شوارعنا ومرافقنا لا تتحمل ساعة أو نصف ساعة من هطول الأمطار, حتي أصبح عاديا في يوم شتاء عادي أن يصاب المرور بالشلل, وتتحول الطرقات وتحت الكباري إلي بحيرات تغرق فيها محركات السيارات, بل شاهدنا تأجيل مباراة لكرة القدم في دورة حوض النيل بعد أن تحول الملعب إلي برك ومستنقعات نتيجة لأمطار عادية. ماذا تفعل إذن البلاد التي يستمر فيها هطول الأمطار أياما وليالي متصلة وبغزارة تفوق كل ما نعرفه في مصر؟!.. كانت لدينا في الماضي البعيد نظم للصرف في الشوارع, وأعزك الله سيدي القارئ بلاعات من تلك التي ابتلعت الريال من فيروز وأنور وجدي!! وكانت الشوارع مثل كل الدنيا الآن مقوسة لحيث لا يتجمع الماء في وسطها, بل ينساب إلي الجانبين ويمضي إلي مكانه في أنفاق التصريف, لكن ما حدث الآن هو الإهمال بعينه في فرض المواصفات علي مقاولي الرصف, والتراخي المتعمد في التسلم منهم, باعتبار أننا لا نواجه مشكلة الأمطار إلا أسابيع محدودة كل عام, والباقي جفاف, والأهم أن الناس سوف تنسي بسرعة ربما تحت وطأة هموم أخري أشد! وإذا كان هذا الأمر قد أصبح مبلوعا, لكنه غير مهضوم, فماذا نقول عن المدن الجديدة الفاخرة مثل التجمع الخامس و6 أكتوبر التي تمد الطرق إليها وخلالها بالأسلوب العشوائي نفسه, مع أن ما يحصل من قاطنيها من رسوم يكفي ويزيد لأن تكون طرقها علي المستوي السويسري من حيث القدرة علي استقبال الأمطار دون أن تتعطل مصالح البشر! كما أن لبناء ملاعب كرة القدم أسسا ومعايير دولية لامتصاص المياه وتصريفها دون أن يتأثر سطحها, ونحن نشاهد كل يوم مباريات الدوريات الأوروبية تحت سيول من الأمطار طيلة أشهر الشتاء والتي لا تتوقف تماما حتي في الفصول الأخري, وتبقي أرضية هذه الملاعب سليمة تماما ولا يتجمع فيها شبر ماء, لأنها أعدت بضمير ووفق المواصفات المطلوبة. الفارق في رأيي بين طرقهم وملاعبهم والطرق والملاعب عندنا هو أن من يبنيها عندهم يحمل قدرا أكبر بكثير من الاحترام لمن يستخدمها عما هو الحال بكل أسف عندنا.