب مأجور أن يتحدث باسم الثوار مهدداً باغلاق قناة السويس.. وهو أيضاً من اتهم القوى السياسية المعتدلة مثل الوفد بالظلام والقبح. وبتعبير شاعرنا الصريح نزار قبانى فإن نفوذ أبى لهب أكبر مما يتصور أحد حتى إنه يقول لنا: «كل الكلاب موظفون، ويأكلون... ويسكرون على حساب أبى لهب، لا قمحة فى الأرض تنبت دون رأى أبى لهب.. لا سجن يفتح دون رأى أبى لهب.. لا رأس يقطع دون أمر أبى لهب». وسيبقى أبو لهب حاقداً على يقظة الشعب، ناقماً على تحرره، رافضاً نهوضه، حريصاً على تشويهه وتشويه ما فعل، لأنه يأتمر بحلفائه فى البيت البعيد، هناك حيث لا أخلاق سوى المصلحة ولا مبادئ عدا المنفعة. والغريب ان الناس تعتقد أن أبا لهب كان من أتباع الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك، والصحيح ان مبارك هو الذى كان من أتباع أبى لهب. [email protected]