أعربت المفوضية السامية لحقوق الإنسان عن قلقها العميق إزاء أحكام الإعدام الصادرة أمس ضد 529 شخصا فى مصر إثر محاكمة جماعية لم يكن معظم المتهمين فيها حاضرين بالمحكمة. وقال بيان المفوضية: إن العدد المذهل من الأشخاص الذين حكم عليهم بالإعدام فى هذه القضية لم يسبق له مثيل فى التاريخ الحديث، وإن الفرض الشامل لعقوبة الإعدام، إثر محاكمة محفوفة بالعديد من المخالفات الإجرائية، يمثل انتهاكا للقانون الدولى لحقوق الإنسان. وأضاف البيان أنه لا يجوز فرض عقوبة الإعدام إلا بعد اتباع كافة الإجراءات التى تلبى أعلى مستوى من احترام معايير المحاكمة العادلة والإجراءات القانونية الواجبة. إن إجراء محاكمة جماعية ل 529 شخصا على مدى يومين فقط لا يمكن أن يكون قد استجاب لأبسط المتطلبات الأساسية للمحاكمة العادلة ووفقا للفقه الدولى لحقوق الإنسان فإن "فرض عقوبة الإعدام عقب محاكمة لم تحترم خلالها أحكام العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يشكل انتهاكا للمادة 6 من هذا العهد"، حيث إن أكثر من ثلاثة أرباع المتهمين أى 398 شخصا حسب التقارير حوكموا غيابيا. وأدين المتهمون ال 529 بتهم مختلفة، بما فى ذلك العضوية فى منظمة محظورة (الإخوان المسلمون) والتحريض على العنف والتخريب والتجمع غير المشروع وقتل أحد ضباط الشرطة. وتتعلق جميع التهم بأحداث وقعت فى آب/أغسطس 2013 بعد الإطاحة بحكومة الرئيس محمد مرسى . وقد حصل هذا قبل عدة أشهر من إعلان جماعة الإخوان المسلمين جماعة محظورة من قبل السلطات المصرية. وإن التهم الدقيقة الموجهة لكل متهم غير واضحة حيث لم تتم تلاوتها فى المحكمة . ويقول محامو الدفاع: إنه لم تتوفر لهم الفرص الكافية للنفاذ للمتهمين وأن المحكمة لم تنظر فى الأدلة ذات الصلة التى قدمها الدفاع . ووفقا لمصادر كانت حاضرة أثناء المحاكمة ، فإن من بين المخالفات الإجرائية الأخرى ، أن القاضى لم يناد كل متهم بالإسم ، وأن بعض المتهمين الذين كانوا رهن الاعتقال أثناء المحاكمة لم يحضروا إلى المحكمة ، وأن القاضى لم يسأل عن التمثيل القانونى للمتهمين . وتسرى المادة 6 من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية - والتى صادقت عليها مصر- على البلدان التى لم تلغ عقوبة الإعدام. وهى تنص على أن "عقوبة الإعدام يمكن فرضها فقط بالنسبة لأشد الجرائم خطورة وفقا للقانون" و "بما لا يتعارض مع أحكام العهد" . وقد فسرت لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة أن هذا يعنى أن عقوبة الإعدام يجب أن تطبق فقط على جريمة القتل أو القتل المتعمد . والعضوية فى جماعة سياسية أو المشاركة فى مظاهرات لا تلبى بالتأكيد الحد الأدنى لتعريف "أشد الجرائم خطورة." إن المادة 14 من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تقتضى أن المتهم الماثل أمام المحكمة لديه الحق فى الوقت والتسهيلات الكافية لإعداد دفاعه وللاتصال بمحام يختاره بنفسه وفى الإطلاع (أو أن يكون قد اطلع) على شهود الإدعاء . وهذا مهم بشكل خاص فى الحالات التى تفرض فيها عقوبة الإعدام. ويبدو أن هذه الضمانات كانت غائبة إلى حد كبيرعن المحاكمة الجماعية فى مصر. و حسب التقارير فقد تقدم المحامون بدعاوى للطعن فى المحاكمة على أساس العيوب الإجرائية، مما يثير القلق بصفة خاصة أن هناك الآلاف من المتهمين الآخرين الذين اعتقلوا منذ يوليو الماضى بتهم مماثلة.