بتوليفة من كلمات «أدب سيس وأدب يوك وخرسيس» وإكسسوارات فقيرة تمثل مجوهرات الأسرة المالكة إبان العصر الخديو، اعتقد البعض أنها كفيلة بصنع مسلسل عن مرحلة مهمة من تاريخ مصر، فجاء مسلسل «سرايا عابدين» فى حلقاته ممزوجاً بالعديد من الأخطاء التاريخية التى قدمها السيناريست بداية من قصر عابدين الذى تدور بداخله الأحداث فرغم أنه بنى بعد بداية أحداث المسلسل ب12 عاماً 1872، إلا أنه دارت فيه أحداث عام 1860.. أما عن اللغة فحدث ولا عجب فمع أن التاريخ يؤكد أن الأسرة العلوية تتكلم باللهجة المصرية إلا أن القائمين على المسلسل تفتق ذهنهم وصبغهم باللهجة التركية التى شاهدناها فى مسرحية «سيدتى الجميلة».. أما الخديو إسماعيل والذى لم يخرج عن كونه زير نساء فى المسلسل تتحكم فيه نزواته وعلاقاته النسائية لم تعرف هبة مشارى أنه انضم إلى حركة العاملين على تحرير الرقيق فى أنحاء العالم، واكتسب ثناء الإنسانية فى مقاومة تجارة الرقيق، والعمل على تحرير وإبطال الرق نفسه، ورغم أن الخديو إسماعيل واجه معارضة شديدة وتعنتاً من رجال الدين والمال والأثرياء وملاك الرقيق أنفسهم فى مصر، لأنهم يرون محاولات إبطال الرق تحدياً وتعدياً على الشريعة الإسلامية والعرف السائد، واعتقد هؤلاء أنه لا يوجد أى مبرر يدعوهم إلى التخلى عن ممتلكاتهم بهذه السهولة، وفى المقابل نجد حالات تحرير قام إسماعيل باشا بتعويض أصحابها، وإنشاء أقلام حكومية أصبحت هى المنوطة من دون غيرها بعتق الرقيق الطالبين للحرية، وللأسف لم يستطع المسلسل الاقتراب من زمن المحروسة الجميل فى تلك الحقبة التاريخية المهمة فى التاريخ والتطرق للدور الذى لعبه الخديو إسماعيل فى النهوض بالبلاد.. ومن بين الأخطاء التاريخية التى لا تغتفر أنه فى عام 1860، لم يكن إسماعيل قد حصل على لقب خديو الذى ناله بفرمان من الباب العالى عام 1867، وترتب عليه جعل الحكم لأكبر أبناء الخديو وبذلك كان غريباً علينا تلك الأحداث التى دارت فى المسلسل قبل هذا التاريخ وتكلمت عن ولى العهد، إلى جانب مشهد الخديو توفيق والملك فؤاد الأول وهم أطفال رغم أن الأول ولد عام 1852 والثانى ولد عام 1868، أما الوالدة باشا خوشيار هانم التى تلعب دورها «يسرا» والتى لا تفعل شيئاً سوى الخلافات مع حريم الخديو مع إن الواقع التاريخى يؤكد أنها لم تكن تقيم فى سرايا عابدين، وأنها أقامت مع حاشيتها الكبيرة فى سراى الزعفران بالعباسية، وقد تركت الوالدة هذه السراى بعد أن شيدت سرايا فخمة ومتسعة على النيل فى نقطة حى جاردن سيتى الحالى، وكان لها غرام خاص بالفن الجميل، وكانت لذلك تنتقى الجوارى الحسان، وتأتى لهن بالمعلمين والمعلمات مصريين وأتراكاً وأجانب، وتلك الجوارى كن يشترين من بعض الأتراك الذين كانوا يؤتى بهن من الأستانة. المسلسل أهمل العديد من الأعمال الخيرية لها ومنها تجديد العمائر الإسلامية والأضرحة الشهيرة وأنها أوقفت له الكثير من الأراضى الزراعية والعقارات والأبعديات للصرف عليه وعلى عدد آخر من المساجد الكبرى، وخوشيار هانم، قررت عام 1869 تجديد زاوية الرفاعى وقامت بشراء الأماكن المجاورة لها وهدمها، وبناء مسجد كبير لكيون مدفناً لها ولأبناء أسرتها من بعدها، وقام كبير مهندسى مصر وقتها حسين باشا فهمى، وكيل ديوان الأوقاف بوضع تصميم لبناء المسجد ومدافن الأسرة المالكة.. أما زوجته جشم هانم، التى قدمها المسلسل على أنها تحاول قتل الخديو ولا هم لها غير ذلك، إلا أن التاريخ يؤكد أن جشم كانت جارية تركية تزوجها الخديو إسماعيل، ولم ينجب منها، لكنها قدمت خدمة لكل الفتيات اللاتى ولدن فى عهد الخديو، وجشم آفت هانم أفندى هى الزوجة الثالثة للخديو إسماعيل فعلاً، وكانت ذات مكانة خاصة لديه، كما كانت تتمنى لو رزقت أطفالاً منه، ففكرت فى أن تتبنى طفلة، وقد وقع اختيارها على «فائقة هانم» وكانت الوحيدة من زوجات إسماعيل ال14، التى وضح دورها فى تطوير المرأة المصرية ومواكبة عصر النهضة والتنوير وخطط النهوض بالتعليم التى تبناها الخديو إسماعيل، وأنشأت جشم أول مدرسة حكومية مجانية لتعليم الفتيات وهى المدرسة السيوفية التى سميت بالسنية فيما بعد، عام 1873م، وكانت المدرسة الأولى من نوعها فى مصر وفى العالم الإسلامى، ومغالطة تاريخية أخرى فى «سراى عابدين» وهى عملية إعادة العذرية فمن المعروف أن تلك الجراحات لم تعرف إلا فى القرن العشرين إلى جانب أن الجوارى من المعروف أنهن لسن عذارى لذلك كان الحوار الذى دار بين صلاح عبدالله الذى يقوم بدور الطبيب، وغادة عادل التى تعتبر واحدة من الجوارى عن العذرية لا أهمية له.