الموسيقار محمد عبدالوهاب موسيقار كل الأجيال سيظل دائماً رمزاً وعنواناً للموسيقي والغناء الراقى علي حنجرته الذهبية، استمعنا لأعذب الأغنيات والألحان، وموسيقاه سحر ينعش القلوب. اليوم تمر الذكرى الثالثة والعشرون لرحيل الأستاذ. و«النهر الخالد» من أغنيات وموسيقي وألحان عبدالوهاب، مازال يجري في عروق ووجدان الملايين في مصر والعالم العربى. رحلة الموسيقار في عالم الموسيقى والغناء امتدت لما يقرب من 70 عاماً. عندما ظهر عبدالوهاب في عشرينيات القرن الماضى، كان الغناء في حالة رثة للغاية، كان ظهوره مواكباً لبداية كوكب الشرق أم كلثوم. منذ البداية صمم عبدالوهاب علي الارتقاء بالذوق العام في الموسيقي والغناء. ولِمَ لا وقد تربى فنياً وشعرياً علي يد أمير الشعراء أحمد شوقي، الذي كان ملاصقاً له حتي وفاته 1932. تعامل عبدالوهاب مع عمالقة الشعر في عصره محمود حسن إسماعيل وعزيز أباظة وأحمد رامى وعلى محمود طه، ونجح في اكتشاف الشاعر حسين السيد 1940 فكانت عشرات الروائع التى غناها عبدالوهاب ليصبح بحق النهر الخالد في عالم الموسيقي والغناء ومازال يجري حتي الآن. روائع عبدالوهاب مازالت خالدة في وجدان الملايين رغم مرور عشرات السنين لأنها ببساطة تحمل أشد أنواع الرقى وصوته يتميز بكل ما هو جميل ورائع. من روائع عبدالوهاب الغنائية الخالدة «الكرنك» و«كليوباترا» و«همسة حائرة» و«الحبيب المجهول» و«خى» و«أنا والعذاب وهواك» و«ياللي نويت تشغلنى» و«يا دنيا يا غرامى» و«آه منك يا جارحنى» و«علشان الشوك» و«لست أدري» و«حكيم عيون» و«الجندول» و«النيل نجاشى» و«يا وابور قوللى» و«عاشق الروح» و«يا مسافر وحدك» و«حياتى انت» و«هان الود» و«يا ورد مين يشتريك» وكل ده كان ليه». وانقطع عبدالوهاب عن الغناء منذ عام 1955 ليتفرغ للتلحين، وثم عاد في ربيع 1989 ليغني بصوته رائعة من غير ليه، كلمات مرسي جميل عزيز، ألحان عبدالوهاب لعمالقة الغناء كانت غزيرة، واستطاع بألحانه الرائعة أن يضيف الكثير للعديد من الأصوات بألحانه العذبة وكانت ألحانه ماركة مسجلة للنجاح. من ألحانه غنت كوكب الشرق أم كلثوم عدداً من أغنيات حققت جميعها نجاحاً مذهلاً مثل: «انت عمري» و«انت الحب» و«فكرونى» و«أمل حياتى» و«هذه ليلتى» و«دارت الأيام» و«أغداً ألقاك» وأخيراً «ليلة حب». استخدم عبدالوهاب في تلك الأغنيات عصارة خبرته ليبدع ألحاناً خالدة بمعني الكلمة علي حنجرة كوكب الشرق، كما لحن للعندليب الراحل عبدالحليم حافظ عشرات الروائع منها: «أهواك» و«توبة» و«عقبالك يوم ميلادك» و«علشان يا قمر» و«ظلموه» و«شغلوني» و«أنا لك علي طول» و«قوللي حاجة» و«إيه ذنبى إيه» و«فوق الشوك» و«يا خلى القلب» و«المركبة عدت» ورائعتا «فاتت جنبنا» و«نبتدى منين الحكاية». ومن ألحانه غنت نجاة العديد من الروائع: «ساكن قصادى» و«إلا إنت» و«مرسال الهوى» و«آه لو تعرف» و«لا تكذبي» و«القريب منك بعيد» و«شكل تانى» و«ماذا أقول له» و«إلى حبيبي» وأخيراً «أسألك الرحيلا». ومن ألحان عبدالوهاب أيضاً غنت وردة أشهر أغانيها: «لولا الملامة» و«يا مصر يا غالية» و«لبنان الحب» والكلاسيكيات الرائعة «في يوم وليلة» و«أنده عليك بالحب» و«بعمرى كله حبيتك». ومن ألحانه غنت كروان الشرق فايزة أحمد: «ست الحبايب» و«تراهني» و«قدرت تهجر»، كما وقف الموسيقار عبدالوهاب مع العديد من الأصوات الشابة في عصره منهم: محمد ثروت الذي لحن له العديد من الأغنيات الوطنية منها: «مصريتنا» و«عاشت بلادنا» والأغنية العاطفية «يا حياتى». في عام 1981 جمع عبدالوهاب العديد من الأصوات الشابة في أوبريت «الأرض الطيبة»، تأليف حسين السيد، منهم: محمد الحلو ومحمد ثروت وتوفيق فريد وزينب يونس وإيمان الطوخى. ولا ننسي أبداً أنشودة «الوطن الأكبر» و«الجيل الصاعد». ولا ننسي أن عبدالوهاب سجل بصوته الرخيم مراحل النضال في أغانيه الخالدة: «أخى جاوز الظالمون المدى» و«دعاء الشرق» و«مصريتنا». محمد عبدالوهاب سيظل خالداً في وجدان الملايين استطاع أن يرتقي بالموسيقي والغناء ليصبح عنواناً للرقى والشياكة. حافظ علي مكانته المرموقة علي مدي 70 عاماً، وهذا في حد ذاته إعجاز. بالطبع عبدالوهاب فنان مختلف في كل شيء، احتفظ بعلاقات ود واحترام مع الزعماء في جميع العصور من الملك فاروق حتي الرئيس الأسبق حسنى مبارك. عبدالوهاب هو الجامعة الموسيقية التي تخرج فيها نجوم وعمالقة الموسيقي والغناء في القرن العشرين ليصبح بحق أستاذاً وموسيقاراً لجميع الأجيال في كل العصور. رحل عنا الموسيقار محمد عبدالوهاب في الساعات الأولى من فجر يوم السبت 4 مايو 1991 ليترك رحيله فراغاً هائلاً، ربما من المستحيل تعويضه.