منذ 25 يناير 2011م وحتى الآن تعاقب على مقر مجلس الوزراء الكائن بشارع قصر العينى وسط القاهرة، خمسة رؤساء وزارة، بدءا بالفريق أحمد شفيق الذى خلف أحمد نظيف فى الجلوس على مقعد رئيس الحكومة، مرورا بالدكتور مهندس عصام شرف والدكتور كمال الجنزورى ثم الدكتور هشام قنديل وحاليا الدكتور حازم الببلاوى. كان «العمر القصير» هو القاسم المشترك بين كل من هؤلاء الخمسة، في مرحلة انتقالية تنكمش حينا لتتمدد فى أحايين عديدة! كان «شفيق» جزءا من نظام مبارك فلفظه ثوار التحرير قولا واحدا، ورغم أن «شرف» أقسم يمين حكومته فى الميدان أولا فإن الميدان عاد ليطالب بإقالته معلنا تمرده ضد واحد ممن تظاهروا فيه يوما ما. وبالنسبة ل«الجنزورى»، فقد بدا تكليفه بالحكومة طلبا لنجدة فى وقت أزمة، لكن الأزمة حينها لم تنفرج إذ ظلت علاقة التوتر بين «الثوار» و«الحكومة» قائمة، مع ازدياد تأزم الحالة الاقتصادية عامة. وجاء «قنديل»، المحبوس حاليا، فى أول حكومة للرئيس المعزول، وبذل الرجل جهده لكن لم يحالفه حظ «الإخوان» فى كسب ود المصريين. الأزمات المتلاحقة منذ اندلاع الثورة، تضاعفت مع قدوم «الببلاوى» على رأس أول حكومة تم تشكيلها عقب عزل محمد مرسى، ومازالت حكومته ماضية فى عملها فى فترة يصعب وصفها بأنها «صعبة» لأنها فى الحقيقة أصعب من ذلك بكثير. «الشروق» تحاول فى السطور التالية الوقوف عند كل رئيس وزارة حالفه حظه فى قيادة الحكومة بعد الثورة لكن لم تحالفه الثورة نفسها. أحمد شفيق.. عيّنه «المخلوع» وأطاح به الميدان (29 يناير 2011- 3 مارس 2011) كلفه الرئيس المخلوع حسنى مبارك بتشكيل حكومة جديدة عقب استقالة حكومة أحمد نظيف بعد أيام قليلة من اندلاع ثورة 25 يناير المجيدة التى هزّت أركان نظام استقر على كرسى الحكم لثلاثة عقود. كان من المفترض أن يغادر شفيق المشهد السياسى عقب اضطرار رئيسه، وصاحب قرار تكليفه، «المتنحى» إلى مغادرة منصب الرئيس تحت ضغط جماهيرى ودولى واسع صحبه إعلان الجيش إقراره بمشروعية مطالب المحتجين. سقط مبارك فى 11 فبراير 2011 لكن أراد المجلس الأعلى للقوات المسلحة لحكومة شفيق ألا تسقط حينذاك، ودعا لاستمرارها باعتباره «حكومة تسيير أعمال» إلى أن يتم تشكيل حكومة جديدة. لم يستطع شفيق البقاء لشهر واحد فى الحكم عقب الإطاحة بمبارك، إذا اضطر إلى تقديم استقالة حكومته للمجلس الأعلى للقوات المسلحة فى الثالث من مارس عام 2011 قبل يوم واحد من مظاهرة كان مقررا تنظيمها بميدان التحرير من أجل إقالته بدعوة من بعض الحركات والائتلافات الثورية وجماعة الإخوان المسلمين. يتذكر المصريون حلقة تليفزيونية جمعت بين «شفيق» والروائى علاء الأسوانى، احتد فيها الأخير ضد رئيس الوزراء الأسبق، وارتفع صوت الاثنين وتداول الجمهور مقطع فيديو «الخناقة» باعتبارها جزءا من تفاصيل ثورة 25 يناير إذ لم يكن متصوّرا حدوث مثل هذه المشادة بين مواطن بدرجة «روائى» ورئيس الحكومة بهذا الشكل لولا حرية التعبير التى انتزعتها الثورة لشعبها. عصام شرف جاء من «التحرير» وأقاله «التحرير» (3 مارس 2011 - 22 نوفمبر 2011) فى الثالث من مارس عام 2011 أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بيانا حمل رقم 26 أعلن فيه قبول استقالة رئيس الوزراء الفريق «أحمد شفيق» وتكليف الدكتور عصام شرف بتشكيل الوزارة الجديدة. كان عصام شرف قد شارك فى مسيرة ضمت بعض أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة اتجهت إلى ميدان التحرير فى أثناء ثورة يناير، لذا لم يجد تكليفه اعتراضا من الحركات الثورية، وباركت جماعة الإخوان تسميته رئيسا للحكومة، وحلف اليمين الدستورية فى «التحرير» قبل أن يؤديه رسميا أمام المشير محمد حسين طنطاوى. عملت حكومة شرف فى أجواء مضطربة وسط مطالبات بحبس مبارك ومحاكمته واستعادة الأموال المهربة، ووقعت حوادث دامية فى أثناء توليه منصب رئيس الوزراء مثل «مذبحة ماسبير» التى وقعت فى أكتوبر عام 2011 تلتها أحداث محمد محمود فى نوفمبر من العام نفسه وانتهت باستقالته من منصبه. كمال الجنزوري رئيس حكومة «الإنقاذ» الصعب (25 نوفمبر 2011 25 يونيو2012) خلف الدكتور كمال الجنزورى، الدكتور عصام شرف فى رئاسة وزراء مصر، أواخر عام 2011 حيث أسند المجلس الأعلى للقوات المسلحة للجنزورى مهمة تشكيل «حكومة إنقاذ وطنى». جاء تكليف الجنزورى برئاسة الحكومة وسط استمرار المظاهرات المناهضة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة بميدان التحرير، واستقبل المتظاهرون وعدد كبير من الحركات الشبابية تكليف الجنزورى بالرفض. ونقل بعضهم اعتصامهم من التحرير إلى محيط مقر مجلس الوزراء بشارع قصر العينى وحدثت اشتباكات دامية على مدى خمسة أيام فى الثلث الأخير من شهر ديسمبر عام 2011 وأسفرت عن وفاة 17 شخصا وإصابة 1917، بحسب جمعية أطباء التحرير. وبحلول عام 2012 زادت متاعب حكومة الجنزورى، ووقعت مذبحة «استاد بورسعيد» التى راح ضحيتها نحو 74 قتيلا وعشرات المصابين بعد اعتداء مسلحين على مشجعى النادى الأهلى. وعلى الرغم من تكرار جماعة الإخوان قولها بأن حكومة الجنزورى تعمل بشكل جيد فإن البرلمان الذى يشغل نواب الجماعة غالبية مقاعده، شنّ حملة واسعة ضد الرجل. بحلول منتصف شهر يونيو عام 2012 أصدرت المحكمة الدستورية حكما بحل البرلمان واعتبره الإخوان «حكما سياسيا»، ورددت دوائر سياسية ما جرى فى اجتماع جمع بين الجنزورى ورئيس البرلمان الدكتور سعد الكتاتنى فى وقت سابق من حكم الحل بحضور الفريق سامى عنان رئيس الأركان السابق للقوات المسلحة، قال فيه الجنزورى مخاطبا الكتاتنى بانفعال إن «حكم حل البرلمان فى الدرج». فى الخامس والعشرين من يونيو 2012 قدّم الجنزورى استقالته من رئاسة الوزراء وذكرت مصادر رسمية أن المشير طنطاوى قبل الاستقالة لكن كلفه بتسيير أعمال الحكومة لحين تشكيل وزارة جديدة. هشام قنديل أول رئيس وزارة ب«لحية» (24 يوليو 2012 - 8 يوليو 2013) كلفه الرئيس المعزول محمد مرسى فى الرابع والعشرين من يوليو عام 2012م بتشكيل حكومة جديدة خلفا لحكومة الدكتور كمال الجنزورى التى شغل قنديل فيها منصب وزير الموارد المائية والرى. وكان قنديل المولود فى سبتمبر عام 1962 أصغر رؤساء الحكومات فى تاريخ مصر سنّا، كما كان أول رئيس وزراء لمصر له «لحية» ما أثار الشكوك حول انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين إلا أنه نفى ذلك مرارا. حين أصدر مرسى إعلانه الدستورى فى 22 نوفمبر 2012، دافع عنه هشام قنديل وقال فى مقابلة مع السى إن إن: «جوهر الإعلان الدستورى هو بناء المؤسسات الديمقراطية فى مصر». لم تعش حكومة الدكتور قنديل طويلا فبعد أقل من عام على تشكيلها قدم رئيسها استقالته فى الثامن من يوليو الماضى فى أعقاب عزل مرسى «احتجاجا على الأحداث المؤسفة التى شهدتها البلاد». وانتهى المطاف بقنديل سجينا بسبب عدم تنفيذ حكم قضائى بعودة شركة طنطا للكتان للدولة التى سبق خصخصتها عام 2005. حازم الببلاوي رئيس حكومة «استثنائي» (9 يوليو 2013 - حتى الآن) شغل الدكتور حازم الببلاوى منصب رئيس الوزراء فى فترة استثنائية من تاريخ البلاد عقب عزل الرئيس المعزول محمد مرسى من منصبه. مستقبلا، سيرتبط اسم الدكتور الببلاوى بقرار اعتبار جماعة الإخوان «تنظيما إرهابيا» بعد عام واحد قضته الجماعة فى سدة حكم أكبر دولة عربية، وإصدار دستور 2014. اللجان الشعبية «عدى يامتر»، كان هذا رد أحد الأهالى الذين انتشروا فى «المحروسة» لحمايتها، خلال أيام الثورة بعدما اطلع على كارنيه نقابة الصحفيين الخاص بى. كنت أذهب إلى ميدان التحرير وأعود إلى حى شبرا سيرا على الأقدام، لأواجه كل 10 أمتار تقريبا كتيبة من «المواطنين الشرفاء» مدججين بجميع الأسلحة لتأمين الأحياء. «جايين علينا بالآلى من أبو وافية»، كان هذا النداء يدوى فى أرجاء منطقتى «الخلفاوى»، كل بضع دقائق، ليشهر الأهالى جميع أنواع الأسلحة، إلا أن أيام الثورة مرت، ولم يهجم علينا «هؤلاء الأشباح». محمد سالم الإعاشة والتعايش أن تعيش وتتعايش مع مجمتع طائفى بطبعه فهذا لا يمكن، إلا أن القاعدة كسرها ميدان التحرير وحده، مدينتى الفاضلة التى قضيت بها 18 يوما منفصلة، علمنى قاطنوها معنى الحياة معا، وأن «اللقمة الهنية تكفى مية»، حتى اعتدت فى آواخر الأيام أن أذهب بما يجود به جيبى البسيط من طعام وأدوات طبية لأهلى بالتحرير، دون أن أهتم بمن يحمل مصحفا أو صليبا... فعلمتنى الثورة ومازالت أن أتعايش مع الجميع تحت مبادئ تلك المدينة الفاضلة التى تحولت لواقع داخل محيط التحرير. رانيا ربيع