خلال الأيام القليلة القادمة تعلن اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية عن فتح باب الترشح لانتخاب رئيس الجمهورية.. الاستعدادات تتم علي قدم وساق من أجل تلقي طلبات الترشيح لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة وحيادية لا تشوبها شائبة.. رئيس الجمهورية أعلن عن طرح مشروع تعديل قانون الانتخابات الرئاسية وطرحه علي الحوار المجتمعي وتعديل مواده قبل اعتماده رسمياً.. مشروع القانون اشترط ألا يكون المرشح قد سبق له الحصول علي جنسية دولة أخري وأن يكون حاصلاً علي مؤهل عال.. والسماح للوافدين بالتصويت في لجان خاصة، كما حدث في الاستفتاء علي الدستور.. كما أباح القانون للقضاة المشرفين علي لجان التصويت الإدلاء بأصواتهم في تلك اللجان.. ونص علي إجراء الانتخابات الرئاسية علي يومين وأن تتم أعمال الفرز في اللجان الفرعية.. ومن أهم نقاط مشروع قانون الانتخابات الرئاسية وضع حد أقصي للإنفاق وقدره عشرة ملايين جنيه ومليونان في حالة الإعادة لكل مرشح، ويتم ذلك من خلال حساب خاص بالبنوك وتحت إشراف الجهاز المركزي للمحاسبات. ولأن باب الترشح للانتخابات الرئاسية لن يفتح قبل يوم 18 فبراير الحالي طبقاً للنص الدستوري الذي حدد الموعد بعد التصديق علي الدستور بشهر كامل، لذلك لم يطل علينا مرشح برأسه لإعلان ترشحه لمنصب رئيس الجمهورية.. كل ما في الأمر هو عبارة عن تكهنات ومناوشات بين المرشحين.. فهناك من يعلن ترشحه مثل حمدي صباحي ولكنه يعود للتراجع عن تصريحاته ليعلن عدم حسم موقفه متقدماً بقدم ومتأخراً بقدم أخري.. فلا أحد يعلم حتي الآن ما إذا كان حمدين سيتقدم للترشح أم لا.. فهو تارة يعلن ترشحه وأخري يعلن أنه في انتظار من يتقدم للترشح ويقدم برنامجاً تتوافق عليه جبهة الإنقاذ ويحقق مطالب الثورة للشعب في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.. فإلي الآن موقفه في حالة الغموض وفي الأغلب الأعم أن حمدين سينسحب من السباق الرئاسي في حالة ترشح عبدالفتاح السيسي.. لأن حمدين قد ينضم إلي الفريق الرئاسي للسيسي وربما يحصل علي منصب ما في مؤسسة الرئاسة مع المشير.. الفريق أحمد شفيق المرشح الرئاسي السابق الذي نافس الدكتور محمد مرسي بقوة أعلن عن عدم ترشحه أيضاً في حال ترشح المشير السيسي.. الفريق سامي عنان رئيس أركان الجيش المصري السابق أعلن عن ترشحه لمنصب رئيس الجمهورية ويعمل الآن علي إعداد برنامجه، ولكن هناك محاولات لإثنائه عن عدم الترشح.. عمرو موسي المرشح الرئاسي السابق أعلن عن عدم ترشحه للمنصب ويري أن المشير السيسي هو أنسب من يقود البلاد خلال الفترة القادمة.. وهناك آخرون يستعدون للترشح فور فتح الباب مثل عبدالمنعم أبوالفتوح الذي سيتعرض لضغوط كثيرة ليكون مرشحاً للإخوان والتيار الإسلامي.. وربما تحدث مفاجآت في موضوع ترشح أو عدم ترشح المشير السيسي. قال الشعب المصري العظيم كلمته في الاستفتاء علي الدستور «نعم» للدستور «نعم» لثورة 30 يونية.. «نعم» للمشير السيسي الذي انحاز هو وجيش مصر إلي جانب الشعب وأطاح بحكم المرشد، وعزل محمد مرسي الذي انحاز للأهل والعشيرة والجماعة الذين عملوا علي ابتلاع مقدرات الدولة لصالحهم.. ولم ينحازوا إلي الشعب الذي أكرمهم وأتي بهم علي عرش البلاد ولكنهم لم يحفظوا الجميل، مصر في حاجة إلي مرشح يأتي برنامجه من قول الله تعالي «الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف».. فبعد مرور ثلاث سنوات عجاف من قيام ثورة 25 يناير وحتي الآن لا تزال البلاد تتخبط وفي حالة تراجع أمنياً واقتصادياً وعدم استقرار سياسي وتدهور في علاقاتها الدولية، خاصة مع أمريكا والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي.. الذين أصيبوا بالعمي جميعاً حين رأوا ثورة 30 يونية انقلاباً انحيازاً لوجهة النظر الإخوانية.. ولم يروا شعباً خرج في 30 يونية بالملايين وفي 26 يوليو حين خرج لتفويض الجيش والشرطة في التصدي للإرهاب ومحاربة الإرهابيين.. علي كل حال فإن الرئيس القادم أمامه تحديات خطيرة أبرزها التصدي للإرهاب والقضاء عليه وتوفير الأمن الاجتماعي قبل أمن الدولة ووقف تدهور الحالة الاقتصادية وبث الأمل في نفوس المصريين، خاصة الشباب. هناك شبه إجماع شعبي علي شخصية المشير السيسي الذي يعتبره الكثيرون بطلاً شعبياً.. ولكن هل من الأفضل للبلاد أن يظل السيسي قائداً عاماً للقوات المسلحة ووزيراً للدفاع؟.. أم يأتي رئيساً للدولة وقائداً أعلي للقوات المسلحة؟.. نعلم أن السيسي أحد العناصر المهمة في تحدي الإرهاب وأحد عوامل الحل في هذه المشكلة المستعصية.. ولكن السيسي رئيساً هل يزيد من حدة العمليات الإرهابية لأن الإخوان يعتبروه عدواً لدوداً لهم.. فهل سيتقبلونه بسهولة أم سيصعدون من عملياتهم ضد الشعب والجيش والشرطة؟.. «السيسي» يمثل خطراً علي المشروع الأمريكي لتقسيم الشرق الأوسط.. وكذلك خطراً أكبر علي التنظيم الدولي للإخوان الذي يقاتل معركته الأخيرة وسيسحق فيها تحت أقدام الشعب العظيم.. فلتذهب الجماعة إلي الجحيم وليبق الشعب الذي قام بثورتين عظيمتين غير مسبوقتين في التاريخ.. السيسي في مواجهة المستقبل أمامه مسئوليات جسام وقضايا كثيرة وكبيرة داخلياً وخارجياً وما لم يساعده الشعب في المواجهة كما فوضه في 26 يوليو.. فمن الأفضل أن يظل وزيراً للدفاع بعيداً عن الصداع ووجع الدماغ. إذا جاء السيسي الذي لم يقرر حتي الآن الترشح لرئاسة الجمهورية فعليه أن يعد ويقدم فريق عمل مخلصاً لوطنه، يضع برنامج عمل طموحاً وسريعاً يمكن تطبيقه علي أرض الواقع من خلال حكومة شبابية لها رؤية وقدرة علي حل المشكلات المستعصية مثل البطالة والعشوائيات وغياب الأمن وإنهاء سيطرة البلطجية علي الشارع.. وأولاد الشوارع وتزايد معدلات الفقر.. حل مشاكل العمال والفلاحين والصناع والتجار والمستثمرين.. حكومة إحياء الأمل في نفوس الشباب من خلال فتح أبواب الرزق له.. لابد أن يتضمن برنامج السيسي استراتيجيات إعادة بناء مصر من جديد دون الاعتماد علي المعونات من الخارج عربياً أو أجنبياً وإعادة عزة وكرامة مصر.. لابد من برامج توفر للمصريين حياة كريمة ومسكناً وعلاجاً وتعليماً وانتقالات.. لابد أن يحذر فتنة الإخوان الذين يريدون تدميره وتدمير الوطن وفتنة الفلول الذين يريدون عودة عقارب الساعة للوراء، فلا أمل للبلاد إلا بالشباب والشخصيات المحترمة التي لم تفسد ولم ترتش ولم تسرق ولم تستحل المال العام.. لقد أحسن المجلس الأعلي للقوات المسلحة حين قال لقائده: «تصرف وفق ضميرك وإرادة الجماهير أمر مطاع».. ترك الأمر للمشير السيسي ليقول كلمته لأن جيش مصر لا ينحاز لأي مرشح ويقف علي مسافة واحدة من كل المرشحين.. فمن يكون رئيس مصر القادم؟