احمدوا ربنا - واشكروه - أن مصر ليست في شمال اوروبا.. أو حتي غرب أوروبا.. وإلا لتجمد كل المصريين!! والمصريون تعودوا إذا سقطت »شوية« امطار.. أن تغرق القاهرة والمدن الكبري في شبر ماء.. وتغرق القري في مستنقعات الوحل.. ذلك اننا لم نتعود ان نستعد لمواجهة الكوارث، رغم ان سقوط الامطار بشر خير للآخرين، الذين يتوسلون إلي الله ويصلون صلاة الاستسقاء إذا تأخر سقوط هذه الأمطار.. ولكنهم - في اوروبا - استعدوا لكل شيء .. هناك شبكات صرف خاصة جاهزة لاستقبال مياه الأمطار.. فتصرفها في الانهار والبحيرات.. أما الثلج فلهم معه الف وسيلة ووسيلة - لمواجهة سقوطه.. مهما كان كثيفاً .. وهم يستعدون لهطوله.. قبل ان يسقط!! أما عندنا فلا حديث إلا أننا فوجئنا بسقوط المطر رغم أن موسم الأمطار عندنا تقلص وأصبح أياماً معدودات، بعد أن كان عندنا في مصر فصل للشتاء يمتد عدة شهور. ** وأتابع أخبار »إغلاق الحياة« أو توقف الحياة في كل اوروبا.. وليس فقط في شمال اوروبا.. وغربها، ولكن أيضاً في الجنوب وفي الشرق.. اي اوروبا الشرقية. ففي بريطانيا تعطلت كل وسائل المواصلات، كل ما هو فوق سطح الأرض وفي السماء.. واصاب الشلل مواصلات تحت الارض، نقصد مترو الانفاق الذي هو الأقدم في العالم كله.. فقد أغلقت الثلوج كل مطارات بريطانيا، وبالذات اشهرها »هيرو« وجاتويك وانقطعت الاتصالات والسفر من لندن الي كل مدن شمال وغرب بريطانيا.. وإلي ومن أيرلندا.. ويقولون هناك ان هذه هي أشد السنوات برداً منذ قرن كامل من الزمان.. وكلما أزاحوا الثلوج من ممرات المطارات.. عجزت الطائرات عن الحركة. وهكذا ينام آلوف المسافرين في الفنادق القريبة من المطار.. فلما امتلأت نام آلوف آخرون داخل ساحات المطارات!! ** ولهم هناك وسائل عديدة لمواجهة الثلوج التي تسقط علي الشوارع والطرق.. فهم يرشون كميات من الملح الخشن علي هذه الثلوج.. ثم يجرفونها. وحتي تستطيع السيارات السير فوق الثلوج فانهم يلفون الجنازير علي الاطارات.. حتي لا تنزلق السيارات.. ودائماً ما تنخفض سرعة السير علي هذه الطرق حتي الي مستوي خمسة كيلو مترات في الساعة.. وإلا فإن السيارات تدور حول نفسها.. بدلاً من أن تتقدم.. للأمام!! وعلي كل سائق سيارة أن يحمل معه هذه الجنازير المعدنية.. وجاروفاً واحداً علي الاقل، ومعدات اخري ضرورية ليضمن السائق السير بسيارة. وأصبحت صورة صفوف السيارات علي جانبي الطريق هي الأكثر شهرة في مدن أوروبا كلها بلا استثناء. ** وكما ضربت الثلوج النقل الجوي والنقل بالسيارات.. ضربت أيضاً خطوط السكك الحديدية واثرت علي سرعتها، حتي لا تنزلق القطارات فوق القضبان. مما عزل مدن أوروبا عن بعضها البعض.. بل وظهر ذلك واضحاً في المدن الصناعية والكبري، لان معظم الانجليز مثلاً لا يفضلون السكن في لندن.. فهم وان عملوا فيها إلا أنهم يسكنون خارجها وتنقلهم السكك الحديدية من وإلي لندن.. وإذا كان البعض قد ناموا في المطارات.. والبعض لجأوا إلي مترو الانفاق للاحتماء بمحطاته من الثلوج.. فإن البعض اضطر الي النوم داخل سياراتهم وشاحناتهم علي الطرق الخارجية بعد ان حاصرتهم الثلوج .. فتحولت السارات الي قبور مثلجة!!. ** وإذا كانت هذه الثلوج كارثة في أوروبا وامريكا.. فانها خير وبركة لمنتجي البترول والغاز في العالم.. وهذا الخير يعم كل منتجي البترول والغاز، سواء كانوا اعضاء في منظمة الاوبيك أو كانوا من كبار المنتجين خارج المنظمة.. اذ يزيد الطلب علي هذه الطاقة لاستخدامها في وسائل التدفئة المختلفة.. في البيوت وفي المكاتب وفي المصانع وغيرها. ولهذا فإن الدولة الذكية هي التي تتعاقد علي شراء احتياجاتها من هذه الطاقة في عز الصيف، قبل ان يعرف المنتجون ان الشتاء القادم سيكون شديد البرودة!! وموسم الشتاء هو الاكثر استخداما لهذه الطاقة في كل بلاد العالم، وليس فقط في شمال أوروبا وفي القارة الامريكية الشمالية.. وبعض يلجأ إلي تخزين كميات كبيرة من البترول أمام سواحلها.. أو في ناقلات ضخمة للبترول، تحسباً لموسم الشتاء والبرد. ** وثلج هذا الشتاء سيجبر الناس في أوروبا وامريكا علي تقليص احتفالات اعياد الميلاد والكريسماس الي أدني مستوي.. وكل التوقعات تتحدث عن »عيد ميلاد مجمد« في هذه البلاد.. ولكن تبقي بلادنا - حماها الله - من أقل البلاد تعرضاً لهذه العواصف.. وحمانا الله من الثلج ومتاعبه.. رغم أنه يعني غزارة الأمطار في دول اخري تعاني من الجفاف.. فهذا الجو البارد يجعل سفوح الجبال في الشام مثلاً تعيش شهوراً من الثلج يتحول مع أول دفء الي مياه سائلة تجري في الانهار لتوفر المياه للري والرعي لمن يعاني من الجفاف. ** و.. مصائب قوم عند قوم.. فوائد!!