على قائمة أولويات البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية تأتي مهمة لائحة تعديل انتخاب البطريرك المعروفة ب«لائحة 57» تلك التي أجريت وفقاً لها الانتخابات البابوية الماضية وسط تعهدات من الأنبا باخوميوس قائمقام البطريرك –حينئذ- بضرورة تعديلها بحسب اتفاق جرى مع المرشحين الثلاثة للقرعة الهكيلية وقتئذٍ «الأنبا رافائيل، والقمص روفائيل أفامينا، وثالثهم الأنبا تواضروس» الذي صار عقب إجراء القرعة البابا تواضروس الثاني «البطريرك رقم 118» للكنيسة الأرثوذكسية. كان تعديل اللائحة مطلباً شعبياً للأقباط، إزاء الرغبة في توسيع قاعدة الناخبين ممن لهم حق التصويت في اختيار البابا، ورفض قطاع واسع من الأقباط لترشح أساقفة الإيبارشيات على حساب الرهبان أو «مرشحي الصحراء»، وفقاً لتوصيفهم إبان الانتخابات البابوية، إضافة إلى توسع الكنيسة في المهجر بما لا يتناسب مع حصة أقباط المهجر في جداول الناخبين. بدأ البابا تواضروس الثاني فترته البابوية بحزمة تعهدات جاء في مقدمتها ضرورة إعادة ترتيب البيت الكنسي، وحسبما تشير الأجواء الكنسية فإن تعديل لائحة انتخاب البابا يعد الإجراء الذي ينتظره الأقباط على خلفية لجنة كلفها البطريرك لإجراء تعديلات على اللائحة تضم في عضويتها عدداً من أعضاء المجلس الملي ممن كانوا مشرفين على الانتخابات البابوية. إبان عدة اجتماعات للمجمع المقدس في الفترة الماضية ناقش أساقفة الكنيسة مسودة اللائحة، وقرر المجمع إدراج البت في التعديلات لحين إطلاع أعضاء المجمع المقدس وإبداء الرأي الكنسي، بما يضمن توافق شقي القرار إدارياً وكنسياً. ووفقاً لتصريحات المتحدث باسم الكنيسة، فإن المجمع المقدس شكل لجنة من كبار الأساقفة لبحث الرؤية النهائية للائحة، بينما خرجت تسريبات من اللجنة تشير إلى أن الخلاف بات منعقداً حول مسألة ترشح أساقفة الإيبارشيات باعتبارها المسألة أكثر جدلاً. على صعيد مساعي تعديل اللائحة، بعث التيار العلماني القبطي بمذكرة للمقر البابوي تتضمن رؤية تعديل اللائحة، متضمنة ضرورة إلغاء بند «القرعة الهيكلية» باعتباره إجراء دخيلاً على القانون الكنسي. مذكرة التيار العلماني تضمنت ضرورة مراعاة الظرف الزمني في عدد من البنود إضافة إلى حسم مسألة ترشح أساقفة الإيبارشيات. وقال مصدر كنسي، إن اتجاهين داخل المجمع المقدس بشأن اللائحة، الأول يرفض إدخال تعديلات على مسألة شروط الترشح والاكتفاء ب«توسيع قاعدة الناخبين»، بينما يذهب الاتجاه الآخر إلى إجراء تعديل شامل للائحة. وثمة أسباب متباينة لتأخر إقرار لائحة انتخاب البطريرك المعدلة تأتي في مشاورات كنسية حول بعض البنود الخاصة بالترشح، في حين يرى المفكر القبطي كمال زاخر منسق جبهة العلمانيين الأقباط، أن الشأن العام المصري الحالي فرض نفسه على كافة المؤسسات من بينها الكنيسة، لافتاً إلى أن البابا تواضروس يولي في الفترة الحالية اهتماماً خاصاً بالقضايا الوطنية. وقال زاخر ل«الوفد»، إن تعديل لائحة انتخاب البابا تمثل واحدة من أهم القضايا الكنسية، مشيراً إلى أنها تقع في قمة الهرم الإداري الكنسي ولا تحتمل الإنهاء السريع لها دون رؤية فاحصة ودقيقة. وأضاف منسق جبهة العلمانيين الأقباط: «ما زلنا نعيش مرحلة ما قبل الاستقرار الكنسي، بما يعني التأثير على مناقشات اللائحة من ناحية رغبة البعض في تسجيل مواقف فقط، دون رغبة حقيقية في استكمال المسار». وأشار زاخر إلى أن تعديل اللائحة يحتاج إلى قراءة فاحصة بأعين مفتوحة، واستطرد قائلاً: «إن التعديلات تأتي في شقين على النحو الآتي «إداري وكنسي»، لافتاً إلى أن الشق الكنسي قائم على ثوابت كنسية وتاريخية لا يستطيع أحد تجاوزها، في حين أن الشق الإداري يأتي في مراعاة مطالب العصر الحالي». وألمح زاخر إلى أن رؤية التيار العلماني في تعديل اللائحة تأتي في ثنائية الأصالة والمعاصرة، رافضاً الانسياق وراء تسريبات تنبثق من اللجنة تفادياً لاحتمالية خروجها على جناح يسعى لعرقلة التعديلات. وأعرب عن أمله في إدراج تعديل على شرط ترشح أسقف الإيبارشية، وإلغاء القرعة الهيكلية باعتبارها خارج نطاق القانون الكنسي، داعياً إلى تحلي أعضاء المجمع المقدس بجرأة التصدي للبنود المطلوب إلغاؤها. على الصعيد ذاته, قال المستشار منصف سليمان، عضو لجنة تعديل اللائحة، إن أساقفة المجمع المقدس يواصلون النقاش حول بنود اللائحة، لافتاً إلى أن إقرارها بشكل نهائي ربما يكون نهاية فبراير الجاري.