يقال: إذا اجتمعت الجمعة والعيد تقع الكوارث فى بيت الحاكم، فاجتماعهما نذير شؤم، وقد يموت الحاكم أو يصاب بمرض قد يؤتى بحياته، ما هي حقيقة هذه الرواية؟، وهل لها أصول في التاريخ الإسلامي أو في السنة النبوية؟، هل الرسول الكريم شهد بالفعل الجمع بين الصلاتين؟، وما الذى أقره؟. أول حالة للجمع بين العيد والجمعة وقعت أيام الخليفة عثمان بن عفان(ت35ه)، وقد روى لنا هذه الواقعة أبوعبيد مولى عبدالرحمن أبوعوف: «شهدت عثمان واجتمع فطر وجمعة، فخطب عثمان فى الناس بعد الصلاة، ثم قال إن هذين العيدين قد اجتمعا في يوم واحد، فمن كان من أهل العوالي فأحب أن يمكث حتى يشهد الجمعة فليفعل، ومن أحب أن ينصرف فقد أذنا له»، رواه البخارى ومالك. الواقعة الثانية كانت في عهد معاوية بن أبى سفيان ( توفى 78 ه) أول خلفاء الدولة الأموية، وسأل فقال له زيد بن أرقم( توفى بالكوفة سنة 66 أو 68ه): «شهدت مع الرسول عيدين اجتمعا في يوم، صلى العيد في أول النهار، ثم رخص في الجمعة بقوله : من شاء أن يجمع فليجمع»، ذكر في النسائي، وأبى داود، وابن ماجة، وأحمد بن حنبل. الواقعة الثالثة حدثت في عهد عبدالله بن الزبير (ولد سنة2 ه- توفى 73ه)، وحكى الواقعة وهب بن كيسان( ت 127ه)، وأشار إلى أن ابن الزبير صلى وخطب العيد ولم يصل الجمعة، رواه النسائى، وابن خزيمة. ونخلص من هذه الروايات أن الخليفة عثمان بن عفان صلى العيد وصلى الجمعة، لكنه رخص لأهل العوالى، سكان المناطق البعيدة، ألا يصلوا الجمعة إذا أرادوا. وقد سلك عبدالله الزبير نفس سلوك عثمان «رضى الله عنهما»، بل ونرى أنه لم يصل الجمعة واكتفى بصلاة وخطبة العيد، والرواية الثانية تؤكد عدم علم معاوية بن أبى سفيان وسؤاله. إذا انتقلنا للعصر الحديث، وتحديدا عام 1939م، فى عهد الملك فاروق فقد طرح السؤال على مفتى المملكة آنذاك الشيخ عبد المجيد سليم، وقال: «نفيد بأن مذهب الحنفية: إذا اجتمع يوم العيد ويوم الجمعة، فإن إحدى الصلاتين لا تجزئ عن الأخرى، بل يسن للشخص أو يجب عليه صلاة العيد، وعليه أيضاً صلاة الجمعة. ففي كتاب الجامع الصغير للسيوطى» عيدان اجتمعا في يوم واحد، الأول سنة والثاني فريضة ولا يترك واحد منهما. وقد ذكر صاحب الدر عن (زافر بن سليمان)القهستاني نقلا عن( محمد بن عبدالله) ت 1596م) التمرتاشي أنهما لو اجتمعا (أى) يوم العيد ويوم الجمعة، لم يلزم إلا صلاة أحدهما، وقيل الأولى صلاة الجمعة وقيل صلاة العيد. هذا والمذكور في (شرح المهذب) للإمام النووي: أن مذهب الإمام الشافعي أنه إذا اجتمع يوم العيد ويوم الجمعة فلا كلام في أنه لا تسقط إحدى الصلاتين بالأخرى عن البلد الذي أقيمت فيه الصلاة، ولكن يرخص لأهل القرى الذين بلغهم النداء وشهدوا صلاة العيد ألا يشهدوا صلاة الجمعة أخذاً بما صح عن عثمان رضي الله عنه ورواه البخاري، في صحيحه من أنه قال في خطبة: «أيها الناس إنه قد اجتمع عيدان في يومكم فمن أراد من أهل العالية -قال النووي وهى قرية بالمدينة من جهة الشرق- أن يصلي معنا الجمعة فليصل، ومن أراد ألا يصلي فلينصرف». وجاء في المغني لابن قدامة الحنبلي أن مذهب الإمام أحمد أن من شهد العيد سقطت عنه الجمعة إلا الإمام لا تسقط عنه إلا أن يجتمع معه من يصلى به الجمعة وقيل في وجوبها على الإمام روايتان وروى عنه أيضاً أنه إذا صليت الجمعة في وقت العيد أجزأت صلاة الجمعة عن صلاة العيد، وذلك مبني على رأيه في جواز تقديم الجمعة قبل الزوال. والذي يظهر لنا أن الصحيح في هذا الموضوع: هو ما ذهب إليه الإمام أحمد من أنه لا تجب صلاة الجمعة على من شهد صلاة العيد، وأنه إذا أديت صلاة الجمعة قبل الزوال أجزأت عن صلاة العيد .