إذا حاولت أن تقرأ الأداء الحكومى منذ ثورة 25 يناير حتى الآن بعد 30 يونيو ستجد الآتى: أعقاب ثورة 25 يناير كانت حكومة أحمد شفيق هى التى تدير البلاد، وبعد ضغط شعبى من المتظاهرين على المجلس العسكرى فى مارس 2011 استقالت حكومة شفيق وأعلن المجلس العسكرى فى رسالته رقم 56 تكليف الدكتور عصام شرف بتشكيل الحكومة الجديدة.. "شرف" الذى قالت عنه الموسوعة الحرة "ويكيبيديا" إنه الوزير السابق الوحيد الذى شارك فى فاعليات ثورة 25 يناير التى خلعت النظام.. ورفع المتظاهرون "شرف" على منصة ميدان التحرير لإعلان تأييدهم له، ورغم ذلك وبعد أن حاول شرف وحكومته الاستجابة إلى المطالب الشعبية التى نادت بها المظاهرات من تحقيق العيش والحرية والكرامة الانسانية، فإنه عندما لم يستطع ذلك خرجت المظاهرات والاعتصامات مرة اخرى من الشركات والهيئات والحركات الثورية للمطالبة بإقالة حكومة شرف وتقدم دكتور عصام شرف وحكومته بعد ضعط شعبى باستقالته فى نوفمبر 2011 . ورشح بعد ذلك المجلس العسكرى الدكتور كمال الجنزورى لتشكيل الحكومة الجديدة فى 24 نوفمبر 2011 وبمجرد أن ترددت أنباء عن تشكيل دكتور الجنزورى للحكومة، تعامل معها المتظاهرون الموجودون بميدان التحرير حينها بسخرية نظراً لسن الجنزورى الكبيرة، مسجلين اعتراضهم على كونه أحد رجالات مبارك الذى ظل موجوداً تحت قيادته فى مناصب عدة حتى تم تعيينه رئيساً للوزراء فى عام 1996 قبل أن يرحل بعدها بثلاث سنوات ويتوارى تماماً عن الأنظار. وأتت الكارثة التى بدأت تلوح بإطاحة حكومة الجنزورى وحدثت مذبحة استاد بورسعيد التى راح ضحيتها ما يزيد على 73 من شباب الألتراس الأهلاوى وعشرات المصابين بعد اعتداء مسلحين بالأسلحة البيضاء عليهم فى غياب وتواطؤ للشرطة (حسبما أثبتت تحقيقات لاحقة للنائب العام) فاتخذ الجنزورى قراراً بإقالة محافظ بورسعيد وإقالة كل من مدير أمن بورسعيد ومدير مباحث بورسعيد وعلى خلفية المذبحة وقعت اشتباكات بين الألتراس والداخلية بمحيط الوزارة مما أسفر عن سقوط ضحايا جدد. وفى مارس 2012 بدأ عدد من المتهمين الأجانب فيما يعرف بقضية التمويل الأجنبى فى مغادرة مصر، بعد قرار النائب العام فى ذلك الوقت المستشار عبد المجيد محمود المفاجئ برفع أسمائهم من قوائم الممنوعين من السفر، لإسدال الستار على القضية التى أثارت توتراً حاداً فى العلاقات بين مصر والولايات المتحدة. وذلك بالرغم من صدور حكم قضائى بمنعهم من السفروارتفعت الأصوات وانتشرت المظاهرات التى طالبت برحيل حكومة الجنزورى ومحاكمتها. لنصل إلى الحكومة الرابعة التى سميت بحكومة الإخوان، والتى بدأت فى 24 يوليو 2012 مع بداية حكم الدكتور محمد مرسى الرئيس السابق وحتى 8 يوليو 2013 أى عام كامل, برئاسة الدكتور هشام قنديل واقترفت هذه الحكومة العديد من الأخطاء التى على رأسها إصدار دستور 2012 دون النظر إلى المعارضة الشديدة لهذا الدستور, وانسحاب عدد كبير من القوى السياسية من الجمعية التأسيسية للدستور, بالإضافة إلى بعض الحوادث مثل حادث قطار أسيوط الذى راح ضحيته عشرات الأطفال, ومقتل عدد من الجنود على الحدود, وحادث اختطاف جنود آخرين وأعقبه حادث مقتل 26 جنديا فى حادث غادر من قبل إرهابيين بالعريش كل هذا أدى إلى ثورة عارمة على تردى الأوضاع الأمنية إلى جانب عدد من الأزمات الاقتصادية فى البنزين والسولار وانقطاع مستمر للتيار الكهربائى إلى أن وصلنا إلى انتشار الإرهاب الذى كان القشة التى قصمت ظهر البعير ليخرج المشير عبدالفتاح السيسى بالمهلة الأخيرة 48 ساعة لتصحيح المسار, ولكن أصر مرسى وحكومة هشام قنديل على التعامل مع الوضع على أنه زوبعة فى فنجان, إلى أن خرجت تظاهرات 30 يونيو لتعزل مرسى وتقيل حكومة هشام قنديل ويعلن السيسى خارطة الطريق والمستشار عدلى منصور رئيساً للجمهورية بشكل مؤقت ويكلف الدكتور حازم الببلاوى بتشكيل الحكومة. شكل حازم الببلاوى حكومته فى 9 يوليو 2013 ومنذ هذا التوقيت تنتهج نفس السياسة التى تعاملت بها الحكومات السابقة ل30 يونيو. ولكن الشىء اللافت للنظر، ومع استمرار انقطاع التيار الكهربائى وأزمة الشلل المرورى التى تضرب شوارع الجمهورية بالكامل, إلى جانب تردى الأوضاع الاقتصادية والأمنية, وانتشار حوادث الاغتيالات والتفجيرات فى المديريات والأقسام ومقتل عشرات الضباط والمجندين يوميا فى مهاجمة الأكمنة الأمنية, أنه لم تخرج مظاهرة واحدة للمطالبة برحيل حكومة الببلاوى او حتى وزير الداخلية الذى أثبت عدم قدرته على إدارة المنظومة الأمنية لدرجة أن موكبه تعرض للتفجير.. سؤال يطرح نفسه ولا يجد إجابة: هل حصنت 30 يونيو الحكومة الجديدة من التظاهرات أم أن هذا تحصين أبدى لأى حكومة تأتى بعد 30 يونيو أياً كانت؟