أكد حسام شاكر، المنسق الإعلامى لجامعة الأزهر، أن الأزهر بكلياته الشرعية والعملية قوة علمية لا يستهان بها، وبإمكانها التأثير فى عقول الكثير من المسلمين فى شتى بقاع الأرض. أضاف شاكر أن ما نشر على لسان أحد الكتاب بإلغاء جامعة الأزهر، أو نقل تبعيتها لإحدى الجامعات، أو اقتصارها على دراسة العلوم الشرعية، يؤثر سلباً على الطلاب الوافدين للدراسة فى الأزهر الشريف، فقد غفل الكاتب عن عالمية جامعة الأزهر ومطالب الدول الأفريقية والآسيوية للدراسة فيه، حيث لا تقتصر الدراسة على الكليات الشرعية، فهناك أكثر من 80 طالباً من ماليزيا يدرسون بكلية طب الأسنان، فضلاً عن الطب البشرى من الكليات التى طالب الكاتب بإلغائها، منهم من يبيع منزله للدراسة فى جامعة الأزهر لمكانتها العالمية، وأن هناك أربعة وزراء فى سلطنة بروناى تعلموا فى الأزهر، حيث يشغل منصب وزير التعليم "أزهرى"، فى حين يشغل منصب وزير الأوقاف "ابن للأزهر"، بينما يقوم على دار الإفتاء شيخ تخرج فى الأزهر، ووزير الداخلية فى سلطنة بروناى، أحد أبناء الأزهر خريج كلية الشريعة والقانون، ومفتى اريتريا الذى بلغ التسعين من عمره لا يزال محتفظاً بزيه الأزهرى الذى درس به فى جامعة الأزهر . أضاف شاكر، أن الكليات العملية ليست غريبة على جامعة الأزهر وليست وليدة قانون تطوير الأزهر فى الستينات، وقد حفل التاريخ بمن أنجب الأزهر من أطباء وعلماء منذ إنشائه، وكان من أبرز شيوخه الذين تربعوا على كرسى المشيخة بارعين فى مهنة الطب وعلم الفلك الشيخ أحمد عبدالمنعم الدمنهورى طبيب من علماء الأزهر- درس الفقه والعلوم الحكمية وعلم الأصول والطب وكان عالماً بمذاهب أئمة الفقه الأربعة، وقد وصفه معاصروه بأنه كان عالماً فذاً، ومؤلفاً عظيماً وارتقى منصبه بالقاهرة إلى أن أصبح شيخ الجامع الأزهر ولبث فى منصبه هذا عشر سنوات وهكذا يسجل تاريخ الطب فى الأزهر لأول مرة أن طبيباً عالماً أزهرياً قد ارتقى إلى منصب شيخ الإسلام . وقد كتب يصف لنا دراساته فقال:"أخذت عن سيدى أحمد القرافى الحكيم بدار الشفاء قرأت عليه كتاب "الموجز" و"اللمحة الخفيفة فى أسباب الأمراض وعلاجاتها" وبعضاً من "قانون ابن سينا" وبعضاً من كامل الصناعة وبعضاً من منظومة "ابن سينا الكبرى" والجميع فى الطب، وقرأت على أستاذنا الشيخ "سلامة الفيومي، أشكال التأسيس فى الهندسة وبعضاً من "رفع الأشكال عن مساحة الأشكال" فى علم المساحة وقرأت على الشيخ محمد الشحيمى منظومة الحكيم، ورسالة فى علم المواليد، أعنى الممالك الطبيعية، وهى الحيوانات والنباتات والمعادن. وقد ترك أستاذ الطب الأزهرى الذى أصبح شيخاً للأزهر مؤلفات طبية متعددة يذكر المؤرخون منها كتابه المسمى "القول الصريح فى علم التشريح"، وكتابه المسمى "القول الأقرب فى علاج لسع العقرب"، وهو مخطوط بدار الكتب المصرية. وكذا الشيخ حسن العطار الذى قال عنه على مبارك فى "الخطط التوفيقية": إنه جد فى التحصيل، حتى بلغ من العلم فى زمن قليل مبلغاً تميز به واستحق التصدى للتدريس ولكنه مال إلى الاستكمال، واشتغل بغرائب الفنون والتقاط فوائدها كالطب والفلك والرياضة. وقد ألف رسائل فى (الطب والتشريح) وله كتاب فى الصيدلة رداً على تذكرة داود الانطاكي، ولا يزال هذا الكتاب مخطوطاً فى مكتبة رواق المغاربة فى الجامع الأزهر وذلك إلى جانب تصانيفه فى العلوم الرياضية والفلكية ورسالة فى كيفية العمل بالاسطرلاب وكان يرسم بيده: المزاول النهارية والليلية ومما يدل على رعاية الشيخ العطار للدراسات الطبية أنه وقف فى مدرسة الطب بأبى زعبل مشيداً بفائدة الطب فى تقدم الإنسانية. وهكذا يسجل تاريخ الطب فى الأزهر لثانى مرة أن عالماً مجدداً متحرراً مشتغلاً بالدراسات الطبية مؤلفاً فيها يتولى منصب شيخ الأزهر وإمام المسلمين. وقال شاكر إن الدراسات الطبية والعلمية جزء لا يتجزأ من جوهر الشريعة الإسلامية فى أوسع معانيها، فإن أحكام الدين الإسلامى فى تنظيمها لحياة الفرد مستقلاً مع نفسه أو علاقته مشتركاً مع غيره، تتطلب المعرفة الكافية بكل ما يتضمنه الطب والعلوم من حقائق ومعارف . وأضاف شاكر أنه عند تأسيس مدرسة الطب التى قام عليها كلوت بك كان من طلابها أبناء الأزهر وتعدى عددهم مائة طالب، وهكذا كان أبناء الأزهر دعائم النهضة الطبية فى العصر الحديث، ولم يقتصر جهد هؤلاء الرواد الأزهريين على دراسة الطب وممارسته بل حملوا إلى جانب ذلك أعباء الترجمة والتأليف.