«بيض وفول وجبن وخبز»هو طعام عمال الحفر في تفريعة قناة السويس الجديدة بسيناء.. خيام من الاقمشة ومراتب من الاسفنج هي مضجع هؤلاء البسطاء الذين تركوا حياتهم واولادهم في مدنهم وقراهم لينضموا لكتيبة العمل التي تواصل عملها ليلا ونهارا في مشروع قناة السويس الجديدة لاتمام المهام فيها في الموعد المحدد. «الوفد» التقت عمال الحفر الذين انتشروا أعلى المعدات في صحراء سيناء الساخنة في ساعات العمل والراحة لترصد واقع معيشتهم اليومية.. حياة بدائية ووسائل اعاشة محدودة لكن الجميع هنا لديه الاصرار والعزيمة على التعب من اجل انجاز العمل فهم يرون انهم يصنعون مستقبلا للأجيال بحفر القناة الموازية كما صنع الاجداد مستقبلا لهم بحفر قناة السويس. الطريق الى موقع المشروع يبعد عن معدية نمرة 6 شرق قناة السويس نحو 10 كيلو مترات تقريبا تقطعها السيارة في وسط الصحراء القاحلة جزء منه ممهد والجزء الاخر لا يزال علي حاله. وقال خالد نايف احد المقاولين المشاركين في المشروع من محافظة الشرقية «تركت زوجتي واولادي للمشاركة في المشروع وانا على علم انني قد لا أتمكن من زيارتهم خلال الاشهر القادمة بسبب مواصلة العمل طوال 24 ساعة ورغم ظروف العمل في الصحراء دون وجود اية خدمات فالجميع هنا لديهم الاصرار على العمل والانجاز وتابع «أكثر من 1000 سيارة نقل و200 لودر نستخدمها في مسافة 2 كيلو لاعمال الحفر» . واكد نايف انهم يقطعون مسافة نحو 30 كيلو متر لاحدى قرى شباب الخريجين او لمدينة الاسماعيلية للحصول على احتياجات العمال كل يوم من الأكل والشرب .وقال اننا لا يمكن ان نأتي بمخزون من الاكل يكفي لعدة ايام لعدم وجود اماكن حفظ وعدم وجود ثلاجات .وقال كل ما نطلبه هو توفير اماكن للاعاشة «كرفانات» مجهزة فنحن نقضي ساعات الراحة داخل هذه الخيم التي لا يتوافر فيها سوى «الفرشة والغطا».. وفي قلب موقع المشروع ومع اقتراب عقارب الساعة من الواحدة ظهرا اوقف ابراهيم «شاب في العقد الثاني من عمره» لودره الذي كان يقوده ونزل وفي يده سجادة صلاة واسفل ظل «سكينة اللودر» افترش السجادة على الرمال الساخنة لاداء صلاة الظهر ..اقتربنا منه وبمجرد انتهائه من الصلاة بادرنا بابتسامة هادئة وقال: «الصلاة عندي هي الاهم فموعد الصلاة عندي مقدس حتى يكرمني الله في عملي ويوفق الله بلدنا في هذا المشروع»، وتابع «اعمل 12 ساعة في اليوم و12 ساعة راحة اقضيها بين النوم في الخيمة المعدة من قبل شركة المقاولات وبين الجلوس مع زملائي والحديث معهم واحيانا الغناء والسمر»وقال «اي طعام يقدم لنا نأكله فنحن من نطهو الطعام لانفسنا وزملائنا ونقوم بتوزيع مهام اعداد الطعام على كل مجموعة من العمال داخل كل شركة». «ارز وبامية» كان الطعام الذي اعده محمود لزملائه الذين يعملون منذ الصباح الباكر في اعمال الحفر، ولان المياه المتوفرة عبر خزانات المياه المتنقلة ساخنة للغاية يستخدم العمال «القُلَّة» ليتمكنوا من تبريد المياه قليلا .ويقول محمود ساعات الراحة من الثامنة صباحا حتى الثامنة مساء، اخذ فيها قسط من النوم حتى الساعة الواحدة ظهرا واستيقظ بعدها لاداء صلاة الظهر ولاقوم باعداد الطعام لزملاني الذين يواصلون عليهم حتى الثامنة مساءا، وتابع «نحن نقسم انفسنا على خدمة بعضنا» وقال «نحن صابرون على العمل تحت حرارة الشمس وبين الرمال الساخنة وكل ما نطالب به فقط هو توفير اماكن للاعاشة بدلا من عشش البوص والخيم البدائية التي لا تحمينا من حرارة الشمس نهارا ولا من الزواحف ليلا». ويقول اللواء كامل الوزيري رئيس اللجنة الهندسية للمشروع بالقوات المسلحة ان العمل مستمر طوال 24 ساعة على فترتين وان ساعتين فقط للراحة .واكد ان 40 شركة تعمل بالمشروع على طول 35 كيلو مترا وان المشروع مقسم لقطاعات تقوم الشركات العاملة بتنفيذ اعمال الحفر على طول كل المسافة المحددة. واكد الوزيري ان القوات المسلحة بصدد اقامة خدمات ادارية بها اطعمة ومياه للعاملين بالمشروع، وستتم اقامة مبنى اداري وفنى خلف المنصة ومكاتب وطقم فنى لأطقم الإشراف، وقاعة تاريخية لتوثيق كافة مراحل المشروع وكافيتريا ومحلات لبيع المنتجات السيناوية، كما ان مديرية التموين ارسلت وفدا لتحديد اماكن لعمل منافذ بيع عيش وبيع اطعمة، فضلا عن وجود شركة كول سيرفس والوطنية للبترول وكذلك توافر المشروعات الانتاجية للجيش الثانى. واضاف الوزيرى أن هناك تكليفات من الرئيس بأن يكون لكل شركة وكتيبة معسكر ادارى ومناطق اعاشة بها مطبخ ومطعم، موضحا ان القرار كان بدء اعمال الحفر واقامة مناطق الإعاشة معا بالتوازي، بدلا من اقامة مناطق الاعاشة والمناطق الإدارية اولا وكان سيستغرق شهرا ويؤخر بدء اعمال الحفر.