انتهت اليوم هدنة وقف اطلاق النار بين الدابودية والهلالية بأسوان والتي وقعها الطرفان تحت اشراف الحكومة المركزية بالمحافظة لمدة 72 ساعة. والسؤال هل اتخذت الحكومة اجراءات تقنع طرفي الأزمة وتحول الهدنة المؤقتة إلي سلام دائم ينعم فيه الجميع بالأمن أم تتجدد الاشتباكات مرة أخري وتسيل دماء جديدة قبل أن تجف الدماء البريئة التي أدمت قلوب الشعب المصري من أقصي الصعيد إلي آخر بقعة في أرض الوطن. كلمة «هدنة» في حد ذاتها غريبة وغير مستحبة وفي غير موضعها عندما تفرض علي طرفين داخل الدولة الواحدة متشابكين في أحداث جنائية، لأن كلمة هدنة تستخدم في الحروب بين الدول وتأتي من طرف ثالث مثل الدول الصديقة أو المنظمات الأممية. الحكومة بدلاً من أن تطبق القانون وتفرض هيبة الدولة علي أطراف الصراع، جعلت نفسها طرفاً ثالثاً، ووقفت علي الحياد لإبرام هدنة لمدة ثلاثة أيام يتم فيها وقف الاعتداء وعدم قطع الطرق وحصر الصراع داخل بؤرة السيل الريفي محل الأحداث، وإخلاء سبيل غير المتورطين في الأحداث لحين الوصل إلي حلول للأزمة، أو طلب مدة المهلة. هذا ليس تفكير دولة القانون فقد كان عليها أن تتدخل بكل قوتها لإجبار المتصارعين علي وقف اطلاق النار بالقوة والقبض علي الجناة من العائلتين وتقديمهم لجهات التحقيق وجمع الأسلحة غير المرخصة من خلال حملات مكثفة لأجهزة الأمن. ماذا فعلت الحكومة خلال فترة الهدنة لاحتواء الأزمة هل سأل وزير الداخلية مدير أمن أسوان عن أسباب تقاعسه عن التدخل عندما استغاث بعض أهالي أسوان به لقتل الفتنة في مهدها، وهل سأل رئيس الوزراء محافظ أسوان عن أسباب نومه في العسل وتجاهله مشاكل مناطق الصراع القبلي، وهل اشتغل الأمن الوطني في أسوان وجمع المعلومات عن الأسباب الحقيقية لهذا الصراع العنيف الذي وضح من طريقة قتل المجني عليهم، وهل استدعي الأمن الوطني أو مباحث أسوان أو معالي المحافظ المتهم صاحب الخط الواحد لعبارات الإساءة إلي العائلتين والتي كانت الشرارة التي فجرت الأحداث، هناك متسببون في الأزمة ومرتكبون لجرائم القتل، الجميع يجب محاسبتهم بالقانون، ان تقاعس الأجهزة التنفيذية والأمنية في أسوان عن القيام بواجبها لا يقل عن جريمة المتهمين بارتكاب جرائم القتل. عندما وقعت جريمة قتل السياح في معبد الأقصر عام 97، سافر «مبارك» لتفقد مسرح الجريمة، وعاد بالطائرة بدون حسن الألفي وزير الداخلية في ذلك الوقت بعد أن أصدر قرار بإقالته قبل أن يغادر معبد الأقصر وعين حبيب العادلي وزيرا للداخلية، الأمن الجنائي لم يحظ بأي اهتمام من وزارة الداخلية خلال السنوات الثلاث التي أعقبت قيام ثورة 25 يناير. أبرياء كثيرون راحوا بدون حقوق، وجناة أكثر يستمتعون بالحرية بدون حساب، عدم وقوف القانون بين القاتل والمقتول وراء انتشار السلاح غير الشرعي في أيدي المواطنين للدفاع عن أنفسهم، وأن يصل الحد إلي معركة بين عائلتين في أهم محافظات مصر ويقف القانون موقف الحياد والمتفرج منها فهذا نذير خطر يؤدي إلي نقل الأحداث إلي مناطق أخري. أحداث أسوان بالاضافة إلي انها بشعة وغير مألوفة فانها وجهت ضربة إلي السياحة لا تقل عن الضربة التي أحدثتها جريمة قتل السياح في الأقصر. إنهاء أزمة أسوان ليس مجرد مصالحة بين عائلتين ولكنه إنقاذ لسمعة مصر.