تؤدي قناة الجزيرة من الدوحة دورا مرسوما لها بعناية للحفاظ على النفوذ الأمريكي بالمنطقة منذ نحو 18 عاما مقابل حماية نظام الحكم في قطر الذي تتوارثه أسرة آل ثاني بعدما أثبت التاريخ ان نظام الحكم في هذه المشيخة الخليجية الصغيرة يقوم على الانقلاب من داخل الأسرة الحاكمة فقد غدر الأب بابن عمه وغدر الابن بالأب واخيرا أطاحت الزوجة موزة بنت ناصر المسند بزوجها حمد بن خليفة ليتولى الحكم ابنهما «تميم» الأمر الذي يفسر سلوك هذا النظام إقليميا ودوليا واتضحت الصورة عندما بعث صديق لي بفيلم وثائقي عن تاريخ الحكم في قطر وذكر أن المخابرات القطرية صادرت الفيلم ومنعت عرضه ولفت نظري في الفيلم الذي تتعدى مدته 30 دقيقة أن النظام القطري استخدم الإعلام خاصة قناة الجزيرة في الترويج لسياساته التي لا تشير من قريب أو بعيد الى الشأن القطري والفضائح السياسية والعائلية بل لا تتم الإشارة الى تاريخ الحكم الذي يقوم على الغدر والخداع بين ابناء العائلة الواحدة. ومن أمثلة هذه الفضائح أن عائدات النفط تذهب بالكامل الى حساب شخصي باسم الأمير – حوالي عشرة مليارات دولار – وأن أقل من عشرين بالمائة من هذا الدخل يصرف على سكان المشيخة وتبين أيضا أن الحاكم يمتلك حصة معلومة في جميع الشركات والمؤسسات العاملة في الدولة وأن جميع رشاوى وعمولات صفقات العلاج والسلاح تذهب الى الأمير وأولاده واوضح الفيلم الذي تجاهلته بالطبع قناة الجزيرة ان قطر الدولة العربية الوحيدة التي جاهرت وتفاخرت بعلاقتها بإسرائيل رغم عدم وجود ما يبرر، فهي دولة ليست في نزاع مع تل ابيب أو من دول الجوار مما يؤكد أن الولاياتالمتحدة اشترطت تطوير العلاقات الاسرائيلية القطرية نظير حصول الدوحة على ضمانات امريكية بدعم النظام الحاكم سياسيا وعسكريا من خلال وجود عسكري امريكي دائم في قطر وخاصة قاعدة العيديد الجوية يفوق عدده وامكاناته الوجود الأمريكي في القواعد الأخرى بالمنطقة واستشهد أن مدرج مطار العيديد يعتبر الأطول في جميع مطارات الشرق الأوسط اذ يبلغ طوله 4500 متر وبلغت تكلفة بنائه أكثر من مليار دولار رغم ان قطر لا تمتلك اكثر من 12 طائرة حربية!! وللبرهنة على أن بإمكان الأمريكيين الاعتماد على قطر في أوقات الشدة، فتح القطريون مدرجات الإقلاع الجوية أمام الطائرات الأمريكية لأداء مهام عسكرية ضد العراق في فترة التسعينات بعد رفض المملكة العربية السعودية السماح لهم باستخدام أراضيها. وكان أحد الباحثين الإسرائيليين واسمه «عوزي رابي» قد كشف ان تطبيع العلاقات القطرية - الإسرائيلية التي انطلقت عام 1996، عندما فتحت قطر أنابيب غازها على مصاريعها لإسرائيل جاء متزامنا مع قيام الشيخ حمد بن خليفة بتمويل قناة الجزيرة التي دمرت ما أسماه المسلمات الشرق أوسطية والعربية وقامت هذه القناة بالتدخل في الشئون الداخلية للأنظمة المجاورة، بما في ذلك المملكة العربية السعودية وتباعدت قطر عنها أكثر وأكثر، كما انعزلت أيضاً عن عدد من دول الخليج الأخرى منذ عام 1997، عندما رفضت التراجع عن قرارها باستضافة قمة دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي حضرها مندوب عن إسرائيل وهكذا يبدو واضحا أن النظام القطري لا يرى استمراره وفاعليته إلا من خلال أداء دور يفوق حجمه من حيث وضع قطر التاريخي وموضعها الجغرافي.