علمت «الوفد» من مصادر مطلعة بوزارة المالية أن صندوق النقد الدولي لن يجري مفاوضات مع مصر بشأن الحصول على دعم مالي في الوقت الحالي وكشفت المصادر ان الصندوق قرر عدم إجراء أى مناقشات في هذا الشأن إلا من خلال حكومة منتخبة، يتم اختيارها عقب تشكيل مجلس النواب المقبل وبالتالى انتهاء الاستحقاقات الدستورية لخارطة المستقبل. وأشارت المصادر إلى أن عدم التفاوض للحصول على دعم مالى من صندوق النقد يضع الحكومة الحالية فى تحد شديد لتنفيذ خطة الإصلاحات المالية والاقتصادية، خاصة وأن وزير المالية الحالي هاني قدري حدد قيمة الفجوة التمويلية في موازنة العام المالي القادم لتتراوح ما بين 120 إلى 130 مليار جنيه، بالإضافة إلى أن تنفيذ الاستحقاقات الدستورية يحتاج إلى 140 مليار جنيه خلال الثلاث سنوات القادمة للإنفاق على التعليم الصحة والبحث العلمي، وبالتالي لن تتمكن الحكومة من سد هذه الفجوة إلا من خلال الإجراءات الإصلاحية بتخفيض دعم الطاقة، وتوسيع القاعدة الضريبية، ولكن هذا الأمر سيتم على مراحل زمنية، مما يفرض ضرورة الاعتماد على المنح الخليجية فى الوقت الحالي. وتتجه الحكومة فى الفترة الحالية الى الاعتماد على منح دول الخليج والدعم المنتظر من خلال «مؤتمر المانحين» الذى دعا إليه الملك عبدالله خادم الحرمين الشريفين، إلا أن وزير المالية يؤكد أن الاعتماد على المنح الخليجية سيكون لفترة مؤقتة فقط لحين الانتهاء من الاستحقاقات الدستورية، ولكن فى نفس الوقت سيتم اتخاذ القرارات الاقتصادية الخاصة بإصلاح المسار الاقتصادي، حيث أعلن الوزير أن الحكومة لن تدير اقتصاد مصر بالاعتماد على المنح والمساعدات الخارجية، وشدد على ضرورة تمويل الموازنة بالموارد الذاتية وليس على المعونات، مما دعا الحكومة لتخفيف الضغط على الموارد الخارجية الأخرى وإتاحة موارد تمويلية للقطاع الخاص. وتقتصر حاليا علاقة الحكومة المصرية مع الصندوق علي المعونات الفنية لتطوير القوانين الاقتصادية، حيث تستفيد مصر من تلك المعونات فى مجالات الإصلاح الضريبي، وأبرزها المساعدة على الانتقال من النظام الحالي لضريبة المبيعات إلى ضريبة القيمة المضافة. ومن المنتظر ان تقوم الحكومة بمخاطبة صندوق النقد وذلك عند تقدم مصر في تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية ووجود قدر أكبر من الاستقرار السياسي والاقتصادي، حيث تستطيع الحكومة فى ذلك الوقت دعوة الصندوق للقيام بالمتابعة الدورية من خلال مشاورات المادة الرابعة من ميثاق عمل الصندوق، والتي بموجبها يجري الصندوق مراجعة سنوية للأوضاع الاقتصادية بجميع الدول الأعضاء، التزاماً بدوره الرقابي لتحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي العالمي. وتسعى الحكومة من هذه الخطوة للاستفادة من التقرير الذي سينشره الصندوق عند انتهاء المشاورات لدعم الثقة والمصداقية الدولية حول توجهات وتوقعات أداء الاقتصاد القومي لمصر. وكان هاني قدري وزير المالية شارك مؤخراً في اجتماعات الربيع لكل من بنك وصندوق النقد الدوليين بالعاصمة الأمريكيةواشنطن، وأكد خلال مشاركته أن هناك اتفاقا مع الصندوق حول طبيعة المشاكل الاقتصادية التي تواجه مصر، كما أن الجانبين متفقان على طبيعة الحلول، وأشار إلى أن الاستقطاب السياسي الذي ساد مصر خلال الفترة الماضية أدى الى توقف المباحثات بين الجانبين، وأشاد بدعم صندوق النقد الدولي للاقتصاد المصري، حيث ظل الصندوق يلعب دورا داعما لمصر في أصعب الأوقات خلال عامي 2011 و2012، وقدم صندوق النقد لمصر كل المساعدات التي يمكن توفيرها، واصفًا العلاقة بين مصر والصندوق بالشراكة الجيدة، إلا أنه اعترف أن المفاوضات مع الصندوق لم تكن سهلة.