لكل شعب «التسالي» التي يتسلي بها.. في الصيف وفي الشتاء.. لأن درجة الحرارة هي التي تحدد نوع التسالي.. سواء كانت مواد صلبة.. أو سائلة مثل المشروبات.. ومشروبات شعوب المناطق الحارة تختلف عن مشروبات شعوب المناطق الباردة.. في مصر مشروبات الصيف كانت- قديماً- متوفرة من المواد المتوفرة محليا أو بعض ما نستورده. مثل العرقسوس، والكركديه، والخروب.. والتمر هندي. حتي أننا صنعنا مشروبا مشتركا من الكركديه والتمر الهندي اسمه: العناب!! وكان عندنا أيضا عصير القصب.. والبوظة المصرية التي هي نوع من تخمير الخبز البايت وبعض الشعير. وكانت تشرب في «القرعة» وفي نصف حبة القرع العسلي ليأخذ المشروب بعضا من حلاوة القرع. تم تطور الوعاء إلي «قرعة من الفخار». وكانت هذه «البوظ» منتشرة في الاحياء الشعبية في السيدة زينب. وباب الشعرية. وباب الخلق. وفي بولاق، أبوالعلا.. وأيضا في الفجالة حيث الطبقات العاملة والصنايعية.. وعرفت مصر شراب «السكر والليمون» يعني الليمونادة بالطلياني. وانتشر هذا المشروب في العصر الفاطمي. وفي جاردن سيتي شارع شهير اسمه شارع السكر والليمون والسبب أن الخديو إسماعيل عندما نظم حفل زواج الأنجال «أنجاله وأنجال الأسرة الحاكمة وكبار المصريين، أقام الأفراح في المنطقة المعروفة الآن باسم «المنيرة» بسبب الأنوار التي دامت 40 ليلة، علي مشارف غرب قصر عابدين واختار المنطقة المقابلة لها- في جاردن سيتي»- لصنع شراب السكر والليمون الذي كان يقدم للمدعوين.. والمارة من الناس!! ثم عرفت مصر عصائر الفاكهة في العصر الحديث: برتقال. مانجو. جزر. ووصلنا في خمسينيات القرن الماضي إلي «شراب البرسيم» والذي تحول إلي نكتة فقد كان العربجي يقف أمام محل العصير ليطلب عصير قصب للحمار.. وعصير برسيم، لسيادته!! حتي وصلنا أخيراً إلي «الفخفاخينا» وهو كوكتيل من الفواكه المختلفة.. وكانت سيداتنا- زمان- بارعات في عمل العصير المركز من التوت الشامي. ومن الورد. والرمان. والمشمش.. وكلها تقدم باردة، بعد تخفيفها بالماء المثلج. أما في الشتاء فكان المصري يعشق الزنجبيل بالحليب. والقرفة بالحليب. والحلبة الحصي. والقرفة السادة. والكركديه ساخناً. والكاكاو للأغنياء فقط!! أما شعوب المناطق الحارة والمعتدلة- غيرنا- فكانت تشرب في الصيف البيرة وفي الشتاء الخمور الخفيفة، للنساء والرجال. وبعض عصائر الفاكهة مثل إيطاليا واليونان وجنوبفرنسا. أما عندما يشتد البرد فهم يشربون الخمور «الثقيلة» مثل الويسكي والبراندي والكويناك ولكن إذا زادت البرودة- كما في روسيا- فإن شراب الفودكا هو المفضل!! وفي ألمانيا عندما طلبت ماءً للشرب قالوا الماء للغسيل والبيرة.. للشرب!! وفي أمريكا اخترع الأمريكان المشروبات الغازية الخفيفة مثل الكوكاكولا والبيبسي ثم سفن آب. لدرجة أنهم كانوا يقدمون الكوكاكولا لجيوشهم في جبهات القتال في الحرب العالمية الثانية، ولهذا أعفوا هذا المشروب من الضرائب أيامها!! بل لهذا حاربت أمريكا منذ حوالي قرن من الزمان صناعة وتجارة الخمور. وفي اليابان، صنعوا- من الأرز- شراب الساكي بعد تخميره وانتشر في ساحل الصين الشرقي. أما أبناء العراق- وبالذات في البصرة حيث تكثر أشجار النخيل، فقد صنعوا أشد أنواع الخمور.. من البلح، أي من التمور.. وذلك من «دبس التمر» وإن كان سبقتهم بعض شعوب الشرق الأدني القديمة في اكتشاف خمر دبس التمر.. تماما كما برع المصريون القدماء أيام الفراعنة، في صناعة البيرة.. التي كانوا يقدمونها للعمال والمهندسين أثناء بناء الأهرام، في الأسرة الرابعة القديمة!! ولا ننسي هنا صناعة النبيذ من العنب. حيث توسعت هذه الصناعة في العصر الروماني بسبب كثرة وتقدم مزارع العنب الذي تحصي أنواعه بالعشرات وكانت أفضل مزارعه هناك في إيطالياوجنوب وشرق فرنسا.. وفي اليونان وامتدت هذه الشهرة إلي الساحل الشمالي الغربي- في مصر- واكتشفنا هناك الكثير من معاصر العنب، الذي كان يجود في هذه المنطقة من شمال مصر.. ولكن أفضل نبيذ- في العالم الآن- ينتج من منطقة بوردو في فرنسا.. يليه ما ينتج في ولاية كاليفورنيا في الغرب الأمريكي.. وفي مناطق نطلق عليها «جغرافيا» مناطق مناخ البحر المتوسط.. في قارات العالم. ومنها أيضا: جنوب إفريقيا.. وهناك ما يشرب مع اللحوم الحمراء.. وما يشرب مع اللحوم البيضاء.. ويختلف الثمن كلما كان من النوع المعتق جيد التخزين في أقبية خاصة تحت الأرض!! أما في السعودية ودول الخليج، فإن أفضل ما يشرب هناك هو حليب الناقة وقد رأيت- في أول السبعينيات- كثيرا من البدو وأمام بيوتهم تقف هذه «النوق أو النياق» ليشربوا حليب الناقة هذا.. أما الشراب القومي لكل هذه الشعوب فهو «القهوة العربي» أي المرة.. ويا سلام علي معشوقتي هذه القهوة العربية، حتي الآن!! وفي المغرب، فإن «التاي» المغربي أي الشاي بالنعناع الأخضر فهو أفضل مشروب، في كل شمال إفريقيا..