كثر الحديث خلال الأيام الماضية عبر الفضائيات والجرائد اليومية عما يسمى «بعودة ظاهرة التعذيب فى السجون وأقسام الشرطة» والجدير بالملاحظة هنا أن ذلك الحديث سبقه بفترة وجيزة الترويج لبعض المفاهيم التى تتحدث أيضا عن عودة الدولة البوليسية والدولة القمعية وسبق ذلك كله محاولات مستميتة لإحداث صدع فى العلاقة بين أبناء الشعب الواحد والعمل على تقسيمه الى فريقين أحدهما ينتمى إلى 25 يناير والآخر ينتمى إلى 30 يونية. ولا يخفى على أى منصف أو مدقق أن يدرك أن القصد مما يحدث هو إغراق البلاد فى حالة مستمرة من الفوضى حتى تتمكن تلك الجماعة الإرهابية من تحقيق أهدافها التى عجزت عن تحقيقها حتى الآن، ومازالت تحلم بالوصول إليها. واعتقد أن ما يدور الحديث بشأنه عن حالات التعذيب داخل السجون وأقسام الشرطة ما هو إلا حلقة من سلسلة متصلة تهدف إلى العمل على إيجاد شرخ فى العلاقة بين الشعب وابنائه العاملين بجهاز الشرطة وتعميقه أملا فى تكرار سيناريو عام 2011 عندما نجحت تلك الجماعة الإرهابية فى التأثير على مجريات الأحداث ودفع قطاعات من الشباب إلى الصدام مع الشرطة من خلال افتعال بعض الوقائع والصاق تهمه ارتكابها بالشرطة لتأجيج الغضب فى الصدور، واستغلال ذلك فى دفع الأمور الى الصدام تكريسا للفوضى وإضعافا وانهاكا للشرطة لتقويض أركانها وهدمها حتى تتمكن تلك الجماعة من الوصول إلى أهدافها. والملاحظة الثانية أن كل من تصدى للحديث بهذا الشأن كان حديثه مرسلاً لم يرد فيه اسم من وقع عليه التعذيب أو مكان الواقعة، واقتصر الأمر على ترديد روايات منسوبة لمجهولين!! والأكثر من ذلك أن بعض من تحدث فى هذا الشأن اكتفى بسرد ما ذكره الآخرون دون أن يكلف أى من هذين الفريقين أنفسهم محاولة إثبات أو التأكد مما يرددونه لإضفاء المصداقية على ما يحاولون الترويج له واكتفوا فى هذا الشأن بالإشارة الى أن ما يتحدثون بشأنه مسجل لديهم، وكأن ما يقوله أو يدعيه أى شخص بشأن تعرضه للتعذيب قول لاشك فيه بصرف النظر عن شخصيته أو انتمائه وما إذا كان صادقاً أو مغرضاً، بما يؤكد ضعف حجة المتحدثين فى هذا الشأن وقلة حيلتهم. ومن ثم يكون من يتحدث فى هذا الشأن بالطريقة السالف الاشارة إليها أى حديثاً مرسلاً خاليًا من الأدلة مثيراً للشك والريبة ويضع من يردد مثل هذه الأقوال فى خانة العملاء أو الطابور الخامس، أو بالأقل فى خانة المأجورين لتحقيق أغراض معينة. وأرجو ألا ينبرى أى من هؤلاء المتحدثين ويزعم أننى بصدد الدفاع عن فعل تجرمه القوانين والشرائع السماوية بحكم انتمائى إلى جهاز الشرطة والذى تشرفت بالعمل فيه ما يقرب من أربعين عاماً لأن الانتماء للوطن أشمل وأعمق، وكل ما يرجوه ويتمناه أى مخلص فى حب هذا البلد أن ينتشر الأمن والأمان فى ربوعه وأن نحافظ على كرامة جميع المواطنين فى إطار حقوق الإنسان. كما أرجو أن نتفق على أن 25 يناير،30 يونية يكونان مداً ثورياً واحداً، كان 25 يناير موجته الأولى وكان 30 يونية موجته الثانية التى صححت مسار 25 يناير بعد أن تمكنت تلك الجماعة الإرهابية من سرقة الثورة والقفز على موجتها الأولى للوصول إلى سدة الحكم. وأخيرًا.. أرجو أن ننهى الجدل المستمر منذ فترة طويلة حول بعض الأشخاص المنتمين الى الشباب وتم ايداعهم السجون طبقا لحكم صدر من محكمة مختصة لما ثبت فى حقهم من خرق للقانون .... لأنه لا صلاح لهذا البلد إلا باقرار القانون واحترام أحكام القضاء. كما يجب على البعض الذين يتاجرون بتلك القضية أن يكفوا عن المتاجرة بها وتوجيه النقد لأحكام القضاء حيث إن تناول أحكام القضاء بالنقد خارج الإطار الذى حدده القانون قد يضعهم بدورهم تحت طائلة القانون هم وغيرهم من الإعلاميين الذين يتحدثون فى ذلك الشأن بقصد ابتزاز الدولة ومؤسساتها تحقيقا لأغراضهم الخاصة، لأنه فى ظل سيادة دولة القانون لا عاصم لأحدِ من سيف القانون. .