وصف خبراء قانون الانتخابات الجديد بالكارثة التشريعية علي مستقبل الديمقراطية في مصر، وذكروا أن تمريره دون أن يُطرح للنقاش المجتمعي سوف يكرس النظام الاستبدادي السلطوي القائم علي حزب واحد وإعادة لإنتاج نظام مبارك من جديد الذي كان يخدم أصحاب المصالح من رجال الأعمال وطالبوا بضرورة تعميق التعددية السياسية القائمة علي مشاركة الأحزاب بقوة في الحياة السياسية لترسيخ الطابع الديمقراطي. وأكد عبدالغفار شكر نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي أن قانون الانتخابات البرلمانية «كارثة» علي مستقبل الديمقراطية في مصر، لأنه سيحرم الدولة من سلطة تشريعية قادرة علي مراقبة الحكومة وإصدار تشريعات صحيحة. وأوضح «شكر» أن إجراء الانتخابات البرلمانية بالنظام الفردي، سيعيد رجال الأعمال وأصحاب المصالح مرة أخري، وأن مستقبل البلاد السياسي يتوقف بالدرجة الأولي علي الانتخابات الرئاسية وانتخابات مجلس النواب، مشددًا علي أن المطلوب في المرحلة القادمة تأكيد تعميق التعددية السياسية في المجتمع وتعريف الرأي العام بالفوارق الأساسية بين المرشحين وما يمثله كل منهم من توجه سياسي، ومدي اهتمامه بالطابع الديمقراطي للدولة. وأضاف انه سيعطي الأولوية في إعادة بناء الدولة للجوانب التنظيمية والإدارية، ولا يقل أهمية عن هذا حصول المرشح الذي لن يفوز في الانتخابات علي قدر من الأصوات الانتخابية يكون أساساً حقيقياً لدعم التعددية السياسية مستقبلا، ونبه إلي أن التعددية هي أساس لا غني عنه لاستكمال التحول الديمقراطي في مصر، وهي الشرط الأول والأكثر أهمية لوجود مجتمع مدني قوي، وإعلام متنوع وحر، ونظام انتخابي سليم ومع هذا كله وقبله إطار تشريعي يترجم ما ورد في الدستور إلي قوانين تعزز العملية. وقال إن الفكرة الأساسية هنا هي أهمية بروز قطب سياسي كبير نسبيا في المجتمع يمثل المعارضة السياسية للرئيس القادم ويرسخ في المجتمع مسألة التعددية للحيلولة دون العودة مرة أخري إلي نوع من النظم الشمولية أو السلطوية التي تحتكر الحكم لطرف واحد وتحافظ علي نوع من المعارضة السياسية الشكلية التي لا قيمة لها. ولا تقل الانتخابات البرلمانية أهمية في هذا الصدد. وقال «شكر»: إن مجلس النواب القادم سوف يكون حجر الزاوية في توفير مقومات التحول الديمقراطي بما يصدره من قوانين تترجم مبادئ الدستور، وبما يقوم به من دور في تشكيل الحكومة التي يشترط الدستور لبقائها الحصول علي ثقة مجلس النواب، وبما سيقوم به من دور في مراقبة أداء الحكومة. ويطرح مجلس النواب في النظام السياسي المصري قضية النظام الانتخابي للمجلس وخطورة التوجه نحو إجراء انتخاباته بالنظام الفردي علي معظم مقاعد المجلس وتخصيص نسبة محدودة لنظام القوائم، وهو ما يسهم في إضعاف التعددية السياسية ويمهد الطريق فعلا للعودة إلي نظام سلطوي. ذلك أن الدستور يعطي لرئيس الجمهورية حق اختيار رئيس الحكومة من خارج الأغلبية البرلمانية، وإذا أجريت الانتخابات بالنظام الفردي علي حساب المفاضلة السياسية بين القوائم، فإننا سنشهد مجلسا تشريعيا يضم أعضاء من ذوي النفوذ في المجتمع مثل رجال الأعمال وأغنياء الريف وكبار الموظفين، مؤكداً أنه سوف يتشكل المجلس التشريعي دون أغلبية برلمانية ذات توجه سياسي محدد، وسيتم تهميش الأحزاب في هذا المجلس وستضعف التعددية السياسية بما يمكن رئيس الجمهورية من الانفراد بالقرار مرة أخري وتطويع مجلس النواب بحكم تركيبته المشوهة لما يهدف إليه. وأكد حافظ أبوسعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أن الانتخابات الحرة من الركائز الأساسية للديمقراطية ودونها تكون الديمقراطية شكلية. ولضمان إجراء انتخابات حرة لابد من وجود نظام انتخابي فاعل يعزز المشاركة السياسية للمواطن المصري، ويتيح الفرصة للتمثيل الأوسع للقوي والأحزاب السياسية والفئات الاجتماعية المختلفة بما يحقق التوازن داخل البرلمان، ويضمن امتداد الاشراف القضائي علي العملية الانتخابية بأكملها، كما يضمن تكافؤ الفرص بين المرشحين وحياد أجهزة الدولة التنفيذية.