تعليقًا على هجمات لبنان.. بوريل: لا أحد قادر على إيقاف نتنياهو وأمريكا فشلت    اليوم.. جامعة الأزهر تستقبل طلابها بالعام الدراسي الجديد    نحو 30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت خلال ساعتين    آخر تطورات لبنان.. الاحتلال يشن 21 غارة على بيروت وحزب الله يقصف شمال إسرائيل    «أنا وكيله».. تعليق طريف دونجا على عرض تركي آل الشيخ ل شيكابالا (فيديو)    التحويلات المرورية الجديدة بعد غلق الطريق الدائري من المنيب تجاه وصلة المريوطية    طعنة نافذة تُنهي حياة شاب وإصابة شقيقه بسبب خلافات الجيرة بالغربية    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    بحضور مستشار رئيس الجمهورية.. ختام معسكر عين شمس تبدع باختلاف    وزير الخارجية: تهجير الفلسطينيين خط أحمر ولن نسمح بحدوثه    درجات الحرارة في مدن وعواصم العالم اليوم.. والعظمى بالقاهرة 33    «مرفق الكهرباء» ينشر نصائحًا لترشيد استهلاك الثلاجة والمكواة.. تعرف عليها    مع تغيرات الفصول.. إجراءات تجنب الصغار «نزلات البرد»    ضياء الدين داوود: لا يوجد مصلحة لأحد بخروج قانون الإجراءات الجنائية منقوص    المتحف المصري الكبير نموذج لترشيد الاستهلاك وتحقيق الاستدامة    الحكومة تستثمر في «رأس بناس» وأخواتها.. وطرح 4 ل 5 مناطق بساحل البحر الأحمر    إيران تزامنا مع أنباء اغتيال حسن نصر الله: الاغتيالات لن تحل مشكلة إسرائيل    حكايات| «سرج».. قصة حب مروة والخيل    تعرف على آخر موعد للتقديم في وظائف الهيئة العامة للكتاب    حسام موافي: لا يوجد علاج لتنميل القدمين حتى الآن    عاجل - "الصحة" تشدد على مكافحة العدوى في المدارس لضمان بيئة تعليمية آمنة    وزير الخارجية: الاحتلال يستخدم التجويع والحصار كسلاح ضد الفلسطينيين لتدمير غزة وطرد أهلها    المثلوثي: ركلة الجزاء كانت اللحظة الأصعب.. ونعد جمهور الزمالك بمزيد من الألقاب    جامعة طنطا تواصل انطلاقتها في أنشطة«مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان»    صحة الإسكندرية تشارك في ماراثون الاحتفال باليوم العالمي للصم والبكم    حياة كريمة توزع 3 ألاف كرتونة مواد غذائية للأولى بالرعاية بكفر الشيخ    عمر جابر: تفاجأنا باحتساب ركلة الجزاء.. والسوبر شهد تفاصيل صغيرة عديدة    مصراوي يكشف تفاصيل إصابة محمد هاني    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال لاعبي الزمالك بالسوبر.. بيلينجهام وزيدان.. تحية الونش للجماهير    الوكيل: بدء تركيب وعاء الاحتواء الداخلي للمفاعل الثاني بمحطة الضبعة (صور)    الوراق على صفيح ساخن..ودعوات للتظاهر لفك حصارها الأمني    نائب محافظ قنا يتابع تنفيذ أنشطة مبادرة «بداية جديدة» لبناء الإنسان بقرية بخانس.. صور    تجديد حبس عاطل سرق عقارًا تحت الإنشاء ب15 مايو    التصريح بدفن جثمان طفل سقط من أعلى سيارة نقل بحلوان    بدءاً من اليوم.. غلق كلي للطريق الدائري من المنيب اتجاه المريوطية لمدة شهر    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 28 سبتمبر 2024    أمريكا تستنفر قواتها في الشرق الأوسط وتؤمن سفارتها بدول المنطقة    فلسطين.. إصابات جراء استهداف الاحتلال خيام النازحين في مواصي برفح الفلسطينية    أحمد العوضي يكشف حقيقة تعرضه لأزمة صحية    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    «عودة أسياد أفريقيا ولسه».. أشرف زكي يحتفل بفوز الزمالك بالسوبر الإفريقي    "الصحة اللبنانية": ارتفاع عدد ضحايا الهجوم الإسرائيلي على ضاحية بيروت إلى 6 قتلى و91 مصابا    استعد لتغيير ساعتك.. رسميا موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2024 في مصر وانتهاء الصيفي    وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك ويلتقي بعض ممثلي الجالية    جوميز ثاني مدرب برتغالي يتوج بكأس السوبر الأفريقي عبر التاريخ    جوميز: استحقينا التتويج بكأس السوبر الإفريقي.. وكنا الطرف الأفضل أمام الأهلي    5 نعوش في جنازة واحدة.. تشييع جثامين ضحايا حادث صحراوي سوهاج - فيديو وصور    "المشاط" تختتم زيارتها لنيويورك بلقاء وزير التنمية الدولية الكندي ورئيس مرفق السيولة والاستدامة    الشروع في قتل شاب بمنشأة القناطر    «زى النهارده».. وفاة الزعيم عبدالناصر 28 سبتمبر 1970    حظك اليوم.. توقعات الأبراج الفلكية اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    تحرك جديد.. سعر الدولار الرسمي أمام الجنيه المصري اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    الأزهر للفتوى: معتقد الأب والأم بضرورة تربية الأبناء مثلما تربوا خلل جسيم في التربية    كل ما تحتاج معرفته عن حكم الجمع والقصر في الصلاة للمسافر (فيديو)    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد نجيب.. سر نجاح ثورة يوليو
نشر في الوفد يوم 23 - 07 - 2014

تحل اليوم الذكرى ال 62 لثورة 23 يوليو 1952، التى قادها مجموعة من الضباط الأحرار ضد الملك فاروق وأعلنت بعدها انتقال مصر من المملكة إلى النظام الجمهوري، ليبقى هذا اليوم محفورا فى ذاكرة التاريخ بصرف النظر عن آثار الثورة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الإيجابية منها والسلبية، لكنها استطاعت أن تغير اتجاه كافة مناحى الحياة، خاصة السياسية منها فى المجتمع المصري.
كانت ثورة 23 يوليو فى بدايتها مجرد حركة عسكرية، لكنها لاقت قبولا من بعض فئات الشعب المصرى واستقبلتها الجماهير بحفاوة بالغة وأطلقت عليها "ثورة".
وقائد يوليو رجل شُهد له بالشجاعة، فمحمد نجيب هو سر نجاح ثورة 23 يوليو..، وكانت رتبته لواء..أما باقى الضباط الأحرار، فلم يتجاوز أكبرهم سناً رتبة بكباشي... وبفضل نجيب تحولت الحركة إلى ثورة، وإذا كان قُدر لثورة يوليو أن تفشل لكان جزاء محمد نجيب الإعدام رميا بالرصاص طبقا لتقاليد الجيش.
نجيب ودوره فى الثورة:
فى ليلة 23 يوليو لعب نجيب أخطر دور فى نجاح الحركة المخططة لانطلاق ثورة يوليو، فقد انكشف سر الثورة الساعة 9:30 مساء، وعرف أن مؤتمراً لرئيس الأركان الفريق حسين فريد سيعقد فى الساعة العاشرة فى مقر القيادة لترتيب القبض على الضباط الأحرار، فقام على الفور بإبلاغ يوسف صديق بالتحرك قبل ساعة الصفر بساعة، وبالفعل تحرك يوسف صديق ونجح فى اقتحام مركز القيادة.. ولولا هذا التحرك لفشلت الثورة ولقضى عليها قبل أن تبدأ.
وبالرغم من خطورة الدور الذى قام به اللواء محمد نجيب فى نجاح الثورة إلا أن البعض حاول أن يقلل من دوره..وحاولوا أن يصوروا أنه لم يكن له علم بالثورة وإنما"ركب الموجة"والبعض حاول ادعاء أن الضباط الأحرار استخدموا نجيب مجرد واجهة لإنجاح الثورة.. بل وصل الأمر ببعضهم أن يدعى أن محمد نجيب يوم الثورة كان مريضا فى منزله وليس فى ذهنه شيء عن أية ثورة.. وربما كان أمله الوحيد فى شهر يوليو أن يغادر فراشه إلى عمله فى سلاح الفرسان, حتى استيقظ على تليفون من الضباط الأحرار يقولون له:"تفضل لقد قمنا بثورة واخترناك زعيما لها"... وقد نتعجب حينما نعلم أن قائل هذا الكلام هو أنور السادات فى كتابه"قصة الثورة كاملة" والذى كتبه فى عهد عبد الناصر.
خلافه مع ضباط الثورة
كان أول خلاف بينه وبين ضباط القيادة حول محكمة الثورة التى تشكلت لمحاكمة زعماء العهد الملكي، ثم حدث خلاف ثانى بعد صدور نشرة باعتقال بعض الزعماء السياسيين وكان من بينهم مصطفى النحاس، فرفض اعتقال النحاس باشا, لكنه فوجئ بعد توقيع الكشف بإضافة اسم النحاس, وأصدرت محكمة الثورة قرارات ضاعفت من كراهية الناس للثورة ومنها مصادرة 322 فدانا من أملاك زينب الوكيل حرم النحاس باشا, كما حكمت على أربعة من الصحفيين بالمؤبد وبمصادرة صحفهم بتهمة إفساد الحياة السياسية.
ويضاف إلى هذه القرارات قرارات أخرى صدرت رغم أنه رفض التوقيع عليها منها القرار الجمهورى بسحب الجنسية المصرية من ستة من المصريين من الإخوان المسلمين, وزاد الصدام بينه وبين مجلس القيادة عندما اكتشف أنهم ينقلون الضباط دون مشورته، ورفض زكريا محى الدين أن يؤدى اليمين الدستورية أمامه بعد تعيينه وزيرا للداخلية وكذلك رفض جمال سالم.
وذكر فى مذكراته أنه اكتشف أن رجال الثورة كانوا قد عقدوا العديد من الاجتماعات بدونه، كل هذه الأمور دفعته لكى يفكر جدياً فى تقديم استقالته.
استقالته فى فبراير 1954
"بسم الله الرحمن الرحيم"
السادة أعضاء مجلس قيادة الثورة..
بعد تقديم وافر الاحترام، يحزننى أن أعلن لأسباب لا يمكننى أن أذكرها الآن أننى لا يمكن أن أتحمل من الآن مسئوليتى فى الحكم بالصورة المناسبة التى ترتضيها المصالح القومية..
ولذلك فإنى أطلب قبول استقالتى من المهام التى أشغلها, وإنى إذ أشكركم على تعاونكم معى أسأل الله القدير أن يوفقنا إلى خدمة بلدنا بروح التعاون والأخوة".
بهذه العبارات المختصرة قدم محمد نجيب استقالته فى 22 فبراير 1954..وفى 25 فبراير أصدر مجلس القيادة بيان إقاله محمد نجيب، وحاول البيان الانتقاص من دوره وتشويه صورته أمام الجماهير فقد أكد البيان أن نجيب طلب سلطات أكبر من سلطات أعضاء المجلس وأن يكون له حق الاعتراض على قرارات المجلس حتى ولو كانت هذه القرارات قد أخذت بالإجماع، وادعى البيان أنه اختير قائدا للثورة قبل قيامها بشهرين، وانه علم بقيام الثورة ليلة 23 يوليو من مكالمة تليفونية من وزير الداخلية فتحرك إلى مبنى القيادة وهناك تقابل مع عبد الناصر الذى وافق على ضمه وتنازل له عن رئاسة المجلس.
اتخذ ضباط مجلس القيادة هذا القرار وكلهم ثقة فى أنهم قد نجحوا فى مخططهم بإزاحة محمد نجيب, المخطط الذى بدأ بإعلان الجمهورية حتى يكون محمد نجيب رئيسا رمزيا لها فى حين يستحوذ ضباط مجلس القيادة على مجلس الوزراء، وكان من ضمن المخطط إبعاد محمد نجيب عن الجيش عن طريق ترقية الصاغ عبد الحكيم عامر إلى رتبة لواء دفعة واحده وتعيينه قائدا عاما للجيش وبالتالى تستحوذ ضباط مجلس القيادة على السلطة المدنية والعسكرية.
وتصور مذكراته كيف أنه حينما أذيع بيان إقالته على الملأ خرجت الجماهير تحتج عليه وانهالت البرقيات على المجلس ودور الصحف ترفض الاستقالة.. واندلعت المظاهرات التلقائية فى القاهرة والأقاليم لمدة ثلاثة أيام تؤيد نجيب وكانت الجماهير تهتف (محمد نجيب أو الثورة) وفى السودان اندلعت مظاهرات جارفة تهتف (لا وحدة بلا نجيب)، وانقسم الجيش بين مؤيد لعودة اللواء محمد نجيب وإقرار الحياة النيابية وبين المناصرين لمجلس قيادة الثورة.
إعفاؤه من الرئاسة وتحديد إقامته
يوم 14 نوفمبر 1954 توجه محمد نجيب من بيته فى شارع سعيد بحلمية الزيتون إلى مكتبه بقصر عابدين لاحظ عدم أداء ضباط البوليس الحربى التحية العسكرية، وعندما نزل من سيارته داخل القصر فوجئ بالصاغ حسين عرفة من البوليس الحربى ومعه ضابطين و10 جنود يحملون الرشاشات يحيطون به، فصرخ فى وجه حسين عرفة، طالباً منه الابتعاد حتى لا يتعرض جنوده للقتال مع جنود الحرس الجمهوري، فاستجاب له ضباط وجنود البوليس الحربي.
لاحظ نجيب وجود ضابطين من البوليس الحربى يتبعانه أثناء صعوده إلى مكتبه نهرهما فقالا له أن لديهما أوامر بالدخول من الأميرالاى حسن كمال، كبير الياوران، فاتصل هاتفياً بجمال عبدالناصر ليشرح له ما حدث، فأجابه عبدالناصر بأنه سيرسل عبد الحكيم عامر القائد العام للقوات المسلحة ليعالج الموقف بطريقته.
وجاءه عامر وقال له فى خجل:"مجلس قيادة الثورة قرر إعفاءكم من منصب رئاسة الجمهورية فرد عليهم"أنا لا أستقيل الآن لأنى بذلك سأصبح مسئولا عن ضياع السودان أما إذا كان الأمر إقالة فمرحبا".. وأقسم اللواء عبد الحكيم عامر أن إقامته فى فيلا زينب الوكيل لن تزيد عن بضعة أيام ليعود بعدها إلى بيته, لكنه لم يخرج من الفيلا طوال 30 عاما.
خرج محمد نجيب من مكتبه فى هدوء وصمت حاملا المصحف مع حسن إبراهيم فى سيارة إلى معتقل المرج؛ وحزن على الطريقة التى خرج بها فلم تؤد له التحية العسكرية ولم يطلق البروجى لتحيته، وقارن بين وداعه للملك فاروق الذى أطلق له 21 طلقة وبين طريقة وداعه.
وأثناء‏ العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 تم نقله من‏ معتقل‏ المرج‏ إلى مدينة طما فى سوهاج بصعيد‏ مصر وقيل‏ أنه‏ كان‏ من‏ المقرر‏ قتله‏ فى حالة‏ دخول‏ الإنجليز‏ القاهرة‏ ‏‏وذلك‏ بعد‏ أن‏ سرت‏ إشاعه‏ قوية‏ تقول‏ إن‏ إنجلترا‏ ستسقط‏ بعض‏ جنود‏ المظلات‏ على فيلا زينب‏ الوكيل فى المرج‏ لاختطاف‏ محمد نجيب‏ وإعادة‏ فرضه‏ رئيسا‏ للجمهورية‏ من‏ جديد‏ بدلا‏ من‏ الرئيس‏ عبدالناصر ولكن بعد فشل العدوان تم إعادته إلى معتقل المرج.
وجرى التنكيل به حتى أن أحد الحراس ضربه على صدره فى نفس مكان الإصابة التى تعرض لها فى حرب 1948، وكتب الرئيس نجيب عن ذلك فى مذكراته: "يومها هانت على الدنيا.. فقررت أن أضرب عن الطعام".
وأثناء نكسة 1967 ارسل برقية لجمال عبدالناصر يطلب منه السماح له بالخروج فى صفوف الجيش باسم مستعار إلا أنه لم يتلق أى رد منه؛ وظل على هذا الحال حتى تم إطلاق سراحه بواسطة الرئيس السادات فى عام 1974 عقب الانتصار الذى تحقق فى حرب أكتوبر 1973. ورغم هذا ظل السادات يتجاهله تماما كما تجاهله باقى أعضاء مجلس قيادة الثورة.
قالت سلوى محمد نجيب: أن طوال سنوات الإقامة الجبرية له فى المرج كان يهتم بتربية القطط والكلاب.. واعتبر القطط والكلاب أكثر وفاء من البشر واحتفظ نجيب بصورة نادرة لكلبه ترقد على جنبها وترضع منها قطة فقدت أمها, وهذه الصورة كما قال نجيب دليل على أن الحيوانات أكثر ليونة ورقة فى التخلص من شراستها من البشر؛ وحينما توفى أحد كلابه دفنه فى الحديقة وكتب على شاهد القبر:"هنا يرقد أعز أصدقائي".
بتاريخ 21 أبريل 1983 أمر الرئيس السابق حسنى مبارك تخصيص فيلا فى حى القبة بمنطقة قصر القبة بالقاهرة لإقامة محمد نجيب، بعدما صار مهدداً بالطرد من قصر زينب الوكيل نتيجة لحكم المحكمة لمصلحة ورثتها الذين كانوا يطالبون بالقصر، وهو القصر الذى عاش فيه لمدة 29 سنة منها 17 سنة وهو معتقل.
وقال وقتها: "إلى أين أذهب بعد 30 سنة لم أخرج فيها إلى الحياة.. ليس لدى معارف أو أحد يهتم بي. أنا أعيش هنا وحدى بعد أن مات اثنان من أولادى ولم يبق غير واحد منهم، فإلى أين اذهب"؟؟
مؤلفاته
كتب عدد من المؤلفات منها"رسالة عن السودان" 1943, "مصير مصر" (بالإنجليزية) 1955, "كلمتى للتاريخ" 1975, "كنت رئيساً لمصر" ,"مذكرات محمد نجيب" 1984.
نشأته
ولد محمد نجيب بالسودان بساقية أبو العلا بمدينة الخرطوم لأب مصرى وأم سودانية المنشأ مصرية الأصل اسمها"زهرة أحمد عثمان"، اسمه بالكامل محمد نجيب يوسف قطب القشلان، يوجد تضارب حول تاريخ ميلاده، حيث أن التاريخ الرسمى لدى التسنين الذى قام به الجيش هو 19 فبراير 1901- وعادة لا يكون دقيقا- أما فى مذكراته فقد ذكر أن أحد كبار عائلته قال له أنه ولد قبل أحد أقربائه بأربعين يوما، وبالحساب وجد أن تاريخه ميلاده هو 7 يوليو 1902؛ عندما بلغ محمد نجيب 13 عاما توفى والده تاركا وراءه أسرة مكونة من عشرة أفراد، فأحس بالمسئولية مبكرا, ولم يكن أمامه إلا الاجتهاد فى كلية جوردن حتى يتخرج سريعا.
حياته
اشترك فى حرب فلسطين عام 1948 ورغم رتبته الكبيرة فقد كان على رأس صفوف قواته فيها، وجرح 3 مرات وعمل قائدا للواء الأول، ثم اللواء الثانى فالثالث فالرابع، وتعتبر معركة التبة (86) فى دير البلح من أهم المعارك التى اشترك فيها فى فلسطين وعددها (21) معركة، حيث أصيب إصابة بالغة كادت أن تودى بحياته.
عُين قائدا لمدرسة الضباط العظام عام 1948، ثم سافر إلى فلسطين، حيث تسلم قيادة اللواء العاشر بالإضافة إلى الرابع مشاة، وعقب عودته عُين قائدا لمدرسة الضباط العظام مرة أخرى عام 1949، وعين فى العام نفسه مديرا لسلاح الحدود.
رُقّى إلى رتبة اللواء فى 9 ديسمبر 1950، واصطدم بالملك فاروق عام 1951 حين طلب منه ترقية حسين سرى وكيل سلاح الحدود الذى يرأسه محمد نجيب فرفض ترقيته، فامتعض الملك منه، وقام بتعيين حسين سرى مديراً لسلاح الحدود بدلاً منه، وعين محمد نجيب مديراً لسلاح المشاة.
انتخب رئيسا لمجلس إدارة نادى الضباط فى 1 يناير 1952 بأغلبية الأصوات ولكن الملك فاروق أمر بحل المجلس.
قاد ثورة 23 يوليو 1952 وعرض عليه الملك فاروق منصب وزير الحربية ومنحه رتبة فريق مع مرتب وزير لكنه تنازل عنها بعد خروج الملك فاروق إلى المنفى.
شكل أول وزارة بعد استقالة على ماهر باشا عام 1952، ثم تولى رئاسة الجمهورية عام 1953.
وأقيل من جميع مناصبه فى 14 نوفمبر 1954 ووضع تحت الإقامة الجبرية.
مشاركته فى حرب 1948
كانت بداية معرفة محمد نجيب على المستوى الشعبى وعلى مستوى الجيش المصرى أثناء مشاركته فى حرب 1948، ورغم رتبته الكبيرة (عميد) كان على رأس صفوف قواته، حيث أصيب فى هذه الحرب 7 مرات، وكان أخطرها الإصابة الثالثة والأخيرة فى معركة"التبه"86 فى ديسمبر 1948، حيث أصيب برصاصات أثناء محاولته إنقاذ أحد جنوده عندما تعطلت دباباته، وكانت إصابة نجيب شديدة حيث استقرت الرصاصات على بعد عدة سنتيمترات من قلبه, وحينما اختبأ خلف شجرة وجد الدم يتفجر من صدره، وكتب وصيه لأولاده قال فيها"تذكروا يا أبنائى أن أبيكم مات بشرف..وكانت رغبته الأخيرة أن ينتقم من الهزيمة فى فلسطين ويجاهد لوحدة وادى النيل".
وعندما تم نقله إلى المستشفى اعتقد الأطباء أنه استشهد, ودخل اليوزباشى صلاح الدين شريف لإلقاء نظرة الوادع على جسده فنزع الغطاء وسقطت دمعة على وجه محمد نجيب وتحققت المعجزة فقد تحركت عيناه فجأة فأدرك الأطباء أنه لا يزال على قيد الحياة وأسرعوا بإسعافه, وقتها حصل على نجمة فؤاد العسكرية الأولى تقديراً لشجاعته فى هذه المعركة فقد كان أول ضابط مصرى يقود ما يربو على الفيلق بمفرده.
انضمامه لحركة الضباط الأحرار
بعد حرب 1948 عاد إلى القاهرة قائدا لمدرسة الضباط العظام, وتيّقن أن العدو الرئيسى ليس فى فلسطين وإنما الفساد الذى ينخر كالسوس فى مصر والذى كان يتمثل فى الملك وكبار الضباط والحاشية والإقطاع, وكان يردد دائما أن المعركة الحقيقة فى مصر وليست فى فلسطين، ولا يتردد أن يقول هذا الكلام أمام من يثق فيهم من الضباط, وفى فترة من الفترات كان الصاغ عبد الحكيم عامر أركان حرب للواء محمد نجيب, ويبدو أن كلام نجيب عن الفساد فى القاهرة قد أثر فيه فذهب إلى صديقه جمال عبد الناصر وقال له كما روى عامر لنجيب بعد ذلك: "لقد عثرت فى اللواء محمد نجيب على كنز عظيم".
كان جمال عبدالناصر قد شكل تنظيم الضباط الأحرار, وأراد أن يقود التنظيم أحد الضباط الكبار لكى يحصل التنظيم على تأييد باقى الضباط , وبالفعل عرض عبد الناصر الأمر على محمد نجيب فوافق على الفور. ويقول ثروت عكاشة – أحد الضباط الأحرار - فى كتابه "مذكراتى بين السياسة والثقافة": " كان اللواء محمد نجيب أحد قادة الجيش المرموقين لأسباب ثلاثة: أولها أخلاقياته الرفيعة, وثانيها ثقافته الواسعة فهو حاصل على ليسانس الحقوق، وخريج كلية أركان الحرب ويجيد أكثر من لغة ويلم باللغة العبرية، وثالثها شجاعته فى حرب فلسطين التى ضرب فيها القدوة لغيره وظفر بإعجاب الضباط كافة فى ميدان القتال".
وكان اختيار تنظيم الضباط الأحرار لمحمد نجيب سر نجاح التنظيم داخل الجيش, فكان ضباط التنظيم حينما يعرضون على باقى ضباط الجيش الانضمام إلى الحركة كانوا يسألون من القائد، وعندما يعرفوا أنه اللواء محمد نجيب يسارعون بالانضمام.
ويؤكد اللواء جمال حماد أحد الضباط الأحرار أن الحركة لم تكن لتنجح لولا انضمام اللواء محمد نجيب إليها لما كان له من سمعة طيبة فى الجيش، ولما كان منصبه ذو أهمية إذ أن باقى الضباط الأحرار كانوا ذوو رتب صغيرة وغير معروفين.
ترشحه لانتخابات نادى الضباط
ويقول محمد نجيب فى مذكراته:"انتخابات نادى الضباط كانت هى الخطوة الفعالة الأولى فى طريق ثورة يوليو.. فقبل انتخابات النادى كانت اللجنة التنفيذية لتنظيم الضباط الأحرار تعتقد أنه ليس من الممكن القيام بالثورة قبل عام 1955.. لكن بعد الانتخابات أحس الضباط بمدى قوتهم.. ورشح محمد نجيب نفسه رئيسا لمجلس إدارة النادى لاختبار مدى قوة الضباط الأحرار وتحديا للملك.. وقبل الملك التحدي..ورشح حسين سرى عامر.. وكانت الانتخابات أول اختبار حقيقى لشعبية اللواء محمد نجيب داخل الجيش.
ومع طلوع فجر اليوم الأول من يناير 1952 أعُلنت النتيجة وحصل محمد نجيب على أغلبية ساحقة شبه جماعية ولم يحصل منافسيه سوى على 58 صوتا فقط, وكانت النتيجة صدمة شديدة للملك فقرر حل مجلس إدارة النادي.
أدرك الملك الشعبية الطاغية لمحمد نجيب وسط الضباط، فرشحه وزيرا للحربية قبيل الثورة بأيام؛ فى محاولة لامتصاص غضب الضباط، ولكن المحاولة تأخرت كثيرا فقد دارت عجلة الأحداث سريعا لتشهد مصر ميلاد عهد جديد صباح 23 يوليو 1952.
بداية عودة نجيب
وفى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك بدأ اسمه يظهر فى الكتب المدرسية على أنه أول رئيس للجمهورية، كما أطلق اسمه على إحدى الميادين فى مدينة كفر الزيات بالغربية ومدرستين بالإسكندرية بسيدى بشر والأخرى بالهانوفيل، وأطلق اسمه على إحدى محطات القطارات فى القاهرة (مترو محمد نجيب)؛ وفى 24 سبتمبر 2007 تم افتتاح متحف خاص لمحمد نجيب فى القرية الفرعونية يضم مقتنياته وعددا كبيرا من الصور.
رحيله
رحل محمد نجيب فى هدوء عن عمر يناهز 83عاما فى 28 أغسطس 1984 فى مستشفى المعادى العسكرى بالقاهرة، لم يكن يعانى من أمراض خطيرة، لكنها كانت أمراض الشيخوخة، بعد أن كتب مذكراته شملها كتابه كنت رئيساً لمصر، ويشهد له أن كتابه خلا من أى اتهام لأى ممن عزلوه.
وعلى الرغم من رغبة نجيب فى وصيته أن يدفن فى السودان بجانب أبيه، إلا أنه دفن فى مصر فى جنازة عسكرية مهيبة، وحمل جثمانه على عربة مدفع، وتقدم الجنازة الرئيس الأسبق حسنى مبارك وأعضاء مجلس قيادة الثورة الباقين على قيد الحياة لتطوى صفحة رجل قاد أهم نقطة تحول فى تاريخ مصر الحديث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.