مسرحية «رئيس جمهورية نفسه»، إحدي أهم أعمال الكاتب المسرحي الراحل ميخائيل رومان، أحد أعمدة الإبداع المسرحي بعد ثورة 23 يوليو 1952، مسرحه طليعي تقدمي، يسعي الي التنوير والتغيير ويعتبر علامة مهمة في مسيرة المسرح المصري، فقد تمكن من أن يخترق شخصية مصر بذكاء وثقافة موسوعية ونجح في تشريح خفايا وخطايا المجتمع المصري، كانت أهم قضايا «رومان» في مسرحه هي قضية القهر والاستبداد. كان ضد كل أشكال القهر ضد الإنسان، ولهذا كان يركز في مسرحياته علي أزمة الطبقات في مصر، كان يهتم دائما بقهر المثقف المصري في ظل أنظمة ديكتاتورية تسعي لنفي هوية الفرد.. كتب ميخائيل رومان مسرحيات: «الدخان» 1962، و«الليلة نضحك» 1966، و«الوافد» 1966، و«الخطاب 1967، و«الزجاج أو العرضحالجي» 1968، و«إيزيس حبيبتي» 1971، و«28 سبتمبر الساعة 5» 1970، و«ليلة مصرع جيڤارا» 1972، ونشرت مسرحياته «المعمار» و«المأجور» و«المزاد» و«هوليوود الجديدة» عام 1986 وبعد رحيله. كان ميخائيل رومان يجيد اللغة الانجليزية ولهذا كان يتابع المسرح العالمي بدقة وعمق وترجم عشرات الأعمال المسرحية والقصصية الي اللغة العربية. أما عن مسرحية «الدخان» التي نحن بصدد الكتابة عنها فهي تدور حول أزمة إدمان المخدرات وكيف تتحول فجأة الي كارثة اجتماعية تدمر المدمن وأسرته وتهدد مستقبله، وهي إحدي خيوط مؤامرة عالمية تدار لعزل شعوب بأكملها عن الحضارة الدوارة وما يتبعها من تداعيات لسقوط الأوطان.. خاصة تلك الأوطان التي تحاول بعد الثورات إثبات كيانها وتحقيق ما فاتها من تراجعات وتدن.. المسرحية قدمها المخرج سامح بسيوني وهو أحد نجوم الإخراج المثقفين المهتمين بالبحث عن رموز الكتابة المسرحية. قدم من المسرح العالمي والمصري ما يمكن أن نطمئن معه أن نقول إنه مخرج مصري ذو قضية، وعلي يديه مع رفاقه يمكن أن نستعيد هيبة المسرح المصري بكل روافده وكبريائه. المسرحية قدمها مسرح متروبول عبدالمنعم مدبولي بطولة النجم محمد رمضان الذي فاجأني بحضوره المسرحي الآثر الذي اندمج معه الجمهور وأحس أنه فنان مسرحي موهوب خاصة أنه يمتلك لياقة بدنية فائقة.. وذكاء وبرغم كثير من الانتقادات النقدية التي لاحقته في أكثر من فيلم سينمائي.. إلا أنني أري أنه يسير علي خطي الكبار.. قدم النص المسرحي «الدخان» أو «رئيس جمهورية نفسه» بأمانة وشعبية ونجح بخفة ظل فريدة في تقديم نموذج مسرحي مبهر.. وقدمت الفنانة دنيا عبدالعزيز دورها في بساطة وثقة تجعلنا نطلب منها عودتها الي الفن بقوة بعد أن غابت سنوات وكذلك الفنانة شمس التي تتميز بحس شعبي وخفة ظل مصرية خاصة بها.. وتميزت رباب طارق في تقديم دورها، وكذلك نيرمين كمال ومصطفي منصور أما علي عبدالرحيم فقد قدم دورا مهما لعله يفتح شهيته للمزيد من العمل في المسرح، وقدم المخرج هشام عطوة دورا يحسب له.. ويؤكد أن أداء المخرج ممثلا مهما كان قصيرا فله مذاق آخر. إضاءة إبراهيم الفرنسي مناسبة وديكور د. محمود سامي هادئ ومعبر عن النص وموسيقي كريم عرفة كانت موحية، هذا عمل مسرحي لكاتب كبير نجح المخرج سامح بسيوني في تقديمه في شكل شعبي كوميدي أحسبه يناسب العصر ويحقق الهدف معا.