شكك بعض القضاة والقانونيين، في إمكانية تنفيذ اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية لغرامات الامتناع عن التصويت، وأكدوا صعوبة المسألة من الناحية القضائية والتنفيذية، خاصة أن الأمر يستلزم تحرير محاضر لكل الممتنعين، وهي نسبة تقترب من نصف أعداد المصريين، ومن ثم صعوبة إصدار أحكام ضدهم. بينما رأى آخرون إمكانية تطبيق الغرامة علي المخالفين باعتباره إجراء قانونياً. تنتظر خزينة الدولة نحو 15 مليار جنيه، هي حصيلة الغرامة المقررة علي الممتنعين عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، في حالة تحصيلها حيث يقدر عدد الناخبين المسجلين في كشوف الاقتراع ب 53 مليوناً و909 آلاف و306 ناخبين في الانتخابات (حسب اللجنة العليا للانتخابات) غاب نحو نصفهم عن المشاركة، كما أن «العليا للانتخابات» هي المسئولة عن تطبيق الغرامة المالية المحددة بمبلغ 500 جنيه علي كل فرد تخلف عن الإدلاء بصوته في العملية الديمقراطية، خاصة مع التلويح بتنفيذ ذلك أكثر من مرة. وتنص المادة (43) من قانون الانتخابات الرئاسية علي أن «يعاقب بغرامة لا تتجاوز 500 جنيه من كان اسمه مقيداً بقاعدة بيانات الناخبين وتخلف بغير عذر عن الإدلاء بصوته في انتخابات رئيس الجمهورية». يقول المستشار بهاء الدين أبو شقة، الفقيه القانوني سكرتير عام حزب الوفد: إن غرامة الممتنعين عن التصويت ليست بدعة أو نصاً مستحدثاً، ولكن قانون الانتخابات نظم أداء حقوق الانتخاب لكل المواطنين، حتي يكون صندوق الانتخاب معبراً عن إرادة الناخبين ممن لهم حق التصويت، كما نص علي غرامة عدم المشاركة في الانتخابات والمقررة ب 500 جنيه. وأكد أن اللجنة العليا للانتخابات هي الجهة المسئولة عن تفعيل هذه الغرامات علي الممتنعين عن التصويت في الانتخابات دون عذر. أما السلطة القضائية فهى المختصة باصدار أحكام علي المخالفين. واستبعد المستشار «أبو شقة» إمكانية تنفيذ الغرامة عن طريق الخصم من الأجور، منوهاً أن هذا الإجراء مخالف للقانون، لكونه سيتسبب في وقوع ظلم علي فئة، وهم العاملون بقطاعات الدولة ويترك الآخرين. ومن جانبه قال المستشار عبد الله فتحي، وكيل نادي القضاة: إن الغرامة منصوص عليها في قانون الانتخابات لذلك فهي قانونية ولا غبار علي ذلك، ولكن الصعوبة في كيفية تنفيذها. وأشار «وكيل نادي القضاة» إلى أنه لابد من تحرير محاضر لكل الممتنعين عن التصويت أولاً، ثم تأتي بعدها محاكمتهم، وإذا صدر ضدهم حكم قضائي تتولي السلطة التنفيذية حينها تجميع الغرامات، وهذا كله أمر صعب. وأضاف: أن اللجنة العليا للانتخابات هي المنوطة بذلك، ومن حقها تفعيله. ولفت إلي أنه غير مقبول أو معقول الاتجاه إلي التحصيل عن طريق زيادة الضرائب أو حتي الراتب. واتفق الدكتور محمود السقا، أستاذ القانون بكلية الحقوق جامعة القاهرة، مع الرأي السابق. مؤكداً أن كل مواطن له الحق في التعبير عن رأيه بحرية كاملة في إطار القانون والدستور، وليس إجباراً علي فعل ذلك. وأكد أنه لم يتم تطبيق غرامة الانتخاب نهائياً، علي الرغم من التلويح بتنفيذ ذلك أكثر من مرة. مشيراً إلي أن تلك الغرامات المالية هي إحدى العقوبات المنصوص عليها في مواد التخلف عن مباشرة الحقوق السياسية، ومن السهل تطبيقها من خلال بطاقات الرقم القومي. وتري الدكتورة سعاد الشرقاوي، استاذ القانون الدستوري، أنه لابد من النظر في مسألة التصويت من منظورين هامين: الأول حق التصويت لكل المواطنين، والمنظور الثاني أن التصويت واجب علي الجميع ومن يتخلف عن أداء هذا الواجب يعاقب وفقاً للقانون. وتابعت: غرامة ال 500 جنيه علي كل فرد تخلف عن الحضور إلي لجان الاقتراع صعب تطبيقها، لأنها تمثل عبئاً في تحصيلها علي الأجهزة القضائية والتنفيذية، وفي حصر أعداد الممتنعين عن التصويت وبياناتهم، ومن ثم رفع قضايا عليهم، وبحسبة بسيطة نجد أن خزانة الدولة ستنتظر حوالي 15 مليار جنيه، في حال تطبيق هذه الغرامة الآن. ورجحت الدكتورة «سعاد»: أنه لن يتم تطبيق العقوبة. نجيب جبرائيل، المحامي رئيس الاتحاد المصري لحقوق الانسان، يؤكد أن غرامة الامتناع عن التصويت مخالفة للدستور، لأنها تخالف مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وأشار إلي أن التصويت هو في حد ذاته قرار شخصي وواجب وطني لمن يريد أن يتمتع بحقه في انتخاب رئيس بلاده، وليس إجباراً ، ومن ثم ليس هناك داع لتطبيقها. وأكد أنه في حال تطبيق العقوبة المحددة بمبلغ 500 جنيه فمن شأنها التقليل من هيبة الانتخابات الرئاسية، خاصة أن العالم بأكمله شاهد انتخابات تتمتع بقدر عال من الشفافية والمصداقية والحيادية والموضوعية، كما أنه لن تطبق منذ أن بدأت الانتخابات في مصر بما يقرب من ال 50 عاماً الماضية سواء في الانتخابات أو الاستفتاءات، وعدد المتخلفين من المقيدين في جداول الانتخابات كبيرة بنسبة تزيد على 25 مليون شخص، وقدرة النيابة العامة على تحريك الدعوة الجنائية ضد هؤلاء الملايين ليست قائمة.