إنه لشىء محزن ويدعوا للغرابة أن نجد فلذات أكبادنا يخرجون عن طوعنا ويضربون بكلام الآباء والأمهات عرض الحائط.. ولكن علينا أولا أن نسأل أنفسنا مالذي دعاهم لهذا السلوك، وهل كنا نحن الآباء أصحاب المبادرة بالعقوق.. فساهمنا بإهمالنا لهم في مراحل تربيتهم الأولى، وعدم التزامنا بالمنهج الديني والدستور التربوي الذي وضعه لنا الإسلام والذي يضمن تنشئة أبنائنا تنشئة صحيحة، في إفراز سلوكيات عقوقهم لنا والتي نعود ونشكو منها بعد أن مهدنا لهم طريق الدخول في دائرتها..! بهذه الكلمات بدأ د. سامي العسال حكايته التي أرسلها تعقيبا على موضوع عقوق الآباء، والتي يشرح فيها تجربته مع أبنائه التي يري فيها تجسيدا لقول عمر بن الخطاب ،رضى الله عنه، حين قال : "عققت ابنك فعقك".. يبدأ العسال رسالته قائلا: قصتي أن لدى ابن وابنة, الإبن يبلغ السابعة عشرة والبنت الرابعة عشرة, وكلاهما فى مدارس للغات, لا أدخر وسعا فى الإنفاق عليهما وقضاء حوائجهما, كل عام نذهب جميعا إلى المصايف فى أفضل بقاع مصر وفى الشتاء كذلك, وكنت أعتقد أنني بذلك أديت واجبي ناحيتهما كأب، حتى كبرا وأصبحا على أعتاب مرحلة الشباب.. وقتها شعرت أنهما غريبان عني ، ومن تصرفاتهما بت أعتقد أني لم أبذل الجهد المطلوب في تربيتهما كما أمر الله ، بل كدت أشعر أنني لم أربهما على الإطلاق وأنني اكتفيت بمجرد الإنفاق عليهما فقط .. بعد فوات الأوان فقد وجدتهما يبتعدان عني.. لا يستمعان لنصحي.. ولا يطيعان لي أمرا.. ولا يشركاني في مشاكلهما.. ابنى يوصد الباب على نفسه, يقضى جل وقته أمام الكومبيوتر والإنترنت, لايستذكر دروسه إلا قليلا, وعلى نفس النهج وجدتني لا أقوم إلا بدور الممول في مواجهة المشكلة، فطلبت منه أكثر من مرة أن آتى إليه بمدرسين وكأنهم الحل السحري لمشكلة انعزاله.. لكنه كان يرفض, ذهبت إلى المدرسين وحجزت عندهم رغما عنه لكنه كان يذهب إليهم ثم يفارقهم بعد حصة أو حصتين بدعوى عدم قدرة المدرس على توصيل المنهج جيدا.. كنت أعلم جيدا أن هذا ليس حلا .. لكني لم أجد في نفسي القدرة على مصاحبته وكسب وده وصداقته في هذه المرحلة من عمره كما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وبت أسأل نفسي هل مرد ذلك أني لم أقم بدوري معه مذ كان طفلا .. فلم أداعبه ولم أربه ولم أعلمه وبالتالي لن أستطيع أن أصادقه الآن.. ابتعدت عنه صغيرا فنأى عنى كبيرا..ربما.. لكني حاولت.. حاولت ،الآن، أن أكون كل شيء قدر الإمكان.. أبا وصديقا وأخا وناصحا .. ضحوكا.. لاعبا.. مربيا.. معلما..إنسانا جامعا لكل الخصال الطيبة والمهام العادية الطبيعية التي يقوم بها الأب.. لكني لم أجد الاستجابة. صحيح جاءت المحاولة متأخرة لكنها جاءت ولن أدعي نيل شرفها.. بعد أن حظيت بنفس النتيجة, فقد عاتبته فلم يفلح العتاب.. تعاركت معه.. اشتبكت معه بالأيدى, كاد أن يضربنى لولا ستر الله، بعدها تركته وأصبحت الآن لاأبالى يفلح أم لا؟ يقول ماجدوى التعليم , يدعى أن الخريجين قد فقدوا الأمل فى العثور على وظيفة, وإذا التحقوا بواحدة فإن المرتبات لاتتجاوز ال300 جنيه.. لم أحاول أن أناقشه أو أقنعه بأن هناك أملا واكتفيت بنصحه على عجل لأنصرف إلى شقيقته.. وهي لا تختلف عنه كثيرا .. وخطأي أنني كنت أدللها كثيرا لأننا كنا 6 أولاد وبنتين, والآن أحصد نتاج هذا التدليل، فقد بدأت تتطاول على وعلى أمها, وانتقل هذا التطاول إلى المدرسين فى المدرسة، الذين أرجعوا ذلك السلوك الى سوء تربية الأبوين. انسحاااااااااااب لم أعد أرد على الخطابات التى تأتينى بهذا المعنى من المدرسة, أصبحت مثل الغريب فى البيت, أعود من العمل, أنام لبعض الوقت وأنصرف للصلاة وأعود فأغلق باب حجرتى أقرأ, ثم آوي الى فراشى.. وهكذا كل يوم. زوجتى تقدم لى الطعام وكأنى شخص غير مرغوب فيه, تنصحنى بالتريث وعدم الانفعال ولكن الوقت يمضى مسرعا والامتحانات على الأبواب، والبنت لاتفارق التلفاز، والولد لايمسك الكتاب، وأصبحت مثل الماكينة التى تدفع النقود وليس من حقى أن أسأل أين تذهب ولماذا, أصبحت فى عرف أهل زوجتى صانع مشاكل trouble maker وليس أكثر من هذا..! حزنت كثيرا لأننى كنت ولازلت بارا بأبوى رغم رحيلهما ولم أفعل ماأغضبهما, صار ابنى يلقانى بوجه عبوس وابنتى ترانى وكأنى عفريت فتستعيذ بالله من شياطين الإنس عندما تراني, حاولت أن أدفعهما الى الصلاة ولكن باءت محاولاتى بالفشل, الإبنة لاتصلى أصلا والأم تصلى ركعة وعشرون لا, الولد لايصلى حتى الجمعة وأصبحت أدور فى دائرة مغلقة وأقول أن تقصيرنا من الناحية الدينية تجاه أولادنا هو الذى أدى لذلك. ولكني كنت أصطحبهم إلى المسجد فى الصغر فكانت تصدر منهم بعض الحركات الصبيانية فتجد بعض المصلين يصول ويجول بدعوى أنهم يخلطون عليه صلواته مما أدى إلى عزوف الأولاد عن الصلاة، وهذه آفة بعض المصلين الذين يسلكون سلوكا بعيدا عما كان يفعله النبى(ص), أصبحنا نهتم بالوجاهة الاجتماعية فأنا أسكن فى منطقة المعادى الراقية وأولادى فى مدارس للغات, نسيت أن الله لن يسألنى عن نوعية المدارس ولاعدد اللغات التى يتقنها الأولاد ولكن كم من آيات المصحف أو صوره قد حفظوها فالواحد منا شريك فى الجرم ولاحول ولاقوة الا بالله.