فيما شككت واشنطن بمراجعة الأدلة والشهادات بشكل عادل، معتبرة أنها لا تتناسب مع المعايير الدولية، أعربت باريس عن "قلقها" لأحكام الإعدام التي صدرت بحق 529 من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في مصر. قال مسؤول أمريكي إن الولاياتالمتحدة تشعر ب"القلق العميق" لأحكام الإعدام التي أصدرتها محكمة مصرية بحق 529 من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الاثنين (24 مارس 2014). وذكر المسؤول في وزارة الخارجية: "رغم إمكانية استئناف تلك الأحكام، إلا أنه لا يبدو من الممكن في قضية تشمل أكثر من 529 متهماً مراجعة الأدلة والشهادات بشكل عادل ويتناسب مع المعايير الدولية خلال جلستي محاكمة فقط". ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن المسؤول الأمريكي، من دون تسميته، القول: "نواصل دعوة الحكومة المصرية إلى ضمان حصول جميع المعتقلين في مصر على إجراءات (قضائية) عادلة تحترم الحريات المدنية وتتفق مع المعايير الدولية. يجب تطبيق القانون بشكل متساو ودون تحيز سياسي". وأضاف المسؤول "قلنا مراراً إن الاعتقالات المسيسة وعمليات الاحتجاز والأحكام القضائية ستؤدي إلى تراجع العملية الانتقالية في مصر". وفي إشارة إلى تقارير إلى إمكانية حدوث أعمال عنف عقب صدور الأحكام، حذر المسؤول من أن ردود فعل من هذا القبيل لن تساعد أي من الطرفين. وأصدرت محكمة جنايات المنيا الاثنين أحكاماً بالإعدام على 529 شخصاً من أنصار الرئيس المصري الإسلامي محمد مرسي الذي أطاح به الجيش، في ختام محاكمة سريعة بشأن أعمال عنف وقعت خلال الصيف. ويبلغ عدد الموقوفين من المحكومين بالإعدام 153 شخصاً، أما الباقون فهم فارون من العدالة. وكانت المحاكمة بدأت السبت أمام محكمة جنايات المنيا وتمت تبرئة 17 من المتهمين خلال الجلسة الثانية التي عقدت اليوم الاثنين. وفي أول رد فعل على الصعيد الدولي، كانت فرنسا قد أعربت عن "قلقها" لصدور هذا الحكم، مؤكدة "معارضتها المبدئية لعقوبة الإعدام". وردت وزارة الخارجية المصرية في بيان أصدرته تعليقاً على الحكم بأنه "صدر عن محكمة مستقلة وبعد دراسة متأنية للقضية" وأن "المتهمين يستطيعون الطعن على الحكم أمام محكمة النقض". من جانبه قال رئيس الشبكة العربية لحقوق الإنسان المحامي جمال عيد إن هذا الحكم غير المسبوق في تاريخ مصر يعد "كارثة ومهزلة وفضيحة سيكون لها تأثير على مصر لعدة سنوات". كما اتهم أحد محامي الدفاع محمد طوسون القاضي بأنه أصدر حكمه بشكل متعجل انتقاماً من طلب رد المحكمة (أي تغيير أعضائها) الذي تقدم به المحامون في الجلسة الأولى. وقال إنه "لم يثبت حضور كل المتهمين وتوقف عند المتهم 51، وعندما طلب أحد المحامين رد المحكمة، انفعل وأعلن تأجيل المحاكمة 48 ساعة للنطق بالحكم". ويقول الخبراء القانونيون إن الطعن على الحكم أمام محكمة النقض سيؤدي على الأرجح إلى إلغائه بسبب القصور في إجراءات المحاكمة. كما أن عقوبة الإعدام لا تعتبر سارية، وفقاً للقانون المصري، إلا بعد تصديق مفتي الجمهورية عليها. ويمثل الثلاثاء 700 متهم آخر أمام المحكمة نفسها من بينهم العديد من قياديي جماعة الإخوان المسلمين خصوصاً المرشد الأعلى محمد بديع وغالبية هؤلاء أيضا فارون من القضاء. ويواجه المتهمون في القضيتين، البالغ عددهم الإجمالي قرابة 1200، اتهامات بالقتل والشروع في القتل واستخدام القوة والعنف ضد موظفين عموميين وتخريب منشآت للدولة وحيازة أسلحة دون ترخيص وأعمال عنف أدت إلى مقتل شرطيين اثنين الصيف الماضي بعد عزل مرسي في بلدتي العدوة ومطاي في محافظة المنيا. ويعتبر الإخوان المسلمون أن إطاحة مرسي في الثالث من يوليو 2013 كانت "انقلابا عسكريا"، بينما يؤكد الجيش المصري ومعارضو الإخوان أن عزل الرئيس السابق جاء استجابة لإرادة شعبية عبرت عن نفسها في تظاهرات حاشدة شارك فيها الملايين في 30 يونيو 2013 للمطالبة برحيل مرسي.