مع ترشيح المشير عبدالفتاح السيسى لمنصب رئيس الجمهورية. هرع الجميع إلى الملامح الأولى لبرنامجه الذى كشف عنه السيد عمرو موسى، رئيس لجنة الخمسين، مطلع الأسبوع الماضى ليدرس ويحلل كافة النقاط التى وردت فى البرنامج وتباروا فى تقديم التحفظات والمطالب، أملا فى أن يتم الأخذ بها مثلما وعد المشير فى كلمته التى أكد فيها أنه سيقدم برنامجا انتخابيا غير عادى وسيتعامل مع كافة المشاكل، لكنه فى نفس الوقت لن يقدم المعجزات وحلول سحريه خاصة إذا لم يلتف الشعب من ورائه. وبحسب المتابعين للمشهد السياسى فإن طرح أجزاء من البرنامج فى وسائل الإعلام للوقوف على أساسيات وخطط البرنامج الانتخابى بمثابة إلقاء الكرة فى ملعب الشعب، ليدرسها ويناقشها، بل ويشارك فى صياغتها، للوصول فى نهاية الجدال والنقاش إلى برنامج كامل يعالج كافة القضايا والمشاكل وينطلق من أرضية ثابتة ومشتركة، تقف عليها كافة فئات الشعب يحكمهم في ذلك هدف واحد هو مصلحة البلد. وبالعودة إلى البرنامج الانتخابى الذى عكف على إعداده فريق من الخبراء والشخصيات العامة نجد انه يدور فى خطين متوازيين الأول هو إعادة بناء الدولة على أسس حديثة، مع أخذ تكليفات دستور 2014، الملزمة للدولة في الحسبان، والثاني إشراك المشير للشعب في تفاؤله بالنسبة للتنمية الشاملة وتحقيق العدالة الاجتماعية، وإعمال الشفافية بحقائق الوضع الاقتصادي والظروف التي تمر بها البلاد. ويهتم برنامج السيسي بالحد من الفقر وتحقيق تحسن سريع وملموس في مستوي الحياة لجميع المواطنين، والعودة بالطبقة المتوسطة إلى حجمها الطبيعي، واستعادة الأمن والأمان للبلاد، وإصلاح مؤسسات الدولة ورفع وضمان كفاءة أجهزتها، والانضباط في أداء دورها، ومحاربة الفساد.. كما أنه يقوم على طرح مشروعات للتنمية الكبرى والمتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، للتغلب على البطالة، وتشغيل الشباب، وزيادة الإنتاج ومضاعفته. القراءة المتأنية للبرنامج تشير إلي أنه غطى كثيرا من المحاور وأغفل البعض، وهو ما حدا كثيرا من الخبراء والسياسيين لطرح تلك القضايا ليتم تضمينه فإلى أى مدى يلقى برنامج السيسى قبولا ومدى قابليته للتحقق فى ظل الظروف الراهنة. من جهته أشاد عصام شيحة، عضو الهيئة العليا فى الوفد، بقرار السيسى للترشح للرئاسة وبما طرحه موسى من خطوط رئيسية فى برنامج السيسى، مؤكدا أن من يقومون عليه نخبة من الخبراء والمفكرين الملمين جيدا بمشاكل البلاد لافتا إلى أنه يهدف إعادة البناء وتحقيق الرخاء للناس وضمان الحياة الكريمة لهم، مع احترام الحقوق والحريات المنصوص عليها بالدستور، وعلى رأسها عدم التمييز بين المواطنين، وتحقيق تكافؤ الفرص بينهم، وحرية الرأي والاختلاف السلمي. وتابع شيحة: «لأول مرة منذ عهد محمد على نسمع عن إعادة تقسيم محافظات كمصر، لأن هناك محافظات مصرية مظلومة ومحرومة من الظهير الصحراوى ومزايا كثيرة بسبب التقسيم الظالم وغير المدروس لها». وأشار «شيحة» إلى أن برنامج السيسى اهتم بكثير من مطالب ثورة 25 يناير وفيها بإعادة الهيكلة لعدد من المؤسسات فى مقدمتها وزارة الداخلية، ومحاربة الفساد، والعدالة الاجتماعية، موضحا أن طرح البرنامج بهذا الشكل بمثابة حث للمواطنين على المشاركة فى اتخاذ القرار وهو أحد مطالب ثورتي 25 يناير و30 يونية. واستطرد: «لأول مرة يتحدث برنامج انتخابى عن توفر إرادة سياسية لدى المسئول فى مقابل توافر إرادة مجتمعية لدى المواطن، فضلا عن حديثه عن التنمية البشرية، وعن إصدار تشريعات تلزم البنوك بتسهيل قروض للشباب بدون فوائد». واعتبر عضو الهيئة العليا فى الوفد، اختيار عمرو موسى لطرح البرنامج أمرا جيدا، للاستفادة من علاقاته الدولية وخبراته، على الصعيد الداخلى والخارجى، مضيفا موسى قيمة كبيرة وعلينا الاستفادة من كافة الخبرات دون البحث فى النوايا، موضحاً أن هذا البرنامج يضع الرئيس أمام مسئوليته، مضيفا «أن الشيطان يكمن فى التفاصيل، وأن الأهم من طرح الخطوط الرئيسية، التفاصيل وآليات التطبيق، مشدداً على ضرورة مشاركة المصريين فى مناقشة وإعداد هذا البرنامج. واتفق معه فى الرأى أحمد بهاء الدين شعبان، رئيس الجمعية الوطنية للتغيير، مضيفاً: «حتى هذه اللحظة تفاصيل البرنامج لم تعلن، لكنه وضع خطوطاً عريضة لدولة على أسس حديثة، فضلا عن مشاكل البطالة».. مضيفاً: «العناوين العامة فى البرنامج كلها مطالب لها إجماع وطنى إلا أن تلك الخطط تحتاج إلى برنامج مكثف وواضح المعالم، فمثلا مشكلة البطالة تحتاج لضخ مئات المليارات فمن أين تأتى تلك المليارات وما هى الخطط الزمنية؟». وحذر «بهاء الدين» من الإفراط فى الوعود دون أن يتحقق منها شىء على أرض الواقع، فكل وعد ينبغى أن يرتبط بخطة زمنية واضحة ومحددة، لافتا إلى هذا البرنامج يحتاج إلى تعبئة شعبية كبيرة لدعمه، فإحساس المواطن أنه مشارك فى صناعة ديمقراطية أمر مهم، خاصة وسط مخاوف لدى قطاعات من المجتمع من أن هذه المساحة تتأكل تحت دعوى محاربة الإرهاب. وأردف «نحن نحتاج لرؤية أكثر تفصيلا للمصالح الاستراتجية المصرية والعربية، وأنه لا خلاف على العناوين التى وردت فى برنامجه الانتخابى، لكننا بحاجة إلى تفاصيل أكثر، مشدداً على ضرورة وضع مطلب الديمقراطية على رأسها. وعبر عن تشاؤمه من تحقق تلك العناوين الطموحة فى ظل تبعية مصر للإدارة الأمريكية، وسياسات التبعية التى ترضخ لها منذ سياسات الانفتاح الاقتصادى إبان السادات والتى أدت إلى إفقار شعوبنا واستغلال ثرواتنا، وضرورة وضع خطة لتحرر من كل التبعية. وأضاف بهاء الدين: «عمرو موسى نموذج للشخصية السياسية التكنوقراط، فهو لم يخدم النظام القديم باعتباره نظاما قديما، بقدر ما خدم الدولة المصرية والدولة هنا بمفهومها الأكبر من نظام مبارك أو مرسى، فعمرو موسى الذى خدم البلد فى الماضى قادر على خدمتها فى كل المستقبل». وعن قراءة أبوالعز الحريرى، القيادى فى حزب التحالف الاشتراكى، لبرنامج السيسى الانتخابى قال: «إن هناك كثيراً من القضايا الحية التى ينبغى تضمينها فى برنامج السيسى، مثل قضية الأموال المهربة والبطالة»، لافتاً إلى أهمية منح أولوية لتحقيق العدالة الاجتماعية والنمو المتوازن جغرافياً وقطاعياً. من جانبه، قال حسين عبدالرازق القيادي بحزب التجمع: «إنه من الخطأ الحكم على برنامج أي مرشح رئاسي من خلال أفكار عامة وخطوط عريضة، كالتي أعلنها عمرو موسى، فهناك تساؤلات كثيرة يتعين الإجابة عنها، كيفية وخطوات محاربة نسب الفقر والبطالة، وما حلوله لتغيير سياسة الدولة السارية منذ عام 1974، بترك ملفات الاستثمار والتنمية للسوق الرأسمالي، مختتماً بأن الشعب ينتظر تفاصيل وحلولاً محددة لمشكلاته، وليس مبادئ وملامح عامة». وفى سياق متصل رحب الدكتور إسماعيل أبوسعادة، رئيس حزب السلطة الشعبية، بما جاء فى برنامج السيسى الانتخابى مؤكدا أنه أعطى الجميع انطباعاً جيداً عما يتضمنه برنامج السيسى فى مجمله، وباعتبار أن موسى مطلع على تفاصيل أكثر، فإننا بحاجة إلى أن نعرف المزيد حول مشروعات السيسى التى تحتاج إلى تمويل ضخم فى ظل ضعف الاقتصاد، ويجب أن نتفق على أدوار كل فرد منا لتحقيق هذه المشروعات التنموية من الآن. وأكد «أبوسعادة» ثقته الكاملة فى أن برنامج المشير الانتخابى سوف يلبى آمال وطموحات الشعب المصرى، لكنه يجب أن يتم تحديد الأدوار والمسئوليات من الآن حتى يستعد الجميع للمشاركة فى إعادة بناء الدولة، ويتم تنفيذ المحور الأولى من برنامج السيسى الذى يقوم على إشراك الشعب وتحمل المسئولية فى برنامج التنمية الشاملة وتحقيق العدالة الاجتماعية وعودة الروح والوعى لتتحقق نهضة حقيقية.