هناك حالة انقسام شديدة الآن بعد صدور قانون الانتخابات الرئاسية، رأى يرى أن تحصين اللجنة العليا للانتخابات مخالف للدستور، والآخر يرى أنها لا مخالفة أصلاً فى ذلك.. والرأى الأول هو الذى تبناه مجلس الدولة، الثانى تبناه المستشار الدستورى لرئيس الجمهورية كل هذا يقال فى الشارع السياسى، فى حين أن الأمر بخلاف ذلك لأن كل رأى من الرأيين يستند الى أسانيد وكلها صحيحة، ولما صدر مشروع القانون ليصبح نهائياً أخذت مؤسسة الرئاسة بالرأى الثانى وأوردت فى ذلك الحجج والأسانيد القانونية. والذى فعلته مؤسسة الرئاسة فى هذا الصدد كان صائباً جداً عندما رجعت فى هذا الصدد الى مجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا بصدد نص المادة «7»، وتبين أن جواز الطعن فى قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية يتنازعه رأيان، الأول: يرى وجوب إتاحة الفرصة للطعن فى قرارات اللجنة ويستند لنص المادة «97» من الدستور فيما تضمنته من حظر تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء وخلو الدستور من نص يحظر الطعن على قرارات اللجنة طبقاً لنص دستور 1971 والإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011. الثانى: يرى عدم جواز الطعن على قرارات اللجنة مستنداً لنص المادة «228» من الدستور فيما تضمنته من قيام لجنة الانتخابات الرئاسية القائمة فى تاريخ العمل بالدستور بالإشراف الكامل على أول انتخابات رئاسية تالية للعمل به.. وهذا يعنى طبقاً لما أورده المستشار الدستورى للرئاسة على عوض، استمرار تلك اللجنة بذات أوضاعها القائمة من حيث تشكيلها كهيئة ذات اختصاص قضائى أو اختصاصاتها أو طبيعة قراراتها. وقد أخذت الرئاسة بالرأى الثانى بالنص فى المادة «7» من القانون على عدم جواز الطعن فى قرارات اللجنة، رغم رجاحة الرأيين وتمتعهما بأسانيد قانونية صحيحة. لماذا أخذت الرئاسة بالرأى الثانى؟!.. تبنت الرئاسة مواقفها تأسيساً على ثلاثة أشياء وهى موافقة الحكومة ورأى المحكمة الدستورية العليا والشرط المهم الثالث هو طبيعة المرحلة الانتقالية التى تمر بها البلاد والتى تتطلب إنهاء كافة الاستحقاقات الدستورية بانتخاب رئيس للبلاد ومجلس نيابى فى أقرب وقت.. والأخطر من ذلك هو أن جواز الطعن فى قرارات العليا للانتخابات، بدءاً من فتح باب الترشح حتى إعلان النتيجة النهائية يمر من خلال خمس عشرة خطوة.. وكما يقول المستشار على عوض بافتراض تقديم طعن واحد فى أى من هذه الخطوات وكل منها يستغرق تسعة أيام، يكون أمام المحكمة الإدارية حوالى «6 شهور» قبل التوصل إلى انتخاب الرئيس. والظروف السياسية الحالية التى نمر بها تقتضى أن يتم تنفيذ خارطة المستقبل طبقاً لما هو مرسوم لها.. والوضع الحالى بشأن المرحلة الانتقالية يقتضى سرعة إنجاز الاستحقاقات الدستورية.. وبما أن الأمر لا يتفق مع طبيعة المرحلة فإنه يتعارض مع حكم المادة «230» من الدستور التى تنص على أن تبدأ الانتخابات التالية «النيابية» خلال مدة لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ العمل بالدستور.. ثم إن الدستور الحالى وإن لم يرد به نص صريح يحظر الطعن فى قرارات اللجنة العليا، إلا أن هذا استناد ضمنى على الأقل بالنسبة للقرار الصادر بإعلان النتيجة النهائية، لأن المادة «231» من الدستور تقول «تبدأ مدة الرئاسة التالية للعمل بهذا الدستور من تاريخ إعلان النتيجة النهائية للانتخابات» ولا يجوز ذلك وهى فى حالة طعن. الخلاصة أن الرأيين لهما أسانيدهما الدستورية والقانونية، ولكن طبيعة المرحلة الانتقالية وما تمر به البلاد ترجح تحصين اللجنة العليا لسرعة تنفيذ الاستحقاق الرئاسى طبقاً لخارطة المستقبل.