أيام وتنتهي مدة الستة أشهر التي أعلنتها دول الخليج لدعم مصر بوقود بقيمة 700 مليون دولار شهرياً، بخلاف العهد الذي قطعه رؤساء وملوك وشيوخ دول الخليج بدعم مصر اقتصادياً في حالة وصول المشير عبدالفتاح السيسي رئيساً للبلاد.. وهذا ما أكده أحمد الجار الله رئيس تحرير جريدة السياسة الكويتية، عندما كتب: «أنه في حال نجاح المشير عبدالفتاح السيسي سندعم مصر ب 100 مليار دولار من خلال إنشاء شركة عظمي لإنقاذ البنية التحتية للاقتصاد المصري». ولكن حتي الآن لم يصل مصر سوي 16.5 مليار دولار بما فيها دعم الوقود.. والسؤال مع بداية سبتمبر القادم ستكون مصر في أمس الحاجة إلي الدعم، خاصة مع نفاد الوقود؟.. هل ستستمر دول الخليج في الدعم؟ سياسيون وخبراء اقتصاد أجمعوا علي استمرار دعم الخليج لمصر بسبب وجود مصالح مشتركة من الناحية السياسية والاقتصادية بين الجانبين، إذ يتخوف حكام دول الخليج من امتداد ثورات الربيع العربي لأراضيهم.. ونشدوا في الرئيس عبدالفتاح السيسي الأمل الأخير ليؤكدوا لشعوبهم أن مصر لفظت الحكم المتطرف لعدم صلاحيته لإدارة البلاد.. ومن الناحية الاقتصادية تعد أرض مصر مجالاً خصباً للاستثمار، خاصة مع بدء إنشاء قناة السويس الجديدة التي ستوفر الكثير لدول الخليج المجال لعبور سفنها الضخمة.. واختلف آخرون علي تلقي مصر المنح، مطالبين بتحقيق النهضة بسواعد أبنائها.. «الوفد» تفتح ملف دعم دول الخليج لمصر. قال الدكتور فخري الفقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة مساعد مدير صندوق النقد الدولي عضو الهيئة العليا للوفد: إن دول الخليج دعمت مصر ب 16.5 مليار دولار لوقف تدهور الأحوال الاقتصادية، حيث رصدت 3 دول هي: السعودية والإماراتوالكويت حزماً مالية بلغت 12 مليار دولار منها 6 مليارات ودائع بالبنك المركزي لتحسين الاقتصاد و3 مليارات دولار كمنح عينية لا ترد و3 مليارات دولار أيضاً منحاً نقدية لا ترد تم ضخها في الموازنة العامة. وأضاف «الفقي»: عندما اشتدت أزمة الطاقة قررت الدول سالفة الذكر دعم مصر بسولار وبنزين بقيمة 3 مليارات دولار، وتعهدت دول الخليج أيضاً بدعم مصر من المواد البترولية لمدة 6 شهور بدأت منذ شهر فبراير 2014 الماضي وتنتهي نهاية أغسطس الحالي بقيمة مالية بلغت 700 مليون دولار شهرياً، وبلغ إجمالي دعم الطاقة 4.5 مليار دولار. وأشار «الفقي» إلي أن إنتاجنا من الطاقة لا يكفي وأننا في سبتمبر القادم سنحتاج 900 مليون دولار شهرياً لتوفير المواد البترولية. وواصل «الفقي»: تعاقدنا مع الجزائر علي توريد الأخيرة للغاز الطبيعي المسال لمدة عام يبدأ في سبتمبر 2014 وينتهي في أغسطس 2015 من خلال قروض ميسرة من الجزائر والهدف تشغيل محطات الطاقة. وأوضح «الفقي» أن دول السعودية والإماراتوالكويت لديها استثمارات مالية ضخمة في مصر سواء استثمارات خاصة لأفراد كشركات إعمار الكويتية والخرافي الكويتية والحكير والشربتلي السعودية. وتوقع «الفقي» أن تستمر دول الخليج في الاستثمار بمصر، خاصة بالتزامن مع إنشاء محور قناة السويس لتحفيز النشاط الاقتصادي والاستفادة المشتركة. وواصل «الفقي» أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ملك السعودية، أعلن عن عقد مؤتمر المانحين في مصر، وعلينا الاستعداد بتجهيز مشروعات ووضع برنامج استثماري جيد لعرضه في المؤتمر حتي يتم ضخ أموال لتنفيذه. وأشار إلي أن الرئيس عبدالفتاح السيسي حرص علي إعادة الوئام والعلاقة الطيبة بين مصر ودول الخليج مما يساعد في زيادة الاستثمارات الخليجية في مصر. أما الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدي المصري للدراسات الاقتصادية، فيري أن دعم دول الخليج لمصر سيظل مستمراً لأن من مصلحة هذه الدول أن تظل مصر قوية، ف «داعش» تمثل رعباً للسعودية، وهناك خلايا متطرفة في الإمارات وخلية السلفيين في الكويت ودول الخليج. وواصل «عبده»: إن مصر أقرب للعرب من أمريكا، وأنهم سيقفون معنا في إنشاء قناة السويس الجديدة وستستمر المنح، ولن نطلب مساعدات عربية لأنهم سيستفيدون من القناة الجديدة من خلال مرور السفن العملاقة الحاملة للبترول الخليجي.. مما يوفر لهم في تكاليف النقل، ودعم «السيسي» لإقامة مصر القوية مكسب كبير للعرب ولأمنهم واستقرارهم. وأكد الدكتور محمد النجار، أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها، أن المصالح المشتركة هي العامل الرئيسي في دعم دول الخليج لمصر وإذا توقفت المصالح فسيتوقف الدعم. وأشار إلي أنه يجب علي مصر ألا تعتمد علي غيرها وعلينا التخلص من المأزق الحالي بإحداث تنمية مستقلة، فالرئيس «السيسي» اتخذ خطوات جادة رغم قسوتها ولكن ساعدت في نهوض الاقتصاد ومنها رفع أسعار الوقود التي وفرت أضعاف منح الخليج. وواصل «النجار» كلامه: نستطيع توفير أموال من قيمة مخالفات أدوار البناء لأن الإزالات لن تجدي، وفرق أسعار الأراضي، والمتأخرات الضريبية، كلها أموال تساعد علي الانتعاش الاقتصادي. ويري طارق سباق، سكرتير عام مساعد حزب الوفد، أنه في القريب العاجل سيتم عقد مؤتمر المانحين لدعم الاقتصاد المصري، وستقوم الدول الخليجية بضخ استثمارات كبيرة وإقامة مشروعات تنموية. وأوضح «سباق» أن دور الخليج لن يقتصر علي إرسال المنح والمعونات، لكن الاستثمارات ستكون لها دور الريادة خلال المرحلة المقبلة من أجل الدفع بعجلة الاقتصاد المصري للأمام بعد أن مني بخسائر جسيمة خلال الفترة الماضية. وطالب «سباق» بضم مصر إلي مجلس التعاون الخليجي، خاصة أن حدود مصر تقع مع حدود المملكة العربية السعودية. وأضاف المهندس أكمل قرطام، رئيس حزب المحافظين، أن أمن الخليج القومي من أمن مصر، ويري أن هناك استثمارات كبيرة داخل الأراضي المصرية ستتم بعد مؤتمر المانحين، وأن وقوفهم مع مصر يعد فائدة للطرفين. أما وحيد الأقصري، رئيس حزب مصر العربي الاشتراكي، فيري أن دول الخليج تعرضت لضغوط أمريكية شديدة لوقف المعونات عن مصر حتي لا تخرج الدولة من الضعف الاقتصادي الشديد الذي سيصل إلي حد الانهيار. وأضاف «الأقصري» أن الولاياتالمتحدة الأمريكية كان لها تأثير مباشر علي دعوة السعودية للدول الخليجية لعقد مؤتمر لدعم الاقتصاد المصري، محذرة الدول الخليجية من دعم مصر، خاصة قطر ذات الروابط مع الكيان الصهيوني التي تقع علي أرضها أكبر قاعدة أمريكية في الدول العربية، وأثرت علي المنح التي وعدت بها دول الخليج مصر. وأشار «الأقصري» إلي أن الرئيس عبدالفتاح السيسي رفع راية الكرامة، متحدياً الظروف الصعبة، معلناً أن مصر ستعتمد علي سواعد أبنائها في إنشاء المشروعات القومية وعلي رأسها مشروع قناة السويس الجديدة، ومشروع تنمية محور قناة السويس.. ويري أن إقامة هذه المشروعات سيكون مصدراً للمؤامرات ضد الرئيس أو محاولة اغتياله، وقد أعلنت أمريكا علي لسان أحد مسئوليها بالكونجرس أنها لن تسمح بوجود ناصر جديد في الشرق الأوسط. وأضاف «الأقصري» أن الضغوط الأمريكية من الممكن أن تنهار أمام حصن تلاحم دول الخليج مع مصر، وامتلاك إرادتها في رفض الضغوط الأمريكية، فإذا ما كان هناك تضامن بين كل الدول ستنهار الضغوط أمام الصمود العربي.