تأتي مشاركة مصر، علي مستوى الرئاسة، في القمة العربية بالكويت في إطار حرصها علي استعادة دورها المركزي والريادي في المنطقة، دفعاً للجهود العربية المشتركة في مواجهة المخاطر والتحديات التي تحيط بالأمن القومي العربي، خاصة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب الذي بات يهدد العديد من الدول العربية، ويزعزع استقرارها ووحدة أراضيها. وفي ذات الاتجاه، رحبت قمة الكويت بطلب مصر استضافة القمة العربية المقبلة ال26 في مارس 2015 وفقا للترتيب الهجائي للدول في الجامعة، وهي القمة التي ستأتي في ظل نظام سياسي جديد يتولي قيادة مصر، قلب العروبة الدائم، وفق أسس ومبادئ ثورة يناير المجيدة، وبالتالي من المنتظر أن تتبلور رؤية مصرية جديدة في هذا الشأن. والواقع أن أجندة القمم العربية باتت تحمل العديد من الملفات الثابتة، دون حركة تذكر إلي الأمام، فما زالت القضية الفلسطينية تمثل أولوية لا تغيب عن القمم العربية، ولم تفتر «عزيمة» القمم العربية عن الحرص علي تأكيد سيادة دولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث التي تحتلها إيران (طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبوموسى)، كذلك تستمر مكافحة الإرهاب هدفاً قائماً للقمم العربية دون تجسيد حقيقي، وجهود إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية، ومشروع النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان، وتقارير وتوصيات إصلاح وتطوير الجامعة العربية، كلها ملفات ما زالت في حاجة إلي جهد كبير لإنجاز ما بها من طموحات عربية، وقد أضفنا إلي ذلك ملفات هي نتاج ثورات الربيع العربي، حيث الأزمة السورية والأوضاع في ليبيا واليمن. واستناداً إلي ذلك، يظل «حديث المصالحة» قاسماً مشتركاً، بشكل أو بآخر، ومع اختلاف أطرافه، في كافة اجتماعات القمة العربية، ما يشير إلي غياب آليات ناجعة تكفل تقريب وجهات النظر بين الدول العربية، وإعلاء شأن القواسم المشتركة التي ينبغي أن يتأسس عليها العمل العربي المشترك. ومع التسليم بالدور الفعال للمؤامرات الخارجية في هذا الشأن، فإن الارتكان إلي ذلك كلياً، لا يدفع بالاتجاه الصحيح صوب تغيير الواقع المؤلم الذي تعيشه المنطقة العربية؛ فليس من شك أن العلاقات العربية/العربية في حاجة إلي إبداع سياسي يتبني وضع سياسات عربية تعبر بصدق عن وحدة المصير العربي، وهو أمر لا ينبغي الوثوق فيه في ظل ضعف التعاون الاقتصادي بين الدول العربية، حيث تشكل التجارة البينية فيما بين الدول العربية ما يقارب 6 في المائة من حجم التجارة الخارجية للدول العربية مجتمعة، وهو رقم شديد الدلالة علي ما بين الدول العربية من فجوات واسعة، تعكس بالقطع غياب إرادة سياسية عربية مشتركة. ورغم الثقل السياسي والاقتصادي الكبير لدولة الكويت، داخل الأسرة العربية، وعدم وجود خلافات مباشرة بينها وبين الدول الأعضاء، إلا أن انخفاض مستوى التمثيل العربي في قمة الكويت، لظروف صحية أو سياسية، يشير بصدق إلي تردي الأوضاع العربية، وتعرضها لأزمات فاقت ما يمكن أن تنهض به قمة الكويت. من هنا ينخفض سقف توقعات المصالحة في القمة العربية، حيث «الجرح عميق» كما صرح وزير خارجيتنا نبيل فهمي، مشيراً إلي الخلافات المصرية القطرية. كذلك فإن الخلافات، غير المسبوقة، داخل الأسرة الخليجية، تترك أصداءها علي أجواء القمة، وما يمكن أن تسفر عنه من نتائج علي طريق التوصل إلي نقاط اتفاق حول القضايا الخلافية بين الدول العربية. «الوفد»